عادي
دقائق مسروقة تُقرّب المسافات وتُلغي الفوارق

اللعب مع الأطفال علاج نفسي للابن والأب

23:39 مساء
قراءة 4 دقائق
1

تحقيق: إيمان سرور

الأب وأبناؤه.. علاقة جدلية دائماً.. غطاؤها الخارجي الرهبة والاحترام، وقد يكتنفها الغموض وربما تخفي أسراراً.. والسؤال الآن: كيف نتغلب على هذا الغموض لتصبح علاقة الأب بأبنائه علاقة صداقة واحترام ؟ مجرد دقائق مسروقة من عمر الزمن يلعب فيها الأطفال مع والدهم قد تذيب الفوارق الجليدية وتقرب المسافات بين الأب وأبنائه.. ربما كانت كفيلة بخلق علاقة صداقة وطيدة، جوهرها الحب وغلافها الألفة والعطاء.
«الخليج» حملت القضية وناقشت الآباء والتربويين والاستشاريين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين، واستعرضنا معهم أبعاد المشكلة، فيما عرضوا من جانبهم أطر الحل.. وكان هذا التحقيق. 
يؤكد تربويون ومهتمون بالطفولة المبكرة أن اللعب مع الصغار من أجمل اللحظات التي يقضيها الآباء مع أطفالهم، فدقائق من المرح والحب والألفة والعطاء، تساعد على تذويب متاعبهم خصوصاً عندما يرون البسمة على أوجه أبنائهم وهم يشاركونهم طفولتهم، كما تعود لحظات المرح مع الأبناء بفوائد على الحالة النفسية للآباء، فالحديث الذي يدور مع الأطفال له دور في نموهم العقلي والنفسي، وله إيجابياته من الناحية العضوية وفي نموهم الجسدي، ويتوازى في أهميته مع الاحتياجات الأساسية، لتجتمع جميعها في بيئة صحية وآمنة تسهم في تطوير شخصية الطفل ليصبح قائد الغد.
يقول الدكتور عادل أحمد كراني، استشاري الطب النفسي، أن البحوث التربوية كشفت لنا أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به، من خلال لعبهم التمثيلي الحر ومحاكاتهم للدمى التي يلعبون معها، والمكعبات والألوان والصلصال الذي يشكلونه بأيديهم وغيرها، إذ يعتبر اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة.
قيم كثيرة
وحول أهمية اللعب للطفل، تقول الدكتورة لولوة المرزوقي، استشارية تربوية، أن علماء نفس الطفل والتربويين المتخصصين، ركزوا على قيم كثيرة للعب، فمنهم من ركز على القيمة العلاجية له، ومنهم من يربطه بالنمو العقلي، بينما ركز الغالبية العظمى منهم على النشاط التعليمي والتثقيفي للعب، مشيرة إلى أن دراسات حول أهمية اللعب، أظهرت إسهامات واضحة في نمو الأطفال وبناء شخصياتهم.
آثار إيجابية
تشير الدكتورة أمينة الماجد، مستشارة أسرية، إلى الآثار النفسية والجسدية لمشاركة الآباء لأبنائهم في اللعب، لافتة إلى أن مشاركة الآباء لأبنائهم اللعب له آثار إيجابية متعددة من الناحية التربوية والنفسية، ويحميهم من المشكلات الصحية.
تنمية مدارك
وعن أهمية الدور التربوي التثقيفي للألعاب، يشير خالد بوهندي المنصوري، استشاري تربوي، إلى أن الألعاب لها دور تربوي تثقيفي، في تنمية مدارك ومفاهيم ومهارات الأطفال الجسدية والعقلية والحسية والاجتماعية، لافتاً إلى أن اللعب يرتبط بمراحل النمو عند الأطفال، وأن لكل مرحلة أنماط لعب خاصة بها، حيث يشكل نمط اللعب في كل مرحلة أساس التطور المعرفي أو العقلي للطفل، فهو وسيلة للتعلم والتفاعل مع البيئة واكتشافها، وبالتالي يمكن النظر إلى اللعب على أنه مقياس تطور العقل نفسه.
اللعب الحر
تقول ورود سلطان الخصاونة، مديرة سلسلة حضانات الدانة في أبوظبي، أصبح وقت الأطفال في بعض المدارس ورياض الأطفال وبمباركة بعض أولياء الأمور، يمتلئ بالدروس التعليمية والأنشطة المنظمة مثل الرسم والموسيقى، وتضحي بعض المدارس بأوقات اللعب الحر لصالح هذه الأنشطة، ما يقلل الوقت المخصص للأنشطة الإبداعية المملوءة بالحركة والأنشطة التي تعزز مهارات الإبداع والتعاون، مشيرة إلى أن اللعب يشكل للطفل وسيلة مهمة للاستكشاف وتشكيل الذات والوعي.
لحظات لا تقدر بثمن
أحمد علي جمعة، موظف وأب لأربعة أطفال، يقول: الساعة التي أقضيها مع أبنائي بعد يوم عمل مرهق، أو في يوم الإجازة من أحب اللحظات في حياتي، واعتبر إرهاق العمل ومتاعب الحياة ثمناً بسيطاً لهذه اللحظات التي أنسى فيها تعبي بالفعل، وأشعر بأنني عدت طفلاً بلا مشكلات أو هموم.
سميحة البسطاوي، موظفة وأم لطفلتين توأم، تقول إنها تشعر في الوقت الذي تقضيه مع طفلتيها (5 سنوات) في اللهو والمرح لمدة ساعة يومياً في حديقة المنزل التي جهزتها بكافة ألعاب الترفيه خشية من أخذهما إلى الحدائق والملاهي بالأسواق التجارية الكبرى بسبب فيروس كورونا، بالمتعة والسعادة، فهي تعوضهم عما حرمت منه في طفولتها، فقد كانت وحيدة والديها ولم يكن لديها أشقاء تمرح معهم.
وتقول عواطف أبو الشوارب ( جدة ): «ألعب مع أحفادي كما كنت ألعب مع آبائهم وأمهاتهم وهم صغار، والأوقات التي نقضيها مع أطفالنا نلاعبهم ونمرح معهم من أجمل اللحظات التي نعيشها.
اكتشاف المواهب
تشير منى المنصوري، إحدى مصممات الأزياء المشهورات في الدولة، إلى أن والدتها كانت تشجعها وهي طفلة على ممارسة هوايتها التي اكتشفتها أثناء مشاركتها اللعب بالدمى، وتقوم بإلباسها الفستان وتصفيف شعرها، وتخصص يوماً في الأسبوع للذهاب إلى السوق بصحبتها لاقتناء الدمى، وتحضرها أمامها وتجلس تحكي لها الحواديت الطفولية وتخلق في البيت مسرحاً للدمى، وتخيط لها الفساتين وتطلب منها تسريحها، واختيار تصاميم ملابسها، حتى كبرت على حب هواية تصميم الأزياء وأصبحت مهنتها اليوم التي يشار إليها بالبنان.
ويقول محمود مساعد النعيمي، والد طفل موهوب في لعبة كرة القدم، أنه من خلال اللعب مع ابنه فهد منذ ست سنوات، كان يلاحظ مدى سعادة طفله وهو يركل الكرة بقدم ثابتة وعمره أربع سنوات ويطلب منه مشاركته في اللعبة على شاطئ البحر وفي الحدائق، مشيراً إلى أن فهد عمره الآن 10 سنوات وقد اختارته المدرسة ضمن فريقها المدرسي لكرة القدم كما شجعه أحد المدربين على ممارسة هذه الهواية في أحد الأندية، وحالياً تم تسجيله ضمن الموهوبين الصغار في هذه اللعبة المحبوبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"