عادي

متحف المستقبل معجزة هندسية تتحدث العربية

23:32 مساء
قراءة 7 دقائق
1
1

صرح معماري ذو دلالات عربية، وملامح تقنية، يستشرف المستقبل من قلب عاصمة الابتكار في المنطقة. إنه «متحف المستقبل» الذي دخل المرحلة الأخيرة استعداداً لفتح أبوابه للزوار. ينقسم المتحف الممتد على مساحة 615 مترا، إلى 3 أقسام رئيسية تتناول تأثير الروبوتات والذكاء الاصطناعي في تحسين القدرات البدنية والذهنية للإنسان، والعلاقة بين البشر والروبوتات، وكيفية تأثير تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي على عمليات الإدارة واتخاذ القرار.

في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وضع صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القطعة الأخيرة في واجهة «متحف المستقبل»، إيذاناً بالاستعداد للمرحلة النهائية من تشييد الصرح المستقبلي الذي يجسد مستوى الإبداع الهندسي والعلمي فيه، ريادة دولة الإمارات في إبداع إنجازات هندسية ومعمارية فريدة، وتصميمها وصناعتها. وبات معلماً بارزاً يضاف للمعالم العمرانية المتميزة لإمارة دبي.

بالمناسبة، أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن متحف المستقبل يمثل أيقونة معمارية وهندسية عالمية، ستسخّر لبناء معجزات بشرية قادرة على استخدام المتحف لبناء مستقبل أفضل. مشيراً إلى أن المتحف قطعة إماراتية من مستقبل هندسة البناء. وقال سموّه: «إن متحف المستقبل يتحدث العربية، ويجمع بين أصالتنا العربية وطموحاتنا العالمية».

وأضاف سموّه: «هدفنا ليس بناء معجزات هندسية، هدفنا بناء معجزات بشرية تستطيع استخدام المتحف لبناء مستقبل أفضل. ودبي مستمرة في البناء، الإمارات مستمرة في الإنجاز، العالم مستمر في الحركة والتقدم لمن يعرف ماذا يريد».

المنطقة الأكثر ابتكاراً وأضاف سموّه «متحف المستقبل مع أبراج الإمارات، والمركز المالي العالمي، والمركز التجاري، (حي دبي للمستقبل) ستكون المنطقة الأكثر ابتكاراً وإبداعاً وتأثيرا في صناعة المستقبل، ودفع مسيرة الاستدامة والتنمية». مؤكداً أن المتحف حصد شهرة عالمية قبل افتتاحه، بفضل تصميمه الفريد من نوعه، وسيكون عنواناً للتميز العمراني عند افتتاحه.

وتفقد سموّه تطورات العمل في الواجهة الخارجية للمتحف في موقع المشروع في حي دبي للمستقبل، حيث استمع إلى شرح مفصل من فريق مؤسسة دبي للمستقبل التي تشرف على المشروع، عن أبرز الجوانب التصميمية، والأساليب الهندسية والحلول التكنولوجية المتقدمة التي وظّفت في إنجاز المَعلم العمراني الأكثر انسيابية في العالم.

رافق سموّه خلال الجولة، سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، وسموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، ومحمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، نائب رئيس مجلس الأمناء، والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل.

خصائص عمرانيةالمتحف معجزة هندسية على مساحة 30 ألف متر مربع، وبارتفاع 77 متراً، ويتألف من سبعة طوابق، ويتميز بعدم وجود أعمدة داخله، ما يجعل تصميمه الهندسي علامة فارقة في الهندسة العمرانية. كما يرتبط بجسرين، يمتد الأول إلى جميرا أبراج الإمارات بطول 69 متراً، والثاني يربطه بمحطة مترو أبراج الإمارات، بطول 212 متراً.

ويغذّى المتحف ب4 آلاف ميجاوات من الكهرباء التي أنتجت عبر الطاقة الشمسية، بمحطة خاصة متصلة بالمتحف، بنيت بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي، ما سيجعل المتحف عند اكتماله أول متحف في الشرق الأوسط، يحصل على الاعتماد البلاتيني للريادة في تصميم أنظمة الطاقة وحماية البيئة، «لييد»، وهو أعلى تصنيف للمباني الخضراء في العالم.

وتحتضن الحديقة المحيطة بالمتحف 80 نوعاً وفصيلة من النباتات، مزودة بنظام ري ذكي وآلي على أحدث مستوى.

واجهة المتحفوتتكون واجهة المتحف من 1024 قطعة فنية مصنعة بالكامل بالروبوتات، ومنفذة بشكل فريد من نوعه، حيث أنتجت ألواح الواجهة باستخدام أذرع آلية مؤتمتة في سابقة هي الأولى في المنطقة. ويتألف كل لوح من 4 طبقات، وهناك 16 خطوة عملية لإنتاج لوح واحد. ويتم تركيب وتثبيت كل لوح على حدة، حيث استمرت مدة تركيب الواجهة الخارجية أكثر من 18 شهراً. وتبلغ مساحة الواجهة الإجمالية 17,600 متر مربع. وتتزين الواجهة الممتدة على مساحة 17 ألف متر مربع، والمضاءة ب14 ألف متر من خطوط الإضاءة، باقتباسات ملهمة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، بالخط العربي. وقد صمم الخط العربي الفنان الإماراتي مطر بن لاحج. ومن مقولات سموّه المحفورة على جدار المتحف الخارجي «لن تعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن تبدع شيئاً يستمر مئات السنين». و«المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه. المستقبل لا يُنتظر. المستقبل يمكن تصميمه وبناؤه اليوم».

إعجاز هندسي

ويعد التصميم المعماري والهندسي للمتحف، إعجازاً هندسياً حيث يبدو بعد اكتمال واجهته الخارجية كأنه يطفو من دون أسس، أو دعامات، أو أعمدة، بفضل استخدام أحدث التقنيات التي عززت لقبه «أكثرَ المباني انسيابية» في العالم.

وقد استخدم المهندس شون كيلا في تصميم شكله الخارجي الأيقوني الحسابات الهندسية متناهية الدقة، ببرمجيات متقدمة على حواسيب عملاقة، بمعالجات فائقة السرعة، لاحتساب أفضل صيغ المنحنيات، وأكثرها متانة واستجابة في تصميم أساساته وهيكله المعدني الصلب، وواجهته الخارجية الفريدة.

حاضنة للأفكار والتكنولوجيا

وعلى عكس المفهوم الاعتيادي للمتاحف التي تعرض خلف نوافذ مغلقة حقب الماضي وتحفه ولقاه، يتميز متحف المستقبل عن المتاحف التقليدية في مختلف أنحاء العالم، بكونه الأول الذي يوفر حاضنة للأفكار المبتكرة والتكنولوجيا والمشاريع المستقبلية، ووجهة عالمية للمخترعين ورواد الأعمال. 

توظف طوابق المتحف السبع توظف في فضائها الداخلي أحدث تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، وتحليل البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي والتفاعل الآلي البشري، لتضع في متناول الزوار، تجارب تجيب عن كثير من الأسئلة الملحة المتعلقة بمستقبل الإنسان والمدن والمجتمعات البشرية، والحياة على كوكب الأرض، وصولاً إلى الفضاء الخارجي.

أسلوب فريد

ويعد المتحف بتصميمه الفريد، الذي يحاكي في انسيابيته فنون الخط العربي وبريق المعدن السائل، من أشهر التصاميم العمرانية الحديثة في العالم وأكثرها تميزاً بالعناصر الفريدة لشكل واجهته الخارجية المصممة بأسلوب هندسي خاص، يوظف أحدث التقنيات المتقدمة في عمليات التصميم والإنشاء، وطوّرت بنيته الهندسية، بالتعاون بين «بي أيه إم إنترناشيونال» المقاول الرئيسي، و«بورو هابولد للاستشارات الهندسية» الجهة المصممة للهيكل الهندسي.

استدامة

ويعد تصميم المتحف نموذجاً للاستدامة في التصميم الإبداعي المستقبلي، حيث صمّمت واجهته الخارجية من زجاج متطور صنّع بتقنيات جديدة، خصيصاً لتحسين جودة الإضاءة الداخلية والعزل الحراري الخارجي. كما استخدمت مصابيح الإضاءة الموفرة لاستهلاك الطاقة LED والتي تمتد في الألواح الخارجية بطول 14 كيلومتراً فتمنح واجهة متحف المستقبل مظهراً جذاباً خاصة في الليل.

كما يوفر المتحف بنية تحتية متكاملة لتزويد المركبات الكهربائية بالطاقة النظيفة. ويولّد المبنى طاقته المتجددة من أشعة الشمس، عبر محطة مستقلة خاصة بالمتحف لتجشميع الطاقة الشمسية، ويمكن التحكم في أنظمة الإضاءة بشكل كامل، يضفي لمسة جمالية على تصميم الخط العربي ويعزز روعة التصميم الخارجي من مختلف الجهات.

انسيابية كاملة

وفي تقنية متقدمة غير مسبوقة في البناء المبتكر في العالم، ينفرد هيكل المتحف بانسيابية كاملة تندمج فيها الواجهات الزجاجية، وأنظمة العزل الحراري والهوائي والمائي والهيكل المعدني، كتلة واحدة متجانسة، مثل قطرة عملاقة لامعة كمعدن الزئبق.

وخلال بناء متحف المستقبل استخدمت تقنيات مستقبلية تمثل واجهة التكنولوجيا في مختلف مراحل التصميم والتأسيس والبناء والإكساء، حيث احتسبت مستلزمات إنجاز الهيكل الداخلي، باستخدام خوارزميات حسابية متقدمة، ليضم 2400 قطعة من الصلب المتقاطع، وآلاف القطع المثلثة التي تعزز متانة الهيكل الخارجي.

ويقع المتحف في موقع متميز في قلب مدينة دبي، عيناً على المستقبل وفرصه للمجتمع الإنساني، ضمن منطقة «حي دبي للمستقبل» التي تضم أبراج الإمارات، ومنطقة 2071 التابعة لمؤسسة دبي للمستقبل، ومركز دبي التجاري العالمي، ومركز دبي المالي العالمي، في منطقة هي الأكبر إقليمياً لاستشراف وتصميم وصناعة اقتصاد المستقبل.

تجربة المستقبل

ويمثل «متحف المستقبل» وجهة عالمية لاستكشاف تأثير العلوم والتكنولوجيا والابتكار في مستقبل البشرية، وبيئة متكاملة لاختبار الأفكار وتطوير نماذج تطبيقية لها، ومركزاً للتنبؤ باتجاهات المستقبل يستقطب أفضل العقول العالمية.

أحد أكثر المباني إبداعاً في العالم  

متحف المستقبل أيقونة عمرانية لا مثيل لها في العالم، وحصد جائزة «تيكلا» العالمية للبناء بوصفه نموذجاً عمرانياً فريداً، حيث لا يوجد أي مبنى في العالم شيّد بناءً على تقنيات مشابهة، واعتمد على تقنيات خاصة ميزته عن سائر المباني. وذكرت «أتوديسك» لبرمجيات التصميم أن متحف المستقبل، هو أحد أكثر المباني إبداعاً في العالم. وقد صمم المبنى المهندس شون كيلا، ليقدم للزوار تجربة تفاعلية هي الأولى من نوعها.

واختار متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الأمريكي متحف المستقبل في دبي، ضمن قائمة بأهم المتاحف التي ينتظر العالم بشغف افتتاحها هذا العام.

وضمت القائمة المتحفين المصري الكبير والوطني للجيش الأمريكي، ومتاحف ماس آرت للفنون في بوسطن، والفن تحت الماء في كوينزلاند بأستراليا، وهارييت توبمان في نيوجيرسي.

وأشادت مجلة «سميثسونيان» الصادرة عن المتحف الأمريكي، بالتصميم الفريد لمتحف المستقبل الذي يتناغم مع إيقاع الحياة العصرية في دبي. وقالت: «إن المتحف مبادرة فريدة من نوعها أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بهدف استكشاف مستقبل العلوم والتكنولوجيا والابتكار». وأشارت المجلة إلى أن المتحف كان في البداية فعالية نظمتها مؤسسة دبي للمستقبل ضمن القمة العالمية للحكومات 2016، وقالت إنه نظرة على مستقبل قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتأثيرها في حياة الإنسان.

وأكدت المجلة أن رواد المتحف سيستمتعون بتجربة تفاعلية فريدة من نوعها، تمكنهم من إلقاء نظرة وثيقة على مستقبل هذا القطاع. وأضافت: «يبحث متحف المستقبل عن إجابات لبعض الأسئلة الحديثة الملحة مثل: كيف تشعر حيال رعاية الروبوتات كبار السن؟ وهل يمكن أن تتطور علاقة الإنسان بها إلى حدود توازي علاقة البشر بعضهم ببعض؟ وهل تثق بأنظمة الذكاء الاصطناعي في إدارة أموالك الخاصة، وفي اختيار مسارك المهني؟».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"