قمة الاتحاد الإفريقي وخلافات المناصب

00:08 صباحا
قراءة 4 دقائق

ليندا داركوا *

تواجه القمة الرابعة والثلاثون للاتحاد الإفريقي تحديات كثيرة كالمعتاد، وإن كان أهمها هذه المرة انتخاب ستة مفوضين، تتكون منهم الأمانة العامة للاتحاد التي تعتبر النواة المركزية في عمل المنظمة، حيث تعمل المفوضية مع مختلف أجهزة الاتحاد لرسم أهدافه والعمل على تحقيقها. وهي الهيئة التي تقدم تقاريرها إلى المجلس التنفيذي، الذي يطور السياسة، ويشرف على تنفيذ قرارات مؤتمر رؤساء الدول والحكومات.

 وسوف يعني انتخاب المفوضين الستة أمرين مهمين، الأول مدى جدية الاتحاد الإفريقي في تشكيل فريق قوي لدفع الإصلاحات المؤسسية، والثاني مدى قوة التزامه بتنفيذ التكافؤ بين الجنسين.

 ويقرر الاتحاد الإفريقي أيضاً من يشغل منصبي الرئيس ونائب الرئيس، وقد انتخب موسى فقي محمد، المرشح الوحيد لهذا المنصب منذ أن شغله لأول مرة.

 كما يحظى التعيين باهتمام واسع، بسبب التزام القادة الأفارقة بالدفع من أجل المساواة والتكافؤ بين الجنسين. وقد تم تحقيق التكافؤ في اللجنة الحالية، على الرغم من أن الرجال يشغلون المناصب العليا. خمسة من ثمانية مرشحين لهذا المنصب في هذه الجولة هم من النساء.

 وتتطلع الأنظار إلى انتخاب نائب الرئيس أيضاً، وهو مسؤول عن تنفيذ وإدارة الإصلاحات في المنظمة، وهذه مهمة معقدة. فقد بدأت رحلة الإصلاح الحالية للاتحاد الإفريقي في يوليو 2016 عندما عين المجلس الرئيس الرواندي بول كاغامي لإجراء دراسة حول إصلاحات الاتحاد المؤسسية.

 وقد تمت الموافقة على عدد من الإصلاحات، وأحرز تقدم كبير في تنفيذها، ولا سيما الإصلاحات الإدارية. ولكن لا يزال هناك قدر كبير من العمل الذي يتعين القيام به للتغلب على الاختلالات الوظيفية المحددة في المراجعة التي ينفذها كاغامي.

 وسوف تحتاج اللجنة الجديدة إلى براعة سياسية وكفاءة وخبرة لإدارة تعقيدات عمليات الإصلاح. لذا، سيتعين على اللجنة الجديدة العمل باستمرار لضمان تحقيق الأهداف الأساسية للإصلاح.

 وبغض النظر عن كون نائب الرئيس رجلاً أو امرأة، يجب على أعضاء اللجنة أيضاً التوافق مع الاعتبارات الإقليمية التي وجهت عملية انتخاب مسؤولي المفوضية. فالمسؤولون ليسوا ممثلين لمنطقتهم في اللجنة – بل هم موظفون في مفوضية الاتحاد الإفريقي. ومع ذلك، تلعب الاعتبارات الإقليمية دوراً كبيراً في اختيارهم.

 ويعتبر نائب الرئيس المسؤول الأول عن المهام المنوطة بعمل اللجنة، وهو المسؤول عن عمليات التنظيم المالي والإداري. لذلك يجب أن يتمتع بمزيج من المعرفة الفنية الموضوعية والفطنة السياسية، إضافة إلى معرفة وخبرة واسعة في الإدارة التنظيمية والإدارة المالية، وفهم واضح للحاجة إلى المساواة بين الجنسين.

 ويفترض في الشخصية التي تشغل منصب نائب الرئيس أن تكون على دراية واسعة وفهم عميق في المنظمات متعددة الأطراف، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي. ويجب أن تكون لديه أيضاً شبكة علاقات واسعة على الصعيدين القاري والدولي يمكن الاعتماد عليها، لبناء توافق الآراء وضمان تنفيذها، لا سيما ما يتعلق بتعزيز أجندة الإصلاح.

 وسيواصل نائب الرئيس القادم العمل الجاري للتصدي للتحديات المحددة في التقرير بشأن التوصيات المقترحة للإصلاح المؤسسي. وتشمل تحديات قيادات الصف الثاني في المفوضية، والمساءلة، وعدم كفاية الإشراف على موظفي المفوضية وتنسيق أنشطتها. وتعاني أجهزة المفوضية مشكلة عدم كفاية جهاز الإشراف والتنسيق وضعف أنظمة تعيين الموظفين وإدارة الأداء. ورغم أنه تم إحراز تقدم كبير في إصلاح هذه المشكلات، ولكن لا تزال هناك ثغرات ينبغي إصلاحها.

 ومن أهم تلك الثغرات، إيجاد بيئة عمل آمنة للمرأة. وقد أنكرت اللجنة اتهامات وجهت لها سابقاً بالتمييز على أساس الانتماء الوطني والجنس. وتقع على عاتق نائب الرئيس مسؤولية إحداث تغييرات من شأنها خلق بيئة آمنة للنساء، وضمان التزام اللجنة بسياساتها المتعلقة بالتوازن بين الجنسين.

 وقد اكتسب السعي لتحقيق الاستقلال المالي في إدارة شؤون الاتحاد زخماً قوياً على مستوى القارة، وقطع الاتحاد الإفريقي خطوات كبيرة على هذا الصعيد، ما قلل من اعتماده المفرط على الشركاء الخارجيين.

ولكن للحفاظ على هذه المكاسب، يجب أن يكون لدى المفوضية استراتيجيات للمشاركة الفعالة مع الدول الأعضاء، وتشجيعها على دفع رسوم عضوية الاتحاد الإفريقي في الوقت المحدد. وتحقق القسم الأكبر من التقدم في مجال الاستقلال المالي،في آلية توليد موارد الاتحاد الخاصة بالإدارة التشغيلية. وما زالت عمليات تمويل جهود إحلال السلام دون حل، بانتظار التوافق بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

 للخروج من هذا المأزق، يجب أن يكون لدى نائب الرئيس فهم ومعرفة كافية بأنظمة الأمم المتحدة المالية وأنظمة إعداد الميزانية. لذا سيكون وجود نائب رئيس على علاقة متينة مع الشبكات ذات الصلة، ولديه فهم جيد لمنظومة الأمم المتحدة، أمراً بالغ الأهمية لضمان تخصيص إفريقيا النصيب الكافي من مواردها للحفاظ على السلام والأمن.

 وبالنظر إلى كل هذه التحديات التي تواجه الاتحاد الإفريقي، والحاجة إلى إحراز تقدم واضح نحو أهداف أجندة 2063، يجب على القادة الأفارقة التصويت لأكثر المرشحين كفاءة ومصداقية، مع التمسك بالمساواة والتكافؤ بين الجنسين.

* زميلة مركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية ( جامعة غانا).( أوول أفريكانز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

زميلة مركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية ( جامعة غانا)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"