عادي

ترقيع الصلاة

22:15 مساء
قراءة 3 دقائق
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

ترقيع الصلاة في المذهب المالكي مصطلح يطلق على سجود السهو، والسهو في اللغة بمعنى ذهول المعلوم عن أن يخطر بالبال.
ويذكر المناوي في كتاب «التوقيف على التعاريف» ص 417، أن السهو هو زوال الصورة من القوة المدركة لا من القوة الحافظة، أما النسيان فهو زواله منهما.
والفرق بين السهو والغفلة، أن السهو يكون عما لا يكون، والغفلة تكون عما يكون.
والسهو عند الفقهاء، كما يقول زرّوق في شرحه على الرسالة ج 1 ص 203، هو الذهول في الشيء أو عنه بما يؤدي إلى الإحلال به بزيادة أو نقصان أو كل منهما، وكل يقع في الصلاة، فيجبر بالسجود ما لم يكثر جداً، فتبطل الصلاة، أو يقل جداً فيغتفر.
والسهو في الصلاة أمر واقع لا محالة، حتى الرسول  صلى الله عليه وسلم  سها في صلاته، والصحابة كذلك، وفي القرآن الكريم: «الذين هم عن صلاتهم ساهون» الآية 5 من سورة الماعون.
وقد سمى فقهاء المالكية مثل هذا السهو بالترقيع، لأنك تسهو في صلاتك، ثم تجبره بسجدة السهو، وبذلك تمضي في عبادتك ولا تعيدها، فتشبه من يرقع ثوبه ويلبسه من غير أن يخيط توباً آخر.
وقد قال القرافي: إن الصلاة المرقعة أولى من الإعراض عن ترقيعها أو الشروع في غيرها، وهذا هو منهاج الرسول  صلى الله عليه وسلم  وأصحابه، انظر «الذخيرة» للقرافي ج 2 ص 296.
والسهو في الصلاة يكون زيادة ونقصاً وشكاً، فالرسول  صلى الله عليه وسلم  صلى الرباعية خمساً، ولما نُبه سجد سجدتين بعد الصلاة، وقد أخذت الحنفية بالسجود بعد السلام.
كما ورد أن الرسول  صلى الله عليه وسلم  قام من ركعتي الفريضة دون أن يجلس للتشهد الأول، فسجد سجدتين للسهو ثم سلم.
وورد عن الشك في الصلاة قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك، وليبن على اليقين ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع، كانتا ترغيماً للشيطان» رواه مسلم.
يقول النووي، رحمه الله تعالى: ومذهب الجمهور مبني على اليقين، اعتماداً على هذا الحديث؛ ذلك أن اليقين لا يزيله الشك. انظر «شرح مسلم» للنووي ج 5 ص 58، وانظر التمهيد لابن عبد البر ج 5 ص 25.
وسجود السهو حكمه على مشهور مذهب مالك، رحمه الله تعالى، أنه سنة، قبلياً كان أم بعدياً، وذهب ابن رشد الحفيد في «بداية المجتهد» ج 1 ص 227، إلى أن السجود القبلي واجب.
أما السجود البعدي فلا خوف في عدم وجوبه عند مالك، وحكم سجود السهو عموماً عند الحنفية والحنابلة واجب، وعند الشافعية سنة.
وبما أن الصلاة لها فرائض وسنن وفضائل، فإن سجود السهو شُرع لجبر السنن فقط، وبالتحديد السنن المؤكدة وهي: قراءة السورة، والسر والجهر في الفريضة، والتكبير مرتين فأكثر سوى تكبيرة الإحرام، وقول سمع الله لمن حمده مرتين، والتشهد الأول والجلوس له، والتشهد الأخير، والجلوس له، إلا بقدر إيقاع السلام فإنه فرض، والسجود عن هذه كلها محله قبل السلام، انظر «الثمر الداني» ص 139، وهداية المتعبد السالك للآبي ص 100.
والسجود إذا كان بعد السلام، فإنه يعيد التشهد ثم يسجد للسهو، وهذا هو مشهور مذهب مالك وقد أخذ به ابن القاسم.
وفي المدونة أن السهو في التطوع والمكتوبة سواء، أي يترتب في حق الساهي سجود السهو، لكن استثنى المالكية خمس مسائل منها: ترك السورة بعد الفاتحة، ترك الجهر في الجهرية، وترك السر في السرية، والقيام للركعة الثالثة في النفل فإنه يكملها أربعاً، إذا ترك ركناً من النافلة وطال خروجه منها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"