الآفاق التكنولوجيّة المتوقعــة فــي 2021

21:50 مساء
قراءة 4 دقائق

جوني كرم *

شهدنا تغيرات هائلة وواسعة النطاق، ولكنها أدت في الوقت ذاته إلى إطلاق العديد من المبادرات الإيجابية على خلفية الأزمة الصحية العالمية
لم يكن حجم الآثار العالمية لأزمة «كوفيد-19» ليخطر على بال أحد قبل عام من الآن، حيث تسببت في تغيير العالم الذي نعرفه بشكل كامل. كما شهدنا خلال عام 2020 وحده تحوّلات رقميّة متسارعة، ما كنّا لنختبرها قبل عشر سنوات، لولا هذه الآثار التي طرأت، كما لاحظنا أن كيفية تسخير التقنيات للنهوض بالأعمال، اعتبرت أحد أبرز التحدّيات التي واجهتها جميع المؤسسات تقريباً.
ومع تسارع وتيرة هذا التحول الرقمي، شهدنا تغيرات هائلة وواسعة النطاق، ولكنها أدت في الوقت ذاته إلى إطلاق العديد من المبادرات الإيجابية على خلفية الأزمة الصحية العالمية. وتجلّى ذلك بصورة أوضح في الإمارات، التي لطالما أدركت مدى أهمية تطوير منظومة رقمية رئيسية.
وبالرغم من صعوبة التوصّل إلى توقّع دقيق بشكل كامل، إلا أنه بإمكاننا تحديد بعض التوجّهات الرئيسية المتوقّعة في قطاع التكنولوجيا خلال عام 2021 ، بناءً على المعطيات السابقة. وسنلقي فيما يلي نظرةً على بعض هذه التوجّهات.
*أصبح العمل عن بُعد الوضع الطبيعيّ الجديد للكثيرين في عام 2020، حيث اتجه الموظفون نحو حفظ بياناتهم على محرّكات أقراص محليّة، أو على سحابة إلكترونية عامة، ما شكل تهديداً كبيراً على حماية البيانات والامتثال. ونتج عن هذه التهديدات تحدّيات جديدة أمام جهود حماية البيانات المخزنة في بيئات معقدة هجينة ومتعددة الأوساط السحابيّة.
ووفقاً لتقريرنا الخاص بقدرات التصدّي لبرمجيّات الفدية الخبيثة 2020، أشارت 43% من الشركات الإماراتية و29% من الشركات السعودية المشاركة في الاستطلاع، إلى قدرتها على مجاراة التعقيدات في تكنولوجيا المعلومات لديها. لذا يمكن أن نتوقع من الشركات في عام 2021 تحقيق أقصى استفادة ممكنة من التقنيات السحابية، لضمان التواصل الآمن للموظفين عند العمل عن بُعد. ومن المتوقع أيضاً أن تدرس الشركات استخدام تقنيات سحابيّة متعددة لإزالة أي تعقيدات، وحماية بياناتها، ما يرفع مستويات الأمان والكفاءة في العمليات التشغيلية للشركة.
* نحن نعيش في عالم تحرّكه التقنيات الرقميّة، ما يجعل البيانات أشبه بعملةٍ عالية القيمة للشركات الساعية للتحوّل الرقميّ. ويتمثّل الحافز الرئيسي لهذا التحوّل في مختلف مستويات أي مؤسسة في القدرة التقنية على رقمنة البيانات، وتحليلها ومشاركتها بين النظم، وتزويد روّاد الأعمال بالتحليلات العملية القابلة للتنفيذ.
ويمكن أن نتوقع في هذا العام تعزيز ممارسات إدارة البيانات، بما يعزز مستويات الكفاءة في الشركات وخفض تكاليفها. وتسهم الإدارة الفعّالة للبيانات في نمو أي شركة، من خلال المعلومات التسويقية المحسّنة، أو تعزيز الكفاءات المؤسسية، أو توفير حماية ضد برمجيات الفدية الخبيثة، أو حتى الوصول إلى بيئة عمل خالية من التهديدات. وينبغي أن تعيد الشركات التفكير في استراتيجياتها لإدارة البيانات، والتأكد من استخدام بياناتها لصالح الشركة ومن أجل تحقيق أهدافها.
* أصدر مركز دبي المالي العالمي في العام الماضي قانون حماية البيانات لعام 2020، وتتمثل الميزة الرئيسية للقانون الجديد في امتداد صلاحيّاته خارج الحدود الإقليمية، ما يعني إلزام المؤسسات بتطبيقه سواء جرت العمليات في مركز دبي المالي العالمي أو في أي مكان آخر. وهذا يعني امتلاك الشركات الإقليمية التي تعمل في الإمارات مزيداً من الأسباب للتركيز على وجود استراتيجية إدارة بيانات شاملة تكفل تحقيق امتثال البيانات.
وسيؤثر ذلك بشكل كبير على آلية عمل الشركات في عام 2021 وما بعده، حيث تواصل معايير امتثال البيانات في الازدياد. وبما أن معظم الشركات الإماراتية تقوم بتجميع البيانات، يعتبر التشجيع على تحمل مسؤولية البيانات، عاملاً رئيسياً في امتثال الشركات هذا العام.
* يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في تحسين تعلّم الآلات من التجربة، للتكيّف مع البيانات الجديدة وأداء مهام مخصصة للبشر عادةً. وفي ضوء التركيز الكبير الذي توليه الإمارات للتحوّل الرقمي، والدعم الذي تقدمه الدولة من خلال المبادرات ورؤاها الطموحة في مجال المدن الذكية، مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يشهد عام 2021 استفادةً أكبر من تقنيات الذكاء الاصطناعي في مزيد من القطاعات، لأتمتة وتعزيز عمليات الشركات وخدماتها الأساسية.
وفي عام 2021، سيستخدم عدد أكبر من الشركات هذه التقنيات لتعزيز أدائها وإنتاجيتها. وستلعب البيانات المستندة إلى الرؤى دوراً أكبر في تحقيق استراتيجيات وأهداف أكثر دقة للشركات. وتعتمد تحليلاتنا التنبؤية في فيريتاس على الذكاء الاصطناعي، وتقنيات تعلّم الآلة، ما يتيح للشركات السيطرة بقوة على بياناتها المتزايدة باستمرار، فضلاً عن مساعدتها على تحسين إدارة حالات التعطل غير المخطط لها، والنهوض بسوية الكفاءة التشغيلية، لزيادة عائداتها الاستثمارية.
تقنيات اتصال الجيل الخامس (G5)؛ الوسيلة التي سترتكز عليها كافة العمليات في الدولة
باختصار..يتمثل أحد الدروس الرئيسية المستفادة من عام 2020 في الحاجة إلى الاستعداد لما هو غير مؤكد، وهذا يعني ضرورة التوجه الفوري للشركات نحو اعتماد عناصر المرونة والسرعة والأمان. وتتمثل أهداف التكنولوجيا في توفير مستوى معيشة أفضل للبشرية جمعاء، إذ إن بوادر التطور تلوح في الأفق بغض النظر عن مستوى استعداد المؤسسات. وببساطة، سيجد المستعدّون للانسجام مع هذا التطوّر، والتكيّف وفقاً لمتطلباته، أنفسهم في صدارة الشركات الناجحة والمنسجمة مع مسار التطور المتغير باستمرار.
* المدير العام ونائب الرئيس الإقليمي للأسواق الناشئة الدولية لدى فيريتاس تكنولوجيز

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المدير العام ونائب الرئيس الإقليمي للأسواق الناشئة الدولية لدى فيريتاس تكنولوجيز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"