الاتحاد الأوروبي.. حر أخيراً

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

جوين داير *

عاد هدف «الاتحاد الوثيق أكثر من أي وقت مضى»، والذي يمثل لعنة بالنسبة للاستثنائيين الإنجليز، إلى جدول الأعمال.
 وإلقاء اللوم على الضحايا ليس أمراً جيداً على الإطلاق. فمع خروج بريطانيا أخيراً من الاتحاد الأوروبي، بعد 1651 يوماً من استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، يجب أن نحاول أن نتذكر أن 48٪ من الديوك الرومية لم يصوتوا لعيد الميلاد.
 ولم يكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عملاً وطنياً لإيذاء الذات؛ بل كان بالفعل هجوماً يلفه الحنين من القدامى أي كبار السن نحو القومية ضد الشباب. 
 فقد صوّت 60٪ من البريطانيين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً على مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن 61٪ من الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً صوتوا للبقاء. فبعد أربع سنوات من التفكير في الأمر، يعتقد معظم البريطانيين الآن أنه كان خطأ، بأغلبية 48- 39، وفقاً لاستطلاع «يوجوف» في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
 ولكن بعد فوات الأوان. فبوريس جونسون، رئيس الوزراء، لا يجرؤ على إغضاب القوميين الإنجليز المتطرفين من يمين حزبه المحافظ. فبعد أشهر من الأعمال الدرامية للهواة التي صاحبت كل قرار لجونسون، أبرمت المملكة المتحدة في يوم عيد الميلاد صفقة «تجارة حرة» خفيفة بشكل مثير للشفقة، لكنها تعكس توازن القوى الحقيقي بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
 ويبدو هذا جيداً بالنسبة للمواد الأولية والسلع المصنعة، والتي تشكل 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا، بلا رسوم جمركية ولا حصص. لكن الاتحاد الأوروبي يبيع الكثير من الأشياء إلى المملكة المتحدة وليس العكس صحيح؛ إذ لديه فائض تجاري بقيمة 45 مليار دولار من البضائع. وبالطبع أبرمت صفقة من أجل ذلك.
 وعلى النقيض من ذلك، لا توجد صفقة تجارية على الإطلاق في مجال الخدمات، والتي تمثل 80 ٪ من اقتصاد المملكة المتحدة، وتستخدم لإنتاج 112 مليار دولار فائض للمملكة المتحدة. فالمملكة المتحدة معرضة جداً لأي قيود من الاتحاد الأوروبي. وقد تختار التقدم إلى بنوكها وشركات التأمين ومقدمي الخدمات المهنية الأخرى.
 ولا شك أن جونسون سوف يقوم بالتوقيع بالأحمر على هكذا صفقة ويعلن أنها انتصار. وأولئك الذين يريدون تصديق هذا سيفعلون ذلك، والدليل الوحيد المبكر على الهزيمة الهائلة التي حدثت بالفعل سيكون بعض التأخير في الموانئ، بينما يتعلم ضباط الجمارك وظائفهم الجديدة. والمشروع الحقيقي للقانون سيأتي لاحقاً وبشكل غير مرئي تقريباً على شكل خسارة في التجارة والاستثمار والفرص الضائعة.
 وكان آخر تقدير رسمي للحكومة البريطانية هو أنه خلال 15 عاماً قادمة سيكون الاقتصاد البريطاني أصغر بنسبة تتراوح بين 5٪ و 7٪ مما كان عليه الحال عندما كان عضواً في الاتحاد الأوروبي. ولكن سيظل أكبر قليلاً مما هو عليه الآن.
 وهذه ليست المادة الخام لثورة مضادة، فأي توقع للوضع الاقتصادي في عام 2035 هو في الحقيقة مجرد تخمين. إذ يمكن ل«كوفيد-19» أن يحدث اختلافاً كبيراً في موضوع البريكست.
وكل ما يمكن للمرء أن يقوله هو أن الاقتصاد البريطاني لن «يزدهر بقوة» خارج الاتحاد الأوروبي، كما وعد جونسون، لكنه لن ينهار أيضاً. بعد ذلك، وفي الوقت المناسب، سيصبح البريطانيون الشباب الموالون للاتحاد الأوروبي الأغلبية، بفضل سحر دوران الأجيال. ولكن حتى ذلك الحين، إذا طرقت بريطانيا باب الاتحاد الأوروبي، وطلبت السماح لها بالعودة، فيجب على بروكسل أن تقول «لا».
 وما حدث بالفعل في الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول، هو أن الاتحاد الأوروبي سيكون قد تحرر أخيراً للتطور بالطريقة التي يريدها أعضاؤه الرئيسيون الآخرون بوضوح.
 وهناك تناقض لدى كل دولة عضو حول فكرة إنشاء دولة أوروبية عظمى شبه فيدرالية، ولكن في عالم تقع فيه الديمقراطية وسيادة القانون تحت الحصار، يمكن لمعظم الناس رؤية الحاجة إلى تعزيز الاتحاد الأوروبي.

* مؤرخ وصحفي مستقل وكاتب عمود ومذيع ومحاضر في الشؤون الدولية (كومون دريمز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤرخ وصحفي مستقل وكاتب عمود ومذيع ومحاضر في الشؤون الدولية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"