عادي
أطباء مستشفى كليفلاند أبوظبي استأصلوا 50 ورماً من بطنه

ملاكم طموح يهزم السرطان ويتطلع الآن للعودة إلى «الحلبة»

19:39 مساء
قراءة 5 دقائق

أبوظبي: «الخليج»

يتطلع شاب هندي للعودة إلى حلبة الملاكمة مرة أخرى، بعد أن أجرى عملية جراحية، أنقذت حياته من السرطان، في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، جزء من مبادلة للرعاية الصحية.

كان راكشيث دوريسو اميجودا يبلغ من العمر 17 عاماً عندما شخص الأطباء حالته بأنها إصابة بنوع نادر وعنيف من سرطان البطن؛ حيث كان يعاني آلاماً شديدة في ظهره لأشهر عدة، وظن في البداية أن تلك الآلام ناجمة عن ممارسة الرياضة في المدرسة، وبعد تجاهل الألم للتركيز على امتحاناته النهائية، قام بزيارة عيادة محلية في بلاده؛ حيث قام الأطباء بوصف بعض مسكنات الألم له، وبعد مرور عدة أشهر لم يلاحظ الشاب خلالها أي تحسن، قرر أن يقوم بزيارة مستشفى في بنجالور، وعندها كشفت الفحوص الطبية أنه مصاب بورم الخلايا الصغيرة المستديرة الصلدة (DSRCT)، ونظراً لحالته المعقدة، أبلغه الأطباء في بنجالور أنهم لا يستطيعون علاجه.

يقول راكشيث: «انفطر قلبي حزناً حين تم تشخيص إصابتي مع قلة خيارات العلاج المتاحة لهذا المرض، لقد تلاشت كل أحلامي في أن أصبح ملاكماً، وأن ألتحق بالجامعة، فأنا الابن الوحيد لوالديّ اللَّذين ضحيا بالكثير لأنال أفضل ما يمكن من فرص في هذه الحياة، وبالتالي، لم أرغب في الاستسلام؛ حيث إنني مصدر الأمل لعائلتي، ولديّ الكثير مما أريد أن أفعله، فبدأت بالبحث على الإنترنت، ووجدت طبيبة في الولايات المتحدة، تدعى أندريا هايس - جوردان، وهي أخصائية جراحة الأورام لدى الأطفال، في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، خبيرة في هذا النوع من السرطان، كتبت لها أطلب مساعدتها».

يتابع راكشيث: «ردت الدكتورة أندريا هايس عليَّ، مقترحة أن يبدأ العلاج الكيميائي في الهند قبل سفري إلى الولايات المتحدة لإجراء الجراحة، وتلقيت الدورات الأولى من العلاج الكيميائي، لكن طلبي تأشيرة إلى الولايات المتحدة، رُفِض، ولم أستطع السفر لإجراء الجراحة، عندئذ أحالته الدكتورة هايس- جوردان إلى الدكتور ياسر أكمل، أخصائي جراحة الأورام، في مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»، وهو الطبيب الذي وَثِقَت فيه الدكتورة هايس- جوردان في إجراء الجراحة لإنقاذ حياة راكشيث.

يقول الدكتور ياسر أكمل، استشاري الأورام في مستشفى «كليفلاند كلينك أبو ظبي»: «عندما جاء راكشيث إلى مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، كان قد حاول مرات كثيرة أن يجد المكان المناسب لإجراء جراحته؛ وحيث إنني كنت قد عملت سابقاً مع الدكتورة هايس- جوردان في معالجة حالة أخرى، قامت بإحالة راكيشث إلينا؛ وذلك حين صار واضحاً أنه لن يكون قادراً على أن يسافر إلى الولايات المتحدة، لكن راكشيث مقاتل بطبعه، وهذه الروح قوَّت عزيمته طوال مدة تلقيه الرعاية الطبية، وأدت إلى نتيجة رائعة».

كان التأخير في انتظار تأشيرة السفر إلى الولايات المتحدة يعني أنه بدلاً من تلقي 12 جولة من العلاج الكيميائي للمريض المصاب بهذا النوع من الأورام السرطانية عادةً قبل الجراحة، تلقى أكثر من 20 جلسة بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى «كليفلاند كلينك أبو ظبي» في مارس/ آذار 2021.

يقول راكشيث: «كنت في حالة اكتئاب شديدة لعدم قدرتي على السفر إلى الولايات المتحدة للعلاج، ولكن حينما أوصت الدكتورة هايس- جوردان بأن أذهب إلى الدكتور أكمل في أبوظبي، عاد لي بعض الأمل مرة أخرى، كان التحدي التالي هو السفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن لحسن الحظ استطعت أنا وعمي أن نجد حجزاً على إحدى آخر الرحلات المتجهة من الهند إلى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ وذلك قبل تعليق الرحلات الجوية بسبب الجائحة، منذ تلك اللحظة، أدركت أنني في أيد أمينة».

بعد أكثر من عامين من تشخيص حالته الصحية، أجرى الأطباء جراحة راكشيث في 10 مايو/ أيار 2021، في يوم ميلادي العشرين، وعمل فريق الجراحين لأكثر من ست عشرة ساعة؛ حيث استأصلوا ما يزيد على 50 ورماً سرطانياً من بطنه، منها ورمان كبيران ومعقدان حول البنكرياس وفي منطقة الحوض، بجوار المثانة والمستقيم. وبعد استئصال جميع الأورام المرئية، استخدم الفريق الطبي المعالج جرعة واحدة من أدوية العلاج الكيميائي الساخنة، أوصلوها مباشرة إلى بطنه، لتدمير أي خلايا سرطانية متبقية، لمنع تطورها إلى أورام أخرى.

ثم يتابع الدكتور أكمل قائلاً: «كانت الجراحة التي أجراها راكشيث صعبة ومعقدة للغاية، واستلزمت فريقاً متعدد التخصصات، منهم طبيب متخصص في المسالك البولية، وجراح متخصص في القولون والمستقيم، وجراح متخصص في زراعة الأعضاء؛ وذلك للتأكد من أن كل شيء سيسير على ما يرام. كان موقع الورمين الكبيرين بالأخص يمثل تحدياً كبيراً، وكان عدد كبير من الأطباء سبق وأخبروه أن الورمين لا يمكن استئصالُهُما دون التسبب في ضرر دائم بالمستقيم والمثانة، يُسعدني أن أقول إننا استطعنا أن نعمل معاً، كي نتأكد من إزالة جميع الأورام التي كانت بجسمه ونتجنّب أي ضرر دائم، مما مَكَّنَه من أن يعيش حياة طبيعية بعد الجراحة».

وبعد الجراحة الناجحة، عاد راكشيث إلى منزله في الهند؛ حيث يتابع حالته الصحية مع الأطباء المحليين الذين يقدمون له الرعاية الطبية، ويخطط راكشيث، بعد أن يتعافى تماماً، أن يلتحق بالجامعة لدراسة علم الأحياء الدقيقة، ومتابعة حُلمه في أن يصبح ملاكماً.

ويختم راكشيث حديثه قائلاً: «لقد علمني مرض السرطان الكثير من الدروس في هذه الحياة، لقد تحملت كثيراً من الألم، طوال السنوات الثلاث الماضية، وأنا مدين بالكثير من الفضل للدكتور أكمل، والفريق الطبي بأكمله الذي عاملني بمثل هذا اللطف طوال مدة وجودي في أبوظبي، كنت أشعر دائماً أن لديهم المتسع من الوقت لي ولاستفساراتي التي ربما كانت سخيفة؛ وأهداني الدكتور أكمل قبل أن أغادر المستشفى زوجاً من قفازات الملاكمة، وهي هدية عزيزة جدّاً عليَّ، وآمل أن أتمكن برد ولو جزء بسيط من الجميل إلى الدكتور أكمل يوماً ما؛ حيث أعطاني فرصة جديدة للحياة، أريد أن أعود للملاكمة لأثبت للمجتمع كله أنه حتّى بعد إصابتي بالسرطان، يمكنني العودة بشكل أقوى».

جذبت رحلة راكشيث للعلاج قدراً كبيراً من الاهتمام، وتلقى كثيراً من الدعم من داخل مجتمعه المحلي وخارجه، بمن في ذلك الكاتب والمخرج السينمائي ناجاثي هالي تشاندرا شيخار الذي قدم له ولأسرته الدعم اللازم حين كان يكافح ضد مرض السرطان، وما زال فريق الرعاية الطبية، بمستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» يواصل معه المتابعة عن بُعد، باستخدام منصة الزيارة الافتراضية للمستشفى، للتأكد من أنه يمضي في فترة نقاهته بشكل سليم؛ حيث إن الفريق يتطلع بشكل مستمر لمعرفة ما سيحققه في المستقبل، بعد صراع شديد مع مرض السرطان، على مدى ثلاث سنوات.

ويختم الدكتور أكمل حديثه قائلاً: «كان من دواعي سروري أن أٌقدم الرعاية الطبية لراكشيث؛ حيث إنه شخص قوي العزيمة، فعلى الرغم من المأزق الخطر الذي كان يواجهه، فإنه لاقاه بثبات كبير، وكان هو نفسه يشارك بالرعاية الطبية التي كانت حالته تستدعيها؛ حيث بحث كثيراً إلى أن عثر أخيراً على العلاج المناسب، والأطباء المناسبين، وقصة راكشيث هي أيضاً قصة توضح تعاون الأطباء من التخصصات المتعددة، ليس من مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي» فقط، ولكن من خارج حدود الدولة أيضاً، كما في هذه المحنة؛ حيث توزع فريق الأطباء الذي قدم له الرعاية الطبية بين ثلاث بلدان، وأنا متأكد من أن راكشيث بعد نجاحه في هزيمة واحد من أقوى الخصوم، سيواصل سعيه لتحقيق أشياء عظيمة أخرى».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"