مؤسسات تربوية وسلوكات «لا تربوية»

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

المحنة الاقتصادية التي مرت بها دول كبرى حول العالم في بدايات انتشار وباء «كوفيد- 19»، واستمرت قطاعات وشركات عدة تعاني تداعياتها؛ لا شك انعكست أيضاً على الأفراد، وتسببت بضائقة مالية عانتها عائلات، وتوقف عن العمل؛ أرهق بعض أولياء الأمور؛ فعجزوا عن تسديد كامل الأقساط الدراسية. وحين تعم جائحة أو كارثة أو أزمة، تتمدد آثارها الاقتصادية لتطال مختلف الفئات ومختلف المؤسسات. 
العام الماضي صدرت مبادرات وخفضت المدارس المصاريف، تعاوناً منها مع أولياء الأمور، خصوصاً أن الأبناء تابعوا حصصهم من المنزل أغلب الوقت، ما يعني عدم استهلاك المباني والمستلزمات والأدوات والأثاث الموجود داخل المدارس. 
هذا العام أيضاً، تأرجحت الدراسة بين المنزل والمدرسة، وتواصل التعليم الهجين، كما استمرت الأزمة الاقتصادية لدى كثير من أولياء الأمور، طالما أن «كورونا» ما يزال حاضراً ومتنقلاً بين الناس بأريحية، فارضاً شروطه على الجميع؛ لذلك واصلت المدارس تقديم خصومات على الرسوم الدراسية تراوحت ما بين 15%  20%، وعلى الرغم من ذلك تعثر بعض أولياء الأمور، ولم يتمكنوا من سداد كامل أقساط العام الدراسي، خصوصاً من لديهم أكثر من ابن في المدرسة، وهناك من تنقسم أعباؤه بين أبناء في المدرسة وأبناء في الجامعة. 
التعاون في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها شعوب العالم كله، وليست محصورة بدولة أو فئة، مهم وضروري؛ بل هو واجب على المؤسسات والأفراد. والحمد لله أننا نشهد هذا النضج في التضامن الاجتماعي، والوعي التربوي والاقتصادي في الإمارات، وأننا نلمس التفهم لدى إدارات المدارس الخاصة التي تقدم لأولياء الأمور كافة التسهيلات؛ من أجل ضمان استمرارية تعليم الأبناء، ومن هذه التسهيلات تأجيل تسديد الرسوم المتبقية عليهم إلى الفصل الدراسي الأول من العام المقبل، شرط تسجيل الطالب في نفس المدرسة، وحجز مقعد منذ الآن. 
في المقابل نرى مدارس خاصة خارج الإمارات تهدد أولياء الأمور بوجوب الدفع أو تحرم الطالب من الامتحانات والدرجات النهائية، والبعض يتخذ إجراءات؛ تشعر الطالب بالإهانة بين زملائه، الكل يعرف أنه «متعثر»؛ فهو إما مقطوع عنه حل الواجبات وإجراء الاختبارات اليومية أو الأسبوعية «أونلاين»؛ لأن والده لم يسدد الرسوم! 
مؤسف أننا في زمن التقدم والوعي بأهمية التعليم، نجد من يتعامل بهذا الأسلوب اللا تربوي مع الأبناء وأولياء الأمور؛ فالتقدم مرتبط بالفكر والوعي، وحسن القدرة على تقييم الأمور وفق المرحلة التي يمر بها الفرد أو الدولة أو العالم، ومن الحكمة كسب الطالب وحثه على المثابرة والتعلم؛ كي يكون خير سند لوالديه، مع منح العائلات فرصة لتسديد الرسوم، فلن يتأخر أحد عن أداء واجبه تجاه أبنائه ومستقبلهم وسمعتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"