عادي

4 طرق لخفض التكاليف دون المساس برواتب الموظفين

21:45 مساء
قراءة 5 دقائق
إعداد: أحمد البشير

عندما يتعرض التوازن المالي للشركات للخطر، أو عندما تقترب المؤسسة من تحقيق خسائر في نهاية العام، ينبغي عليها البحث عن وسائل لخفض التكاليف. فببساطة، يعتبر خفض التكاليف الطريقة الأكثر سهولة للتحكم في الإنفاق والحفاظ على الهامش الربحي السنوي، وخاصة إذا كانت التكاليف تتجاوز الإيرادات. ومن المؤسف أن معظم الشركات تلجأ في المقام الأول إلى خفض الرواتب والمنافع للموظفين كوسيلة لخفض التكاليف، دون النظر إلى بدائل أخرى.

وتختلف النتائج المترتبة عن خفض رواتب الموظفين باختلاف الظروف والسياق، ولكن بشكل عام، قد يؤدي ذلك إلى مشاكل أكبر بالفعل. فعوضاً عن حل مشكلة زيادة التكاليف بشكل سليم، قد يؤدي خفض الرواتب إلى إثارة غضب الموظفين والتأثير في قدرتهم اليومية وحافزهم على العمل. وبالتالي، من المهم أن تسعى الشركات إلى حلول بديلة للتكاليف، تستهدف الإنفاق الزائد بدقة دون المساس بحقوق ومعيشة الموظفين.

وغالباً ما تفتح الشركات التي تقلص تكاليفها من خلال تخفيض رواتب الموظفين باباً لمشاكل لا تنتهي، حيث ينجم عن ذلك جو من عدم الثقة داخل المؤسسة وانهيار قيم العمل والتضامن. وتلك النتائج قد تؤدي في النهاية إلى انهيار المؤسسات في غضون سنوات قليلة.

وإذا كنت تواجه تحديات متزايدة بسبب زيادة التكاليف وتأثيرها في الميزان التجاري، فإن الاستثمار في الموظفين يمكن أن يكون الحل الأمثل. يجب عليك تعزيز تواجدهم ودعمهم بشكل أكبر من أي وقت مضى، وذلك لتشجيعهم على التفكير الإبداعي والابتكاري. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية في العام القادم، ما يمكن أن يعوض عن الخسائر الحالية. كما يجب أن تدرك أنه لا يمكنك الوصول إلى هذه المرحلة من التحسين إذا بدأت في التخلي عن موظفيك بمجرد أن تصبح نتائجك المالية غير مرضية.

يعتبر راتب الموظف محفزاً أساسياً للعمل والإبداع بالنسبة لمعظم الباحثين الاقتصاديين. وعندما يتم تقليص هذا الراتب، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل حافز الموظف ورغبته في العمل بكفاءة، مما قد يفتح الباب أمام الاحتجاجات والغضب. هذه النتائج غالباً ما لا تكون مرغوبة للشركات بشكل عام.

ولتفادي هذا السيناريو، هناك أربع طرق يمكن اتباعها لتقليل التكاليف دون التأثير في رواتب الموظفين:

  1. خفض مصاريف المنتجات

يعتبرها جل الخبراء الاقتصاديين مغامرة، لكنها فعالة في النهاية، وتجلب للشركات أرباحاً أكبر. ومن أهم الأمور التي تثير العملاء في الأسواق، هي خفض مصاريف منتوج ما. بل إنها طريقة يمكن بها إحداث زلزال لدى المنافسين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على اتباع فكرتك، وإلا فإنهم سيخسرون.

في البداية، ستكون ردة فعلي إيجابية للغاية إذا رأيت إعلاناً يعلن عن خفض مصاريف سيارات «ميرسيدس» بنسبة 20%. وسيكون ذلك مفاجأة مذهلة وقد يجعلني أعيد التفكير في خياراتي. وبالتأكيد، لن يكون تأثير هذا الإعلان محصوراً في مشاعري فقط، بل سيؤثر بشكل كبير في سوق السيارات بأكمله.

وبالنسبة لباقي شركات تصنيع السيارات، ستكون ردة فعلهم متنوعة. فإذا لم تكن لديهم استراتيجية تنافسية مقارنة ب «ميرسيدس»، فقد يكونون مجبرين على مواكبة هذه الخطوة لتجنب خسارة حصتهم في السوق. وهذا بالتأكيد سيحدث زلزالًا في السوق، حيث سيضطر المنافسون لتقديم عروض تنافسية لجذب العملاء.

وإذا كانت «ميرسيدس» ستتمكن من جذب عملاء جدد بسبب خفض المصاريف، فستحقق أرباحاً جديدة وستتمكن من تعزيز مكانتها في السوق. هذا سيكون درساً قوياً لباقي الشركات حول أهمية التكيف مع التغييرات في السوق وضرورة البقاء في صدارة المنافسة.

وهنا مثال رائع يوضح كيف يمكن لخفض المصاريف أن يؤدي إلى زيادة الإيرادات بشكل كبير. فعندما تبيع 10 وحدات بسعر 10 دولارات للوحدة، سيكون إجمالي الإيرادات 100 دولار فقط. ولكن إذا قررت خفض سعر الوحدة إلى 8 دولارات، مما يجعل المنتج أكثر جاذبية للزبائن، وبالتالي قد تزيد مبيعاتك إلى 20 وحدة، ويزيد إجمالي الإيرادات إلى 160 دولاراً. هذا يعكس كيف يمكن لتقليل المصاريف أن يحسن الأداء المالي للشركة ويزيد من الربحية.

وتسمى هذه الاستراتيجية ب «ضرب عدة عصافير بحجر واحد»، حيث يمكن للشركة جلب عدد أكبر من العملاء، وزيادة الإيرادات، والتغلب على العجز التجاري، والتفوق على المنافسين في عدد المعاملات، ودفعهم إلى خفض مصاريف منتجاتهم للحفاظ على حصتهم في السوق.

وبالنسبة للمخاوف بشأن جودة المنتج، فهو تحد يمكن التغلب عليه. يدرك أصحاب الشركات جيداً أنه يمكنهم تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار منافسة عن طريق تحسين عمليات الإنتاج وزيادة الكفاءة، واستخدام مواردهم بشكل أكثر فعالية. في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي التقليل من التكاليف إلى تحسين الجودة بالفعل، عبر الاستثمار في تحسينات عملية التصنيع أو استخدام مواد أفضل بأسعار أقل.

باختصار، يمكن للشركات تحقيق النجاح من خلال استراتيجية خفض المصاريف دون التأثير في الجودة، ويمكن أن تكون هذه الخطوة حاسمة في تعزيز مكانتها في السوق وزيادة ربحيتها بشكل ملحوظ.

  1. وقف استقدام موظفين جدد مؤقتاً

إن وقف عملية التوظيف مؤقتاً في حالة عجز الميزان التجاري هو خيار معقول ومنطقي، حيث يمكن أن يساعد على تقليل التكاليف دون التأثير في رواتب الموظفين المحتفظ بهم. فإذا كانت الشركة توظف عمالًا جدداً بشكل منتظم، فإن وقف هذه العملية لن يؤثر سلباً في أداء الشركة. وتوقيت وقف التوظيفات يمكن أن يكون أمراً مرناً ويتوقف على الظروف الفعلية للشركة.

ويمكن لمجلس الإدارة أو المسؤول عن الموارد البشرية تحديد الفترة المناسبة لوقف التوظيف، ومن المستحسن أن لا تتجاوز هذه الفترة سنتين لتجنب التأثير السلبي في سمعة الشركة في السوق وأمام المنافسين. ومع ذلك، ينبغي أيضاً أن تتمثل استراتيجية الشركة في توفير فرص العمل بشكل منتظم، وذلك لتعزيز قدراتها وتحسين صورتها في السوق. لذلك، ينصح بوقف التوظيفات لمدة قصيرة لتجنب انتشار الإشاعات السلبية حول الشركة، والحفاظ على سمعتها الإيجابية بين العملاء والمنافسين.

  1. تأجيل المشاريع

تتناول هذه الفقرة الشركات التي تنوي التوسع أو إنشاء وحدات إنتاجية جديدة في أسواق جديدة، والتي قد تزيد التكاليف بشكل ملحوظ. على الرغم من أن كل شركة متوسطة أو كبيرة تفكر بشكل ضمني في التوسع، إلا أن عدم التوازن في الميزان التجاري قد يؤدي إلى تعليق هذه العملية مؤقتاً حتى تتم استعادة التوازن المالي المفقود.

ومن بين قواعد التوسع الاقتصادي، أنه يجب أن يكون لديك فائض مالي جيد للاستثمار في الأسواق الجديدة وإنشاء وحدات تجارية أو تسويقية جديدة. في حالة عدم توفر الفائض المالي السنوي، قد يتم تعليق المشاريع الجديدة والاستثمارية تلقائياً. ومع ذلك، هناك بعض الشركات التي قد تفضل الاحتفاظ بالمشاريع الجديدة والبحث عن مصادر تمويل بديلة، مثل خفض رواتب الموظفين على سبيل المثال.

وبشكل عام، يتعين على الشركات توخي الحذر والتقييم الجيد للظروف المالية قبل الشروع في أي عملية توسع، وضمان توفر الموارد المالية اللازمة لتحقيق النجاح في المشاريع الجديدة دون التأثير السلبي في العمل الحالي ورواتب الموظفين.

  1. ترشيد نفقات الإنتاج

إن تحديد الاحتياجات من المواد الخام الأساسية والاحتفاظ بمخزون استراتيجي منها هو أمر أساسي لجميع الشركات. يجب أن يتم الحفاظ على هذا المخزون الاحتياطي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث يعتبر توازن الميزان التجاري ضمن الظروف القاهرة التي يمكن أن تبرر تقليص هذا المخزون بنسبة تصل إلى 20% على الأكثر.

عندما يحدث اختلال في الميزان التجاري، يمكن للشركات تقليص مخزون المواد الخام مؤقتاً بنسبة 20%، ولكن يجب أن تتم استعادة هذه النسبة فور عودة التوازن المالي للشركة، ولا ينبغي أن يتجاوز هذا الوقت سنة ونصف السنة أو سنتين.

والاعتماد على مخزون المواد الخام يمكن أن يسهم في خفض تكاليف الاقتناء من الأسواق على المدى القصير على الأقل، مما يعزز قوة الميزان المالي والتجاري ويتيح للشركة استعادة استقرارها بسرعة.

وبغض النظر عن الأزمات المالية التي تمر بها الشركات، فإن الاحتفاظ بالتماسك الداخلي وقوة الإنتاج، ورضا الموظفين عن الإدارة هي عوامل أساسية للبقاء على قيد الحياة والتغلب على التحديات. باعتماد الخطوات التي تم ذكرها والتي أكدها خبراء عالميون في الاقتصاد، يمكن للشركات تجاوز الأزمات بنجاح والحفاظ على قدرتها على الازدهار في المستقبل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdh32z94

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"