شتلة حشيش داخل المنزل!

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

أحياناً أو ربما غالباً، يُجري كل منا مقارنة بين زمن مضى وهو ليس ببعيد، والزمن الحالي الذي يبدو إلى حد ما غريباً. لن نخدع أنفسنا ونقول إن الماضي كان رائعاً بكل ما فيه ولم تشوهه يد بشر، ولا الحاضر سيئ بكل ما فيه لم يعرف تطوراً أفاد البشر، وإنما هو الإنسان الذي يحرص دائماً ولن يتوقف أبداً عن البحث عن ثغرات ينفذ من خلالها إلى كل ما هو ممنوع، ليُحدث خللاً ويترك بصمة تشوّه كل مفيد أو جميل.
لولا وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لعاش الإنسان أسوأ مرحلة عرفتها البشرية، وهو منطوٍ على ذاته، منغلق لا يخرج ولا يتعامل مع الناس بسبب كورونا، ولا وسيلة تخفف عنه عزلته ووحدته وتطمئن قلبه عن الأهل والأقرباء والأصدقاء، وتمكّنه من رؤيتهم والتحدث معهم مباشرة وعن بُعد. حتى الغرباء صاروا أصدقاء والكل يتشارك في المواساة أو التعزية أو التهنئة.. ونفس الوسيلة استغلها البعض للتسلل إلى العقول والبيوت وسرقة أموال الناس واستدراجهم إلى كل ما هو ممنوع.
آخر «صيحات» تجار السموم، استغلال «الواتس أب» لبيع المخدرات عن بُعد، وفي قضية أحد مشاهير مواقع التواصل (خليجي الجنسية) يبلغ 18عاماً، الذي أدين بحيازة المخدرات في شقته في دبي وتعاطيها مع متهمين آخرين من بينهم فتاة قاصر، تصدمك عدة نقاط، أولاها أعمار هؤلاء الشباب وضياعهم، ولا شك في أن لمشاهير مواقع التواصل تأثيراً في متابعيهم من البنات والشبان المراهقين والصغار، فكيف يكون هذا المتهم «قدوة» ولا نخاف على ما يتم بثه ليلاً ونهاراً على مختلف المواقع ويتلقفه الشباب بشغف دون تفكير أو رقابة أو وعي؟
ثانيتها التي تستوقفنا في الحدث، هي العثور على 3 شتلات لمواد مخدرة مع جهاز كهربائي ضوئي يساعد في إنباتها داخل الشقة. أصبح هناك تاجر لبذور الحشيش أو المخدرات، يبيعها لمتعاطٍ يزرعها في شقته في مبنى سكني دون الحاجة إلى حقول ولا حدائق!
أما ثالثة النقاط، فهي وسيلة بيع المخدرات الحديثة عبر «واتس أب»، حيث يقول أحد المتهمين إنه حصل على الحشيش من شخص موجود «خارج الدولة» باعه إياه من خلال «واتس أب»، «بأسلوب يلجأ إليه مروجو المخدرات في الفترة الأخيرة، بإرسال مكان وجود المخدر عبر خدمة تحديد المواقع، ثم يحول إليه المشتري النقود من خلال أحد مكاتب الصرافة دون أن يتقابلا». خدمة البيع عن بُعد، ولا شيء يخيف البائع ولا المشتري، وكل شيء مباح في سبيل الوصول إلى كل الناس أينما كانوا وفي أي وقت.
يتسللون ولا شيء يردعهم سوى العين الساهرة والصراحة الدائمة والتواصل الحقيقي والمباشر بين الأهل والأبناء، قبل أن يتفاجأوا ببذور وشتلة حشيش داخل المنزل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"