درس من الهند

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

ما زالت الهند تسجل يومياً أرقاماً قياسية في عدد الوفيات والمصابين بوباء كورونا بنسخته الهندية، إذ سجلت آخر الأرقام وفاة 3780 شخصاً، وإصابة حوالي 383 ألف شخص،خلال 24 ساعة ، حيث بلغ إجمالي الإصابات حتى الآن أكثر من 20 مليوناً.
 هذه الأرقام تؤكد أن هناك خللاً في النظام الصحي، وفي إجراءات الوقاية، وفي استهتار الناس بهذا الوباء ومشاركتهم بالملايين في مناسبات رياضية واحتفالات دينية من دون قيود، وفي فشل الإدارات الصحية في توفير لوازم المستشفيات من الأوكسجين وانقطاعه عن عدد كبير من المستشفيات، وخصوصاً في نيودلهي العاصمة ما أدى إلى كارثة صحية. 
إن ما حدث في الهند يقدم للعالم درساً مهماً بأن هذه الجائحة، وعلى الرغم من التفاؤل بإمكانية التغلب عليها من خلال اللقاحات التي تم انتاجها وبدء عمليات التطعيم، إلا أن التهاون أو التراخي في المواجهة مع هذا العدو الذي لا يرحم، والذي يطل علينا كل يوم بأشكال متعددة، سوف يؤجل الانتصار عليه، ويعطيه زخماً وقوة وقدرة على المزيد من الاستفحال وإيقاع المزيد من الخسائر البشرية والمادية. فجائحة كورونا لا تشبه مثيلاتها من الجوائح والكوارث في الشدة والعنف والتداعيات، فهي شلت الحياة على الأرض، وضربت الاقتصاد العالمي في مقتل، وعطلت النمو والإنتاج، وغيرت نمط الحياة الاجتماعية، والسلوكيات الفردية، وعمقت حالات الخوف والقلق، كما أعاقت النظام التعليمي وأصابته بالشلل، ووسعت الفجوة الاجتماعية من حيث ارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، وزادت نسبة الجوع والفقر في شتى أنحاء المعمورة.
 لعل من أهم ما كشفته هذه الجائحة غير المسبوقة في عنفها وشراستها واتساعها بحيث باتت جائحة معولمة، حاجة العالم إلى التخلي عن سياسات القوة، والصراع على المصالح والنفوذ، واتباع سياسات تقوم على التعاون والشراكة والحوار وصولاً إلى قيام نظام عالمي جديد يحقق الأمن والسلام ويضع حداً للصراعات والحروب.
 فما فائدة هذه الميزانيات العسكرية الترليونية التي ينفقها العالم على السلاح وتطويره واستخدامه إذا كانت غير مجدية في التصدي لجائحة كورونا التي تفتك بالملايين، وما زال أفق انتشارها في عالم الغيب.
 ها هي الهند وغيرها من دول العالم تنزف بشراً واقتصاداً، وما زال العالم على الرغم من التقدم العلمي الذي تحقق بانتاج العديد من اللقاحات عاجزاً عن الانتصار على الوباء، إلا أن مظهراً من مظاهر احتكار الأسواق يتبدى من خلال المنافسة على تعظيم الأرباح في حين أن كثيراً من الدول الفقيرة متروكة لقدرها.
 العالم يحتاج إلى نهج جديد، إلى سياسات تشاركية، إلى إرادة عالمية تعلي من شأن الإنسانية كقيمة عليا - كما تفعل دولة الإمارات - أهم بكثير من الصراع على المصالح والنفوذ. فالعالم لم يعد قادراً على سلوك طريق المغامرات والحروب، إنه يحتاج الآن إلى عملية عاجلة لإنقاذ الحياة الإنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"