«الاستكشاف».. توعية بأنشطة ترفيهية

أطلقه مركز صعوبات التعلم بالشارقة
04:45 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: فدوى إبراهيم

أن يكتشفوا ذواتهم هو جل ما يحتاج إليه الطلبة الذين يعانون صعوبات التعلم، وما وفره لهم برنامج «مشروع الاستكشاف» وضعهم في الطريق الصحيح، ومنحهم الأدوات التي تمكنهم من التفكير النقدي وتحديد الأهداف وبناء الثقة بالنفس واختيار التخصص الدراسي المناسب، وغير ذلك ما يقودهم إلى التعَلم والتكيف مع الحياة.
جاء مشروع الاستكشاف، الذي أطلقه مركز صعوبات التعلم التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في 25 مارس/ آذار الماضي ويختتم بعد غد، بهدف توعية الطلبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-22 سنة من ذوي صعوبات التعلم، وذلك من خلال دورات تدريبية وتوجيهية بالتعاون مع كلية بيكن الأمريكية لمدة 12 يوماً بمشاركة 16 طالباً من الذكور والإناث، إلا أن البرنامج لا يخلو من الأنشطة الترفيهية التي لها دور كبير في خلق الجو المثالي والمريح للطلبة وخلق فسحة داخل نفوسهم.
أساسيات التعلم واكتشاف الذات، الخريطة الشخصية للنجاح، الإنترنت والإعلام الرقمي، هي المرتكزات التعليمية الرئيسية الثلاثة للبرنامج، الذي استطاع خلال أيام معدودة أن يغوص في أعماق طلبته، بل وجعلهم يتمنون تكراره كل حين وآخر، خاصة وأن المقرر التعليمي يقدم بطريقة تفاعلية غير مملة وبعيدة عن التقليدية. مع عدد من متلقي البرنامج
التقينا بالشابة رنيم قواسمة، طالبة تكنولوجيا الوسائط المتعددة في الجامعة، تقول إنها انضمت للمشروع بدعوة من جامعتها التي كان بينها وبين منظمي المشروع تنسيق، ولأنها تعاني بعض مشاكل التعلم المرضية كانت ترغب في أن تطور نفسها، وتحدثنا قائلة: «أعاني صعوبة في الحسابات والرياضيات بشكل عام، وبالأخص فهم الجمل الطويلة في أي تخصص، حيث لا بد أن أقرأ الجمل ببطء شديد كي تثبت في ذاكرتي، ودون ذلك فإن الكلمة الأولى والثانية في الجملة الواحدة سرعان ما تتلاشى من ذاكرتي حين الوصول للجملة الأخيرة، وهو أمر سبب لي بعض المشكلات في الدراسة واكتشفته حين كان الطلبة من حولي يفهمون ما تعنيه المعلمة بينما أنا أطلب إعادة الجمل التي قيلت كي أفهمها»
وتسترسل قواسمة: في المشروع وجدت أنني بدأت أتلقى معلومات لم تمر عليَ من قبل، فهي معلومات تركز على استكشاف الذات، التعرف إلى المشكلة أكثر وكيفية تجاوزها، الثقة بالنفس، التحفيز الذاتي وتحدي العوائق، وطريقة تحديد أهداف المستقبل للاندماج بالمجتمع والتعامل معه دون الشعور بالاختلاف، كل ذلك كان ملهماً لي وهو ما لم أكن أدركه، حيث كان جل تركيزي على تجاوز مشكلتي لكن دون التطرق لأهمية تلك الأساليب النفسية في التجاوز.

تقوي العزيمة

يقول هاشم محمد، طالب في مدرسة أبو عبيدة الجراح، إنه للمرة الأولى يشارك في نشاط تثقيفي من الممكن أن يساعده على تجاوز بعض المشكلات التي يمر بها من يعانون صعوبات التعلم، وأثمرت التجربة عن الكثير من الفائدة التي لم يكن يتوقعها، فكانت تجربة تستحق التكرار مراراً، ويضيف: كل ما تلقيته من معلومات كان جديداً بالنسبة لي، فتطوير الذات من أكثر الأمور أهمية لذوي صعوبات التعلم الذين يجب أن يعتادوا على حالتهم الصحية، على أن لا تكسر من عزيمتهم، بل يكافحوا ويتحدوا الصعاب لأجل إثبات قدراتهم في المجتمع وعلى مستويات عدة. ويشير محمد إلى أنه من محبي التاريخ الحديث ويقرأ الكثير من الكتب في هذا المجال، ورغم كونه شاباً لا يشعر أن وسائل التواصل الاجتماعي مصدر للمعلومات، منوهاً بأن التدريب على كيفية تحديد الأهداف وتحقيقها والطموحات كان من أكثر الأشياء التي جذبته في مشروع الاستكشاف.
لعل تخصصها الدراسي بالإضافة لكونها من ذوي صعوبات التعلم قاداها لأن تكون ضمن الفريق المختار للمشاركة في مشروع الاستكشاف، تقول عائشة شهيل، طالبة في كليات التقنية العليا بالشارقة، تخصص اجتماع: لقد كان لدي نوع من ضعف الثقة بالنفس، ووجدت في مشروع الاستكشاف البيئة الملائمة التي تجعلني أطور نفسي، فكوني أدرس تخصص الاجتماع أجد نفسي بحاجة جداً لأن أقوي معلوماتي في التنمية الذاتية وأنمي فيها ذاتي أيضاً، وليس ذلك فحسب بل إن التوازن بين الترفيه والتعليم الذي شهدناه في المشروع له الأثر النفسي الكبير علينا، ولأنني أحب أن استمع للآخرين وجدت في هذا المكان البيئة المناسبة لأتعرف إلى مشاكل أخرى تختلف عني وتقوي من معرفتي بمحيطي.

تطوير المهارات

يعاني الشاب محمد المري، طالب في جامعة الشارقة، من صعوبات في الحفظ، وهو الأمر الذي سبب له مشاكل دراسية نسبياً، ورغم أن مشروع الاستكشاف يركز على التنمية الذاتية للمشاركين وتطوير مهاراتهم الحياتية إلا أنه أحب المشاركة فيه، وعن ذلك يقول: كثير من التفاصيل كانت بالنسبة لي مميزة في المشروع، من بينها كيفية بناء الثقة بالنفس، فمن يعاني صعوبات التعلم يواجه نظرة استغراب من المحيطين سواء على مقاعد الدراسة أو مجتمعياً، لذلك يكون من يعاني بحاجة ماسة لبناء ذاته جيداً كي يتعامل مع هذا المحيط، كما أن تحمل المسؤولية كان من ضمن ما تعلمناه وكيفية اختيار التخصص الدراسي وتحقيق الأهداف.

ثقافة مختلفة

التعرف إلى أصدقاء جدد والجانب الترفيهي الذي يتخلل البرنامج التعليمي في مشروع الاستكشاف كان من أبرز مزاياه، هذا ما يقوله زياد وائل، طالب في مدرسة الحكمة الخاصة، مؤكداً أن ما يقدمه البرنامج في جله لا يقترب من المنهج الدراسي رغم كونه تعليمياً، إلا أن طريقة التقديم وتعاون الأساتذة المشرفين كان له دوره الكبير في تبديد الضغوط عنا، خاصة وأن البرنامج يحاول أن يكثف التركيز على بناء الشخصية لأنها الأهم لدى الذين يعانون صعوبات التعلم.
وينوه زميله سيف سند، الذي يهوى الرسم والسباحة والجري، إلى أن البرنامج أتاح له الفرصة كي يضع الكثير من الأهداف في ذهنه، ومنها اختيار تخصص الدراسة الجامعية، فيقول: من الجميل أن نجد من يرشدنا كيف يمكن أن نستثمر طاقاتنا، وأن نحدد أهدافنا، وتخصصنا الدراسي، وأن نسأل عن كل شيء طالما أننا نحب أن نعرف دون خجل، وهو أمر نواجهه في المدرسة حيث نخجل من الأسئلة المتكررة لأن لدينا صعوبة في فهم وحفظ بعض الجمل، وهو ما نتعلمه اليوم في البرنامج الذي يحثنا على البحث عن المعلومة دائماً دون خجل ويشير سند إلى أنه يرغب في الدراسة خارج الدولة جامعياً ليتعرف إلى ثقافة مختلفة ويستطيع أن يوسع معارفه الأكاديمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"