أجندة دولية لسبعة مليارات إنسان

03:26 صباحا
قراءة 4 دقائق

سوف يولد في وقت لاحق من الشهر المقبل طفل وهذا الطفل سيكون المواطن رقم 7 مليارات في كوكب الأرض . نحن لن نعرف الظروف التي سوف ينشأ هذا الطفل أو الطفلة في ظلها، ولكننا نعرف أن هذا الطفل سوف يدخل عالماً فيه تغيّرات كثيرة وغير متوقعة، وهي تغيرات بيئية واقتصادية وجيوسياسية وتقنية وديمغرافية .

لقد تضاعف عدد سكان العالم ثلاث مرات منذ إنشاء الأمم المتحدة سنة ،1945 علماً أن الزيادة في تلك الأعداد تزيد الضغوط على الأرض والطاقة والطعام والمياه . إن الاقتصاد العالمي يولدّ ضغوطاً أيضاً مثل ارتفاع البطالة وتزايد الفوارق الاجتماعية وظهور قوى اقتصادية جديدة .

إن هذه التوجهات تربط مصير ومستقبل السبعة مليارات شخص اليوم أكثر من أي وقت مضى . لا يوجد شعب بإمكانه وحده أن يتعامل مع التحديات الكبيرة للقرن الحادي والعشرين، فالتعاون الدولي هو حاجة عالمية .

إن الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة تشكل فرصة متجددة لدول العالم من أجل أن تنحّي جانباً مصالحها القصيرة المدى، وأن تلتزم التعاون من أجل التعامل مع الأمور التي تهم الإنسانية على المدى، الطويل . وفي الوقت الذي تواجه فيه جميع الشعوب تحديات فردية فنحن بحاجة إلى تشكيل أجندة عالمية مشتركة يمكن أن تساعد على التحقق من أن الطفل رقم 7 مليارات والأجيال المستقبلية سوف يكبرون في عالم يتميز بالسلام المستدام والرخاء والحرية والعدالة .

أنا سوف أركز خلال فترة ولايتي الثانية من أجل المساعدة على تحقيق هذا المستقبل، على خمسة أمور لا غنى عنها على النطاق العالمي، خمس فرص للأجيال من أجل تشكيل عالم الغد عن طريق قرارات نتخذها اليوم .

إن أول وأهم تلك الأمور التي لا غنى عنها هو التنمية المستدامة . يجب علينا أن نفهم جميعاً أن المعركة من أجل إنقاذ كوكبنا وإنقاذ الناس من الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي هي في الواقع المعركة نفسها . يجب علينا أن نربط بين التغير المناخي وشحّ المياه ونقص الطاقة والصحة العالمية والأمن الغذائي وتمكين المرأة . إن الحلول لمشكلة واحدة هي في واقع الأمر حل لجميع تلك المشكلات .

نحن بحاجة في السنوات الخمس المقبلة، إلى خلق رؤية اقتصادية جديدة للتنمية المستدامة، إضافة إلى تحقيق إجماع من أجل التوصل إلى اتفاقية ملزمة تتعلق بالتغير المناخي، إن تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف الألفية للتنمية ومكافحة التغير المناخي، سوف تعتمد جميعها على خلق نظام طاقة جديد للقرن الحادي والعشرين بحيث يشمل كل فرد على وجه الأرض .

إن الوقاية كإطار للتعاون الدولي تشكل فرصة ثانية . سوف تصل موازنة حفظ السلام للأمم المتحدة لهذا العام إلى مبلغ إجمالي يصل إلى ثمانية مليارات دولار أمريكي . فكروا بالذي يمكن أن نوفره عن طريق تجنب الصراعات على سبيل المثال، إرسال بعثات الوساطة السياسية بدلاً من القوات، ونحن نعرف كيف نقوم بعمل ذلك حيث إن سجلنا الحافل هو شاهد على ذلك في غينيا وكينيا وقيرغيستان .

إن الأمر الثالث الذي لا غنى عنه هو بناء عالم أكثر أمناً وسلاماً، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن نتحلى بالشجاعة في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام . وقد شهد هذا العام إنجازات مهمة لنا في استعادة السلام وتأمينه في ساحل العاج ودارفور ومصر وبلدان أخرى، لكن الكراهية وسفك الدماء تعترض طريق نظرتنا المستقبلية المتعلقة بالسلام .

أما في الشرق الأوسط، فيجب أن نتغلب على هذا الطريق المسدود، فالفلسطينيون يستحقون أن تكون لهم دولة، بينما يحتاج الإسرائيليون إلى الأمن وكلاهما يريد السلام . إن تسوية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض يمكن أن تحقق هذه النتائج، والأمم المتحدة هي عبارة عن منبر من أجل تحقيق ذلك السلام .

سوف نستمر أيضاً في جهودنا من أجل تعزيز الحكم الديمقراطي في العراق وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون، وباسم الإنسانية جمعاء سوف نستمر في محاولة تحقيق تقدم في مجال نزع الأسلحة النووية وعدم انتشارها، وذلك من أجل التوصل إلى عالم خالٍ من الاسلحة النووية .

إن الفرصة الكبيرة الرابعة هو دعم البلدان في المرحلة الانتقالية، إن الأحداث الدراماتيكية لهذا العام في شمالي إفريقيا والشرق الأوسط ألهمت الناس حول العالم، فدعونا نساعد على جعل الربيع العربي فصلاً حقيقياً من الأمل للجميع .

أما في ليبيا فلقد أرسلنا بعثة دعم جديدة تابعة للأمم المتحدة من أجل مساعدة السلطات الانتقالية في البلاد على تأسيس حكومة جديدة ونظام قانوني يتوافق مع طموحات الشعب الليبي .

إن الوضع في سوريا على وجه الخصوص يبعث على القلق، فخلال الستة أشهر الماضية شهدنا تصاعد العنف والقمع . لقد تعهدت الحكومة مراراً وتكراراً بالبدء بالإصلاحات والاستماع إلى الناس ولكنها لم تفعل ذلك . إن لحظة العمل هي الآن، فالعنف يجب أن يتوقف .

وأخيراً وليس آخراً، فإن الأمر الذي لا غنى عنه هو العمل مع النساء والشباب ولأجلهم . إن النساء يمثلن نصف المجتمع والكثير من إمكانات العالم التي لم يتم تحقيقها، ونحن بحاجة إلى انخراطهن الكامل في العمل الحكومي والتجاري والمجتمع المدني . وتولي الأمم المتحدة أولوية كبرى لتعزيز دور المرأة على جميع مستويات المنظمة، وفي هذه السنة وللمرة الأولى، فإن الأمم المتحدة أنشأت هيئة للنساء وهي هيئة تعنى بتمكين المرأة بدأت العمل من أجل تعزيز مصالح وحقوق المرأة في جميع أنحاء العالم .

إن سبعة مليارات شخص يتطلعون الآن إلى الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حلول للتحديات الكبيرة التي تواجه العالم، وهم يأتون من خلفيات مختلفة ويعتنقون ديانات مختلفة ولكنهم يشتركون بنفس الأحلام والطموحات . إن مستقبلنا العالمي يعتمد على الجمع بين هذه المواهب الفردية والحقوق العالمية من أجل قضية مشتركة، فلنبدأ بأجندتنا المشتركة .

الأمين العام للأمم المتحدة . والمقال ينشر بترتيب مع بروجيكت سنديكت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"