عادي

كوبا والصين في مواجهة «كورونا»

03:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
فيجاي براشاد *

منذ بدء انتشار وباء كورونا عبر العالم، سارعت كوبا إلى إرسال فرق طبية لمساعدة الكثير من بلدان العالم. والصين أيضاً تقدم عوناً الى كثير من البلدان.

قبل بضعة أسابيع، كنت أتحدث مع المفكر والعالم نعوم تشومسكي بشأن حالة العالم. وفي إحدى اللحظات، ابتسم تشومسكي وقال إنه ليس على علم بأن أي أطباء ألمان ذهبوا الى إيطاليا (إحدى أكثر بلدان العالم تأثراً بوباء كورونا) رغم أن كلا البلدين عضو في الاتحاد الأوروبي. في المقابل، ذهب أطباء كوبيون وصينيون إلى إيطاليا من أجل مساعدة الإيطاليين في مكافحة الوباء العالمي.

لا عجب إذاً أن يكون نشطاء قد نظموا حملة من أجل جمع تواقيع على عريضة تدعو لمكافأة العاملين الطبيين الكوبيين بمنحهم جائزة نوبل للسلام. والسبب هو أن وزارة الصحة العامة الكوبية سارعت إلى تعبئة فرق طبية ذات كفاءات عالية وإرسالها إلى مجموعة كبيرة من البلدان عبر العالم - خصوصاً منها فرقة هنري ريف (نسبة الى اسم المقاتل الأمريكي الذي شارك في حرب الاستقلال الكوبية).

وسبق أن منحت منظمة الصحة العالمية هذه الفرقة (في العام 2017) جائزة مرموقة مكافأة لها على دورها الكبير في مكافحة وباء إيبولا في غرب إفريقيا. وتسلم تلك الجائزة الدكتور فيليكس باييز، الذي كان قد عمل ضمن بعثة إنقاذ ذهبت الى باكستان في أعقاب زلزال العام 2005، ثم في سيراليون في 2014 لمكافحة وباء إيبولا. وقد أصيب باييز بعدوى إيبولا، فذهب للاستشفاء في سويسرا وكوبا، ثم عاد الى سيراليون لكي يواصل مهمته.

وجذور الأممية الطبية الكوبية تعود إلى بدايات الثورة الكوبية في العام 1959. فمع أن كثيرين من الأطباء هجروا البلاد إثر تلك الثورة، إلا أن الشعب الكوبي سارع إلى إرسال بعثات لإغاثة منكوبي زلزال ضرب التشيلي في مايو/ أيار 1960. وكانت تلك أيضاً بداية مهمات إغاثة طبية كوبية في الجزائر، وأنغولا، ونيكاراغوا، ثم في فيتنام. كما أرسلت كوبا فرقاً من أجل تدريب طلاب طب في كثير من البلدان عبر العالم.

وكل ذلك باسم ما أعلنته كوبا «مهمة طبية أممية» من أجل تدريب عاملين طبيين عبر العالم، إضافة إلى إرسال فرق أطباء وعاملين طبيين إلى الخارج. ومنذ العام 2005، دربت كلية العلوم الطبية في كوبا أكثر من 29 ألف طبيب من أكثر من 100 بلد.

ومن جهتها، كانت جمهورية الصين الشعبية قد أرسلت أول فريق طبي إلى خارج حدودها في العام 1963، وكان ذلك إلى الجزائر غداة استقلالها. ومنذ ذلك الحين، بنت الصين مستشفيات ومراكز طبية في الجزائر، وعالجت نحو مليوني مريض في هذا البلد. ومنذ منتصف مايو/ أيار الفائت، يعمل في الجزائر فريق طبي صيني يضم اختصاصيين في معالجة مرض «كورونا».

وقبل بضع سنوات، كنت في رحلة بالقطار من فاس إلى الرباط عندما التقيت فريقاً من أطباء صينيين كانوا يعملون في المغرب. وكان أولئك الأطباء أعضاء في بعثة طبية صينية عملت في مستشفيات حكومية في مدينتي شفشاون وتازة. وخلال الوباء الحالي، أرسلت الصين إلى المغرب عدة رحلات جوية حملت تجهيزات ومواد طبية من أجل مكافحة الوباء. ويواصل هؤلاء العاملون الطبيون الصينيون الآن مهمتهم في المغرب.

وقد اكتسبت الصين خبرة مهمة خلال معركتها لمكافحة الوباء الحالي، فأرسلت خبراء وفرقاً طبية الى كثير من البلدان عبر العالم، بما فيها بوركينا فاسو، وفنزويلا وإيران. وفي السودان مثلاً، نظمت البعثة الطبية الصينية منتدى في مستشفى الصداقة في أم درمان حول سبل الوقاية من فيروس «كورونا» ومنع انتشاره.

وتشرف الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي (وكالة تنفيذية تابعة مباشرة لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية) على المهمات الطبية الصينية عبر العالم. ولا بد من الإشارة الى أن هذه الوكالة ركزت جهوداً كبيرة من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني، حيث أرسلت فريقاً من خبراء طبيين إلى فلسطين في 11 يونيو/ حزيران. كما أن الصين قدمت تبرعاً بقيمة مليون دولار الى وكالة (الأونروا). وتقدم الوكالة خلال فترة الوباء الحالية خدمات أساسية إلى الشعب الفلسطيني.

جدير بالذكر أن كوبا تواصل مجهودها الطبي الأممي هذا على الرغم من الحصار الأمريكي. وقد حصلت كوبا على مساعدات صينية كبيرة منذ بدء تفشي الوباء الحالي. وفي الوقت الراهن، تنسق الصين وكوبا جهودهما العالمية من أجل مكافحة الوباء.

* مؤرخ وصحفي ومعلق هندي - موقع «كاونتر بانش»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"