عادي

تصحيح 5 أفكار مغلوطة حول مرونة الأعمال

00:34 صباحا
قراءة 5 دقائق
1

على الرغم من آثارها المدمرة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، تمثل جائحة كوفيد 19، أحدث التطورات في سلسلة من المستجدات تكشف عن نقاط الضعف والجوانب الهشّة لدى الشركات غير المهيأة.

ويقول توم دي وايل، الشريك والمدير الإداري في «بين آند كومباني»، مكتب الشرق الأوسط: «شهدت الأعوام الماضية عدداً من الصدمات الكبرى كحروب التجارة الدولية، وانهيار أسعار النفط، والأزمة المالية، وأسهمت كل منها في خروج تلك الشركات تدريجياً من الأسواق. ومن الجدير بالذكر أن الحكومات عززت إجراءات التدخل مما أصبح يقيّد الخيارات المتاحة لشركات التقنية العملاقة».

ويضيف وايل: «من الجلي أن الجائحة جعلت من القدرة على الصمود والمرونة أساساً ضرورياً للشركات في كافة القطاعات، حيث يبدو أن الاضطراب سيستمر مع تزايد العولمة واللامساواة وظهور مخاطر تكنولوجية جديدة إلى جانب آثار التغير المناخي التي باتت تظهر بمزيد من الحدة. إلا أن ديناميكيات القدرة على الصمود ليست مفهومة بشكل كلي لدى العديد من المسؤولين التنفيذيين في مجالس إدارة الشركات. وقد أظهرت حواراتنا مع قادة الأعمال أن هناك خمس مغالطات شائعة توجه سير النقاش، ولا بد من تصحيح تلك المغالطات كخطوة أولى، للتوصل إلى المرونة والقدرة على التكيف والصمود».

الخطأ الأول: المرونة تقضي على تطاير القيمة

في الوقت الراهن، لا يمكن وضع احتمالات وتبعات الأحداث ضمن منظومة توزيع الاحتمالات بشكل دقيق، فالأمر غير واقعي ولا يفيد عند التعامل مع المرونة والقدرة على الصمود في وجه الأحداث، كما لو كانت ستسهم في تقليل المكاسب وتسبب تطاير أسعار الأسهم. علينا التمييز بين التطاير (أي التذبذب المتوقع في كل مؤسسة مع مرور الوقت) وبين المخاطر الفعلية الناجمة عن التعرض لتغيير سلبي مستمر أثناء مسار العمل.

وفي الواقع، فإن محاولة تقليل التطاير أمر يشبه شراء حزمة التأمين التي تحمي من الاقتطاعات بدلًا من حمايتك من الخسائر ذاتها، فهي لا تحقق الهدف الأكبر وهو التخفيف من أثر المفاجآت والصدمات بحيث لا تؤدي إلى الإضرار الكامل بقدرة الشركة على تحقيق عائدات مقبولة على رأس المال المستثمر خلال فترة معينة.

الخطأ الثاني: الميزانية هي العامل الأكثر أهمية

كثيراً ما ينظر قادة الأعمال إلى المرونة من منظور يقتصر على الميزانية، بحيث يدرسون الرافعات المالية والسيولة متجاهلين الثغرات المحتملة الأخرى.

إن تبني نظرة شمولية إلى المرونة يعني الإقرار بحقيقة تأثير الأحداث الخارجية على الشركات عبر العديد من الأبعاد بشكل متزامن، مما يعزز من أثر الصدمة عليها. ولهذا، فإن أخذ كل تلك العوامل بعين الاعتبار، يمكّن المسؤولين التنفيذيين من اتخاذ قرارات أكثر ذكاء حول استثمار الموارد الشحيحة لتحقيق المرونة والقدرة على الصمود في وجه الصدمات والأحداث.

وفي كثير من الحالات، تنبع تلك المرونة من بساطة وشفافية نموذج الأعمال.

فقد تأثرت كثير من البنوك خلال الأزمة المالية عام 2008 بسبب التعقيد الهائل في أنظمتها وعدم وضوح الأوراق المالية المدعومة بالرهن، والتي تعاملت معها بشكل مكثف، مما جعل من شبه المستحيل إجراء تقييم ملائم للمخاطر.

وبالمثل، سبّب تعقيد وعدم شفافية سلاسل الإمداد في عدد من الشركات، تعرضها لنقص المواد أو القطع بسبب عدم إدراكها لمدى أهميتها.

الخطأ الثالث: المرونة والمستقبل

بعد أن تهدأ آثار جائحة كوفيد 19، ستكون معظم الشركات على الأرجح مهيّأة بشكل أفضل للتعامل مع الجائحة التالية، تماماً كما أصبحت البنوك أكثر استعداداً للتعامل مع أزمة الرهن التالية. ولكن الأحداث المفاجئة التي تعرف باسم «البجعة السوداء»، تختلف عن الأزمات الأخيرة.

ويتطلب تحقيق المرونة الفعلية التساؤل عمّا يمكن أن يحدث، بحيث يؤثر فعلياً على الأعمال، بدلًا من التعامل مع الأمر على أنه سيكون محاكاة كاملة للتجارب السابقة.

وبالطبع لا يمكن لشخص تحديد وقياس أثر جميع الصدمات والأحداث الممكن. ولكن على المسؤولين التنفيذيين، بدلًا من ذلك، تقوية الإمكانات التنظيمية اللازمة لتقييم أكثر الصدمات أهمية (من حيث الأثر واحتمالية الحدوث)، بناء على الجوانب الاقتصادية الدقيقة للقطاع وللشركة.

وعلى الرغم من وجود العديد من احتمالات الصدمة والأحداث المفاجئة، فإن عدد القنوات التي تتيح لها التأثير بشكل ملموس في شركة ما، أقل بكثير، وعلى كل شركة أن تفهم المخاطر الفريدة التي ترتبط بها بناء على هيكل التكلفة وشرائح المستهلكين وسلسلة الإمداد، والطرق التي توصلها إلى السوق وغيرها.

الخطأ الرابع: المرونة مع مسؤولي المخاطر

كثيراً ما يتم التعامل مع دراسة المخاطر على أنها واجب إلزامي غير محبب بدلًا من جعلها ركناً أساسياً من الأعمال. ومن هذا المنظور المحدود، قد يقع العاملون في مجال المخاطر، في مصيدة الإفراط في التخطيط التكتيكي وضيق الأفق عند تحديدهم للمخاطر المحتملة.

لا ينجح هذا الأسلوب في عالم يشهد اضطرابات جمة، فكثير من المخاطر ذات طبيعة مركبة، مما يفرض على الشركات تحديد المخاطر وتخفيف أثرها على المؤسسة ككل؛ لأن التركيز على مخاطر محددة في جوانب محددة من وحدات الأعمال، لن تحقق المرونة اللازمة للمؤسسة (أو على الأقل، لن تكون التكلفة مقبولة). كما أن العديد من المخاطر المستقبلية ستنشأ من منظومة الشركاء خارج الشركة، وهو تحدٍّ لا يمكن لمهام إدارة المخاطر التقليدية أن تواجهه.

وسيكون على الشركات بدلًا من ذلك، دمج إدارة المخاطر ضمن الإجراءات الدورية والمنسجمة في عمليات اتخاذ القرارات على المستوى التنفيذي وعلى مستوى مجلس الإدارة. وبدلًا من اتخاذ القرارات بناء على الاعتبارات المالية وحسب، ينبغي على قادة الأعمال من كافة المستويات التفكير بعقلية مسؤولة.

الخطأ الخامس: المرونة والمقايضات

هل يمكن لشركة ما، حماية نفسها من الصدمات المستقبلية دون أن تتخلى عن مكاسبها اليوم؟ صحيح، فسيكون بوسع الشركات تحديد عدد من الخطوات التي تعزز مرونتها وقدرتها على الصمود دون أن تؤثر في الأرباح الحالية، ومنها تعزيز الشفافية في سلسلة الإمداد، وتحقيق الجاهزية للأزمات. ومن منظور شمولي، يمكن للمرونة على مستوى الشركة، أن تحسّن من كفاءة التكلفة، إلا أن الوصول إلى ذلك يتضمن قدراً من الاستثمار وتكلفة الفرص.

سيكون على قادة الأعمال هنا، التوسع في حوارهم مع المستثمرين حول تحقيق التوازن بين القيمة على المدى القصير والطويل. ومن ناحية أخرى، يحاول كثير من المستثمرين الموازنة بين الرغبة في الرعاية المسؤولة لرأس المال على المدى الطويلة، وبين ضرورة تجنب استثمار المال في جوانب متدنية الأداء.

يتضمن ترسيخ مرونة الشركات وضمان صمودها في وجه الأحداث والصدمات كثيراً من المقايضات الصعبة والدقيقة. فقد وجدت العديد من الشركات خلال العقد الماضي أن سياسة الإبحار قرب العاصفة، حققت للمساهمين قيمة ملموسة (وخاصة في ارتفاع العائدات) شرط تجنب الفشل الكارثي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"