عفواً ولي الأمر

03:16 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

لا شك أن علاقات أولياء الأمور بإدارات المدارس، تجسد أسمى معاني الروابط المجتمعية، التي قد نصادفها في حياتنا، فكلاهما شريك أساسي في مسيرة بناء الأجيال وتسليحها بالعلم والمعرفة، فمسؤوليتهما مشتركة، وأدوارهما تكاملية وممتدة تصل إلى حد الاستدامة، وسلوكياتهما تنعكس بالضرورة على الطلبة إيجابياً أو سلبياً.
هنا لا نستطيع أن نلخص تلك العلاقات في مجرد التواصل، ليطمئن الأب على ابنه، أو لتطالب المدرسة برسوم التعليم، بل الأمر أعمق في المضمون، وأهم في الهدف، إذ يستند إلى ركائز أخرى أكثر أهمية، تبدأ بالتربية وغرس الأخلاق وتصحيح المفاهيم الفكرية لدى الطالب، وتنتهي بنور العلم والتأهيل التعليمي، ومن المؤكد أن للطرفين نصيباً في تلك المهمة.
ونحن مع الرأي الذي يؤيد قداسة المدرسة وحرمتها، واحترام مقتنياتها، ومكوناتها، وكوادرها بمختلف تخصصاتها، فلا يجوز أن يعتدي ولي أمر على معلم أو أي كادر آخر أثناء تأدية عمله، لفظياً أو بأي شكل آخر، لمجرد أنه «زبون» سدد رسوم تعليم أبنائه، فاعتقد خطأً أن له حق التلفظ بمعلم أو التنمر بموظف.
استوقفني موقف غير إنساني، عند زيارتي لإحدى المدارس الخاصة منذ أيام، إذ تنمر ولي أمر «لفظياً» على موظفة بالهيئة الإدارية في المدرسة، عندما رفضت ردّ رسوم تسجيل أبنائه وفقاً للقانون، لتقف مكتوفة الأيدي، لا حول لها ولا قوة، أمام سيل الألفاظ غير اللائقة وأسلوبه التهجمي المتنمر، وهذا طبعاً لأن «الزبون دائماً على حق»، ليأخذنا سلوكه إلى عصر الجاهلية الذي لم نعد نراه إلا في كتب التاريخ.
مع الأسف، لم يدرك بعض أولياء الأمور ماهية العلاقات التي تربطهم بمدارس أبنائهم وأهميتها، ومدى تأثير سلوكياتهم سوء كانت «إيجابية أو سلبية»، على أبنائهم وغيرهم، والسؤال: إذا كان تعامل ولي الأمر مع الموقف بهذا الابتذال، فكيف سيتعامل ابنه مع إدارة مدرسته ومعلمته في المواقف اليومية التي يعيشها؟.
الهيئات الإدارية والتدريسية في بعض المدارس الخاصة، تتحمل الكثير من التجاوزات، التي تخرج عن حيز العملية التعليمية، وتصل إلى السب والقذف، وقد تتطور إلى التشابك بالأيدي، لتنظرها مراكز الشرطة وساحات القضاء، وهذا مؤشر خطير يجب الانتباه إليه حتى نحمي سلوكيات وأخلاقيات الصغار من أفعال الكبار.
نعم يدفع ولي الأمر رسوماً للمدرسة، ولكن فقط لتعليم أبنائه، وليس لتشغيل كوادرها، وأبداً لم يكن له حق التهكم على أي كادر فيها، ويجب أن يتعرف على دوره الحقيقي وحقوقه، وليعلم الوالدان بأن «كل إناء بما فيه ينضَح».
وعلى المدارس أن تحتمي بقوة القانون، وتتخذ إجراءاتها، ضد أي سلوك يشذ عن قواعد اللياقة في مؤسسات العلم، ولنجعل «شعار الأخلاق» رمزاً يعلو منابر المعرفة، وحسن التعامل سمة الجميع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"