«بريكست» من وجهة نظر إيرلندا

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

جوليان كينج*

من المؤكد أن إيرلندا تريد إنجاز اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأسرع وقت ممكن، لكنها تريده اتفاقاً يعتمد على المنطق ولا يغفل المشاعر والروابط الإنسانية.

 ولا بد من التأكيد على زملائي في حكومة المملكة المتحدة، بأنه حان الوقت لإدراك أن النتيجة البديلة - عدم وجود صفقة - قد تعني اضطراباً كبيراً، داخلياً ودولياً. ليس من المهم أن تضمن أي صفقة متاحة فرض التعريفات الجمركية والاتفاق عل الحصص والتجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وعلى أرض الواقع بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية، لأن غياب الاتفاق يعني تعطيل كل شيء.

 قد يعني ذلك انقطاعاً في التعاون الأمني ​​مع أقرب جيران المملكة المتحدة والاستمرار في مواجهة التهديدات المشتركة من الإرهاب والجريمة المنظمة والخطرة ونشطاء الهجمات السيبرانية. وستجد المملكة المتحدة نفسها خارج الشبكات والوكالات وقواعد بيانات إنفاذ القانون الفاعلة التي تدعم عمل الشرطة وحرس الحدود وضباط الهجرة. وقد يشكل ذلك تحديات حتى للعلاقات الراسخة بين كل الأطراف.

 ومن المؤكد أن عدم التوصل إلى اتفاق سوف يخلق صعوبات حقيقية لأيرلندا الشمالية، وتوترات في أماكن أخرى من المملكة المتحدة. في حالة عدم وجود صفقة، ستكافح اللجنة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة التي شكلت للإشراف على اتفاقية الانسحاب، من أجل حل النزاعات القائمة فيما يتعلق بالحكم المستقبلي لأيرلندا الشمالية.

ويُنظر إلى محاولة حكومة المملكة المتحدة الحصول على «ضمانات» ضد ما تعتبره خطراً محتملاً للتفسير المفرط لبنود الاتفاق من جانب واحد من قبل اللجنة المشتركة، بعين الاحترام والتقدير. ولكن بدون اتفاق ستكون هناك ضغوط لمضاعفة مشروع قانون السوق الداخلية والقوانين المماثلة التي تتجاوز اتفاقية الانسحاب في مشروع قانون التمويل. وهذا من شأنه تقويض الثقة والتعاون الذي لا بد منه لسير عمل اللجنة المشتركة.

 وفي اسكتلندا، لا يستطيع الحزب الوطني الاسكتلندي إخفاء توجسه من تبعات عدم التوصل إلى اتفاق في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئيسية العام المقبل.

 إن عدم التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يضر بما تبقى من الثقة بين الاتحاد الأوروبي وحكومة المملكة المتحدة. وهذا يقوض احتمالات التوصل إلى نتيجة إيجابية للتقييمات الجارية بشأن تكافؤ الخدمات المالية وتشارك البيانات. هذه قضايا منفصلة عن المفاوضات، لكنها لا تغيب عن تطلعات كلا الطرفين، ولا يمكن إلا أن تتأثر بقضايا القدرة على التنبؤ والثقة.

 وسيعني عدم التوصل إلى اتفاق أن تنفصل المملكة المتحدة عن جيرانها الأوروبيين الذين يسعون إلى تجديد العلاقات مع إدارة بايدن القادمة في الولايات المتحدة. فيما يتعلق بمجموعة من القضايا، يتطلع الاتحاد الأوروبي للوصول إلى تعزيز روابط العمل مع الإدارة الجديدة، بما في ذلك المناخ والصحة و التكنولوجيا والخصوصية والعلاقات الخارجية ولا سيما مسألة كيفية التعامل مع الصين.

 وأنصح زملائي السابقين في المفوضية والاتحاد الأوروبي، بمواجهة بعض الحقائق المتعلقة بالتداعيات المترتبة على عدم التوصل إلى اتفاق. فالحواجز الإضافية أمام التجارة سوف تؤثر سلباً في كلا الاتجاهين. فإبرام أي اتفاقية بشأن حقوق الصيد لن ينفع الصيادين في أيرلندا أو بلجيكا أو شمال فرنسا، ولن يخفض التوتر السياسي حول هذه القضية.

وسوف تؤثر الصعوبات التي تواجه أيرلندا الشمالية بشكل مباشر في الجمهورية، وعلى علاقات الجمهورية مع جارتها الأكثر تشابكاً، أي بريطانيا  من خلال دورها في اللجنة المشتركة، وسيتم جذب الدول الأعضاء الأخرى، وربما تضغط إدارة بايدن على جميع المعنيين لإيجاد حلول.

 إذا كانت هذه المفاوضات تستند فقط إلى المنطق، فإن قضية التوصل إلى صفقة الآن سوف تبقى معلقة بين احتمال الفشل والنجاح. لكنها تستند أيضا إلى المشاعر وقضايا الهوية والأراء المختلفة، والثقة بالطبع، وهذا ما يعزز فرص نجاحها.

* سفير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سابقاً.(الجارديان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

سفير بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سابقاً.(الجارديان)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"