تحقيق: راندا جرجس
تتمثل وظيفة الأذن في إرسال الإشارات السمعية إلى الدماغ، ويمكن أن تؤدي بعض العادات غير الصحيحة أو الالتهابات الفيروسية، أو البكتيرية، أو الجرثومية، أو بعض المشكلات المرضية إلى انسداد الأذن، ما ينجم عنه حدوث ضعف حاسة السمع بإحدى الأذنين أو فيهما معاً، ويؤثر سلباً في الأجزاء الثلاثة الداخلية والوسطى والخارجية، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصون الضوء على أسباب انسداد الأذن عند الصغار والكبار وكيفية علاجها والوقاية منها.
يقول الدكتور مدحت حبيب أخصائي أنف وأذن وحنجرة: إن الأذن تعد عضواً أساسياً في عملية السمع عند الإنسان؛ حيث إنها تقوم بتجميع الذبذبات الصوتية من المحيط الخارجي، ونقلها إلى عَصّب السمع داخل المخ، كما تسهم الأذن الداخلية بشكل أساسي في عملية حفظ اتزان الجسم، عن طريق القنوات الهلالية، وفي بعض الحالات يمكن أن تتعرض الأذن لبعض المشكلات المرضية، وتشمل الأعراض حدوث ضعف ملحوظ في السمع، ويكون مصحوباً بالطنين أو الصفير داخل الأذن في بعض الأحيان، ويصاحبه حدوث آلام شديدة وإفرازات، ويسبب عدم الاتزان.
ويضيف: يتم تشخيص الحالات عن طريق الكشف الكلينيكي بعيادة الأذن مع الاستعانة بالكشف المجهري، وإجراء اختبارات قياس درجة السمع، وقياس ضغط الأذن الوسطى، ويمكن أن يحتاج المريض إلى عمل أشعة مقطعية على الأذن والرأس.
أسباب متعددة
يذكر د.مدحت أن انسداد الأذن يؤثر سلباً في ضعف أو نقص السمع بأحد الأذنين أو بهما معاً، وتختلف الأسباب بحسب الجزء المصاب، كالآتي:
* يحدث انسداد الأذن الخارجية على الأغلب؛ نتيجة تجمع وترسب المادة الشمعية (الصملاخ) بكميات زائدة، أو بسبب إصابات الجلد المبطن للقناة الخارجية بالتهابات مع وجود تورم وتجمع إفرازات صديدية بداخل القناة السمعية.
* توجد أطراف عصب السمع الحسية في الأذن الداخلية، وبالتالي تكون معرضة أكثر للانسداد؛ نتيجة الالتهابات الفيروسية الحادة، التي تضر الخلايا الحسية للعصب السمعي، كالالتهاب السحائي الوبائي، الإنفلونزا، الحصبة، الجدري، وفيروس الهربس.
الأذن الوسطى
تتسبب التهابات الأذن الوسطى عند الأطفال في حدوث الانسداد، وهي مشكلة شائعة وكثيرة الحدوث، إضافة إلى تراكم السوائل خلف الطبلة، وعادة ما يرافقها أدوار البرد والرشح الفيروسية، كما يلعب التهاب اللوزتين واللحمية خلف الأنف دوراً مهماً في الإصابة، أما الانسداد عند البالغين فينجم عن الالتهابات الحادة أو المزمنة، وربما يحدث نتيجة ثقب طبلة الأذن أو تآكل في عظيمات السمع، وكذلك التعرض لتغيرات شديدة في الضغط الجوي الخارجي، أثناء الطيران أو الغطس العميق أو تسلق المرتفعات الطويلة.
عوامل مرضية
يلفت د.مدحت إلى أن هناك عوامل مرضية يمكن أن تلعب دوراً في الإصابة بانسداد الأذن، ومنها:
* وجود أجسام غريبة كقطعة من قطن التنظيف أو المناديل، وأجزاء صغيرة من البلاستيك الخاص بألعاب الأطفال، أو قطع من سدادات الأذن الشمعية.
* حالات ضمور أو عدم اكتمال الأذن أثناء تكوين الجنين في داخل الرحم.
* الأمراض المزمنة لدى كـــــبار السن كداء الســكري، أمــراض الكلى والكـــبد، فقـــر الــدم الشديد، تصلــــب الشــرايين الدمـــــاغية، ومشــكلات الغــــدة الدرقية، والأورام الحــــميدة أو الخـــبيثة التي تصيب منطـــقة عصب السمع بالمخ.
* الحوادث والإصابات المباشرة على الرأس والجمجمة، وخاصة مع وجود كسر أو شرخ في قاع الجمجمة، كما تؤثر بعض الأدوية سلباً في العصب السمعي.
مضاعفات ومخاطر
تذكر الدكتورة فاطمة الزهراء استشاري أنف وأذن وحنجرة، أن انسداد الأذن يمكن أن يحدث نتيجة تراكم المادة الشمعية أو دخول جسم أجنبي للداخل، وينجم عنه التهاب الأذن الفطري، وتعد السباحة في فصل الصيف أكثر الأسباب شيوعاً لهذه المشكلة، تليها التهابات الأذن الوسطى التي تؤدي إلى الشعور بالانسداد ونقص السمع عند المريض، وتتمثل الأعراض في الإحساس بالضغط وبعض الألم في الأذن أو حكة، ويتم التأكد من سبب الإصابة أثناء الكشف السريري، وفي بعض الحالات؛ يمكن الفحص تحت الميكروسكوب.
طرق علاجية
تشير د.فاطمة إلى أن طرق علاج انسداد الأذن يعتمد على سبب الإصابة، ففي حال وضع الأجسام الأجنبية أو قطع البلاستيك الشائعة عند الأطفال أثناء اللعب عن طريق الخطأ، أو بعض الحشرات التي تتسلل لداخل الأذن، فيجب استخراجها ثم وصف القطرات المطهرة.
وتضيف: إذا كان السبب تراكم شمع الأذن، وخاصة عند الأشخاص أصحاب البشرة الدهنية؛ حيث تتراكم الدهون والشمع والمفرزات ضمن الأذن، فتعتمد الخطة العلاجية للتخلص من «الصملاخ» على الغسيل بالماء أو استخدام جهاز الشفط الطبي في عيادة الطبيب.
تداوي الالتهاب
تؤكد د.فاطمة أن علاج الالتهاب الفطري الخارجي الذي يسبب انسداد الأذن، الناتج عن الرطوبة وارتفاع درجة الحرارة، ويزيد في فصل الصيف بعد السباحة، يتم بتنظيف الأذن تحت الميكروسكوب، ووصف القطرات المناسبة، ومراجعة الطبيب مرتين أو ثلاثة بالأسبوع، حتى يتم الشفاء، أما في حالة الانسداد الجرثومي، فيكون العلاج باستخدام القطرات المكافحة للالتهاب، والمضادات الفموية؛ للسيطرة على الألم الشديد الذي يشعر به المريض وخاصة فتح الفم أثناء الطعام.
إرشادات وقائية
توصي د.فاطمة بضرورة مراجعة الطبيب المختص عند الشعور بآلام في الأذن؛ حيث إن التشخيص الذاتي يسبب العديد من الأضرار التي لا يمكن معالجتها لاحقاً، فربما يستخدم بعض المرضى أنواع القطرات الزيتية التي تؤثر سلباً في الأذن، ويجب التنويه إلى ضرورة الامتناع عن استخدام الأعواد القطنية بشكل كامل، وتنظيف الأذن فقط من الخارج؛ حيث إنها تدفع الأجسام الأجنبية أو الشمع إلى الداخل وتزيد من التصاق «الصملاخ» على غشاء الطبلة، كما ننصح بعدم استعمال أجهزة تنظيف الأذن التي تباع بالأسواق؛ حيث إنها تؤدي إلى تعمق الشمع، ما يصّعب استخراجه.
الانسداد الشمعي
يشير الدكتور أونيكريشنان ثاماراسيري أخصائي جراحة الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة إلى أن شمع الأذن مادة طبيعية ينتجها الجسم؛ لتساعد في المضغ وحركة الفك، وتنامي الجلد في قناة الأذن، والقيام بعملية التنظيف الذاتي للأذنين، وحمايتها وتزليقها والمحافظة على صحتها؛ حيث إن الأوساخ والغبار والمواد الصغيرة الأخرى تلتصق بشمع الأذن، ما يمنع وصولها للداخل.
عادات خاطئة
يوضح د. أونيكريشنان أن الجسم يقوم بالتخلص من الشمع القديم ونقله من الداخل إلى فتحة الأذن، ففي بعض الحالات يتقشر ويُطرد تلقائياً، أو يُغسل ويزول مع الاستحمام، وفي بعض الأحيان لا تحدث عملية التنظيف الذاتي بشكل جيد، وتؤدي إلى تراكم الشمع، وبالتالي تتعرض الأذن للانسداد الجزئي أو الكلي، ويحدث «الصملاخ» المفرط في 1 من كل 10 أطفال، و1 من 20 في البالغين، وعند أكثر من ثلث الأشخاص المسنين والمتأخرين في النمو، وفي الأغلب يعتقد المرضى أن بإمكانهم منع شمع الأذن من التراكم عن طريق تنظيف الأذن بقطعة قطن، إلا أن هذه الطريقة ينجم عنها خلق المزيد من المشكلات؛ حيث إن الشمع يتم دفعه للأسفل، والتأثير بشكل أكبر في قناة الأذن.
أعراض وتشخيص
يبين د. أونيكريشنان أن تراكم شمع الأذن يعد من المشكلات الشائعة عند معظم الأشخاص؛ لكنه يصيب على الأكثر الأطفال وكبار السن، وتتمثل أعراض تراكم الشمع في الآلام والشعور بامتلاء الأذن، وفقدان السمع الجزئي، والطنين، والحكة أو خروج الإفرازات، وللتأكد من كمية الشمع ومدى الضرر الذي تسبب فيه ووصوله للقناة ودرجة الانسداد، يمكن إجراء فحص بسيط للأذن باستخدام المنظار عند مراجعة الطبيب المختص، ويتم علاج الحالات البسيطة عن طريق وضع قطرات إذابة الشمع، أما الشديدة التأثر فربما يضطر المريض إلى الخضوع لشفط الأذن أو الحقن لإزالة الشمع.
الالتهاب المصلي
يصيب الالتهاب المصلي الأذن؛ نتيجة وجود مشكلة بالأنف، أو تجمع سوائل شفافة، في المنطقة التي تسمح بدخول الهواء وتسمى (قناة استاكيوس)، ويرافق هذا الالتهاب حدوث رشح، وحساسية أنفية، وتزداد الإصابة أثناء ممارسة رياضة السباحة والغطس، عند إقلاع أو هبوط الطائرات، ويتسبب الالتهاب المصلي في تعرض المريض لبعض المضاعفات؛ حيث يشعر برنين صوته في أذنه، أو الانسداد، الدوخة أو المعروفة بدوار البحر، وفي بعض الحالات يمكن أن يفقد الشخص المصاب حاسة السمع تدريجياً.
