أبحاث علمية تحل مشكلات حياتية يومية

أعدها 40 طالباً وطالبة في جامعة عجمان
01:19 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق: مها عادل

البحث العلمي والأكاديمي هو أساس التقدم في كل مجتمع، ولذلك يستطيع النشاط البحثي داخل الجامعات أن يعطينا فكرة عن المستقبل داخل الوطن ومدى قدرة الشباب الصاعد على التفكير بشكل إيجابي لحل ما يطرأ من مشكلات، والبحث عن حلول لها بطريقة علمية منظمة، وفي هذا الإطار تبنت جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا مؤخراً، مبادرة لتعزيز كوادرها من الباحثين من طلبة الجامعة بمختلف التخصصات، واستثمار الخبرات العلمية لأعضاء الهيئات التدريسية، حيث نظمت احتفالية «يوم البحث العلمي» لتكريم 20 بحثاً فائزاً قام بها 40 من طلابها المتميزين في مجال البحث العلمي بعد أن خضعت بحوثهم العلمية التي أنجزت خلال العام الأكاديمي 2017-2018 لإجراءات تحكيم وفق معايير دقيقة، وبناء عليها تم اختيار البحوث الطلابية التي فازت بالمراكز الأولى على مستوى كل كلية، وتتنوع المشروعات والبحوث المشاركة بين التطبيقية والنظرية، ولكنها تتضافر لتعزيز الصورة الإيجابية عن شباب واعد يبدأ حياته العملية بهذه النظرة المتخصصة لتحويل الدراسة الجامعية النظرية إلى واقع عملي يحيا بين الناس، ويعمل على تحسين حياتهم.
في السطور التالية قمنا بالتجول بين أفكار الطلاب وأبحاثهم، واخترنا بعضها لنناقشه معهم، ونكتشف مدى قدرتهم على تحقيق هذا المفهوم.
التقينا الطالب داوود علي بلور المتخصص بنظم المعلومات وإدارة المشاريع، اشترك مع ثلاثة من زملائه في التخصص نفسه، هم أحمد محمد منير، وإبراهيم يوسف سليمان، وأحمد غازي أبو دقة، في تقديم مشروع يعمل على تتبع سلامة وأمن الأطفال إذا وجدوا داخل البيت بمفردهم في غياب الأهل، يحمل عنوان «Child Safety system»، أو نظام حماية الطفل «وتم اختيار الفكرة لحل مشكلة تعانيها كثير من الأسر التي يعمل فيها الأبوان، ولديهما أطفال صغار قد يعودون من المدرسة في وقت يسبق عودة الأهل، وهو أمر يسبب قلقاً كبيراً لديهم، وما الذي يمكن أن يتعرض له أطفالهم بغيابهم.
ويقول بلور عن مشروعه: هو عبارة عن جهاز يتكون من جزأين: الجزء الأول، وهو الجهاز القارئ والذي يكون موضوعاً عند باب المدرسة، وباب المنزل، والجزء الثاني عبارة عن بطاقة، أو ملصق إلكتروني يكون في حوزة الطفل. وحين عبوره يقوم الجهاز بمسح المعلومات الموجودة على الملصق، ثم يقوم بإرسال المعلومات إلى الموقع الإلكتروني الذي يمكن الأهل من معرفة مكان الطفل، ومتابعة تحركاته من لحظه خروجه الى وصوله للمنزل، وتم عمل كل الخطوات سوياً بعد أربعة أشهر ونصف الشهر من الدراسة حتى خرج إلى النور.
مشروع تقني آخر لطلاب كلية الهندسة يمس قطاعاً كبيراً من ذوي الهمم الذين يعانون مرض التوحد قدمه الطلاب حمد يحيى، عماد الدبابسة، سحاب علي، وإبراهيم الأنصاري، المتخصصون بالهندسة الكهربائية، عنوان البحث هو استخدام نظارات الواقع المعزز لمساعدة أطفال التوحد للتغلب على الصعوبات التي يواجهونها. وجرى البحث تحت إشراف كل من الدكتور مستحسن مير، والمهندس عبدالعزيز النجار، والدكتورة فرح السراج.
ويقول يحيى: كان دورنا كطلاب البحث عن المشاكل التي يعانيها أطفال التوحد والبحث عن الحلول الموجودة للتغلب على هذه المشاكل واستقصاء جدواها. ثم التفكير بحلول مبتكرة وعرضها على المشرفين والمختصين في هذا المجال، مثل الأخصائيين في مركز دبي للتوحد، ومستشفى الجليلة للأطفال.
لاقت الفكرة استحسان المختصين، وتم تبني الفكرة من مركز جامعة عجمان للابتكار. وقد استغرق البحث والإعداد لتنفيذ هذه الفكرة فترة فصلين دراسيين متتاليين. وكان الهدف من المشروع هو تطويع تقنية الواقع المعزز في وضع حلول قائمة على مبدأ التدريب والتعليم لأطفال التوحد للتغلب على المشاكل العامة المشتركة التي يعانونها. وتتلخص هذه المشاكل في أربع نقاط وهي: أولاً صعوبات في التواصل البصري. ثانياً صعوبات في فهم ما تمثله تعابير وجه الأطراف الأخرى. ثالثاً صعوبات عامة في التواصل. أخيراً صعوبات في التعلم.
ويبدو أن تداول الصور في مواقع التواصل الاجتماعي يمثل اهتماماً خاصاً للشباب، ومشكلة محتملة بالنسبة إليهم، الأمر الذي جعل هذا الموضوع عنواناً لأكثر من بحث ودراسة تتناول الموضوع من جوانب متعددة، فهناك دراسة ميدانية قامت بها مجموعة طالبات بكلية الإعلام، تخصص تصميم جرافيكي، تحت عنوان: «تشارك الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين المستخدمين العرب»، وفكرة البحث مرتبطة بنوعية الدراسة التي يقومون بها، حيث إن التصميم الجرافيكي هو الصورة المرئية.
وتطلعنا شيخة علي البلوشي تخصص تصميم جرافيك عن فريق العمل، وتقول: يتكون من 4 أعضاء هم: حبيبة الكمالي وسارة الأرملي والدكتورة مها عبدالمجيد -المشرف العلمي على البحث، وتم توزيع المهام حيث تم تكليفي بالدراسة الميدانية على الجمهور العربي، أما حبيبة فمهمتها الدراسة التحليلية للصورة الأكثر تشاركاً في مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تكليف سارة بالإطار النظري والتحرير والتدقيق اللغوي للدراسة، مع المتابعة الدائمة من قبل الدكتورة والإشراف على الدراسة، بدءًا من جلسات العصف الذهني لاختيار الفكرة انتهاءً بالدراسة في نسختها الأخيرة. وعن أهم نتائج الدراسة تقول: أثبتت الدراسة أن الجمهور يتفاعل مع الصور ذات المحتوى العاطفي والإنساني الحي بشكل أكبر، كما يعد تطبيق «الإنستجرام» الموقع الأول والمفضل لدى الجمهور لتشارك الصور، وأن استخدام الصور من الأساليب الأكثر إقناعاً في نشر البيانات السياسية والأساسية، ونتائج البحث يمكن أن يستفيد منها العاملين في الميدان الإعلامي و الدعاية والإعلان.
ومن الأبحاث التي تركز على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت أيضاً، ما قدمه محمد علاء الدين، الطالب في كلية الإعلام والعلوم الإنسانية مع زميله إبراهيم أحمد، حيث قاما بدراسة خاصة حول دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار، للتعرف إلى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كمصادر إخبارية يعتمد عليها شبابنا العربي على مدار اليوم، باستخدامهم المتواصل لمواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على الأخبار والمعلومات. إلا أن البحث لم يقتصر على هذا فحسب، بل تناول أيضاً مشكلة الشائعات والأخبار المفبركة التي أصبحت في ازديادٍ بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي مستهدفة كل فئات المجتمع بشكل عام، وفئة الشباب بشكل خاص.
تعلّق الدكتورة مها عبد المجيد الأستاذة المشاركة بكلية الإعلام على بحث تداول الصور عبر مواقع التواصل وتقول: يحظى سلوك الجمهور في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تحديدًا بأهمية كبيرة لدى الباحثين والممارسين في مجالات العمل الإعلامي المختلفة. فالمؤسسات الإعلامية تحتاج إلى أن تعرف ما الذي يريده الجمهور، وكيف يتصفح المحتوى الرقمي، وسلوكه على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون مؤشرًا لتوجهات الرأي العام، لذا فإن دراسة سلوك الجمهور العربي في تشارك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي ذات أهمية ملموسة على أرض الواقع لكل من المؤسسات الإعلامية، الدعاية والإعلان، لأنها تقدم نتائج علمية دقيقة. وبالتالي يمكن الاستفادة من النتائج في تعزيز كفاءة نشر للمواد الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الوصول إلى الجمهور المستهدف، ومن أوجه التميز في هذه الدراسة أنه بينما يوجد رصيد متنوع من الدراسات الأجنبية التي تناولت موضوعات مشابهة، لم نجد في الدراسات العربية - على حد علمنا - تناولاً لسلوك الجمهور العربي في تشارك الصور من حيث الدوافع والدلالات التي تحملها.
يحدثنا د. كمران أرشد، عميد الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة عجمان، عن الهدف من إقامة هذه المبادرة ويقول: «تهدف الجامعة إلى منح الطلاب بكافة التخصصات المختلفة، فرصة لعرض الجهود والدراسات البحثية التي برعوا فيها خلال العام الدراسي 2017 2018، والتي تتميز بتوجهها لخدمة المجتمع الإماراتي، كما أنها فرصة لتكريم ومكافأة الطلاب المميزين ليستمروا بالعطاء وليصبحوا مصدر الهام لغيرهم».
وعرض كل الأبحاث المشاركة أمام لجنة من المتخصصين، وقامت باختيار أفضل المشاريع والأبحاث المقدمة، من خلال عدة معايير أهمها: دور البحث في خدمة المجتمع وتأثيره على الآخرين، وهذه الأبحاث في الواقع تخدم الطلاب والأساتذة المشرفين والمجتمع بأسره، وتعمل على توسيع الآفاق والرؤى في الأوساط العلمية.

تصميم متحف زايد الخير

شاركت الطالبة عفراء البلوشي، تخصص هندسة معمارية، ببحث فردي متميز قامت فيه بعمل تصميم معماري مجسم كامل من الداخل والخارج لبناء متحف مع استخدام عناصر صديقة للبيئة، بعنوان «متحف زايد الخير» في أبوظبي، وتقول عفراء: اخترت هذه الفكرة بالتحديد لتخليد تاريخ وأمجاد المغفور له الأب المؤسس الشيخ زايد وحتى يكون وسيلة مؤثرة تساعد على تواصل الأجيال وزيادة الشعور بالفخر والانتماء عند الأجيال الجديدة وإطلاعهم على تراث الإمارات وحضارتها، حيث إن المتاحف هي الوسيلة الأبقى والأمثل لحفظ تراث وتاريخ الشعوب، وأهم صعوبة واجهتني هي تحديد الموقع المناسب لبناء المتحف على الأرض وكيفية التواصل مع بلدية أبوظبي.

حفظ الصور من الانتهاك

من الأبحاث النظرية التي تمس أشياء مهمة في حياة الناس تنقلنا كل من هند حسن حميد البلوشي وإيمان جاسم الحمادي وهما طالبتا ماجستير في القانون العام إلى أجواء الإنترنت والسوشيال ميديا بدراسة عنوانها «الحماية الجنائية للحق في الصورة» حيث يقدم البحث دراسة قانونية حول ظاهرة انتشرت كثيرا ترتبط بانتهاك خصوصية الأفراد ونقل صورهم الشخصية من مواقع التواصل الاجتماعي وسرقتها أو إساءة استعمالها.
البحث تم إجراؤه تحت إشراف الدكتورة لطيفة حميد وقد خرج بنتائج عديدة أهمها: إن المشرع الإماراتي ضمن الحماية الجنائية لحق الإنسان في صورته من جميع أوجه الاعتداء عليها وذلك من خلال نصوص قانونية وردت في المرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات عند الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق التالية: التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها. ونشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية.
وتعبر الباحثتان البلوشي والحمادي عن حجم استفادتهما على المستوى الشخصي من الدراسة التي قامتا بها وتقولان: إن التصوير بشكل عام من الممارسات الاعتيادية في حياتنا اليومية فلا يخلو يوم من قيامنا بهذه الأفعال، وبالتالي فإن دراستنا لهذا الموضوع تفيد شريحة كبيرة بالمجتمع و خاصة الشباب و تدق ناقوس الخطر لكي لا نقع في مخالفات قانونية وخاصة في حال قيامنا بأفعال قد نظن أنها مباحة قانونا. كما أصبح لدينا نظرة شاملة حول تكييف الوقائع المختلفة لهذا الموضوع وما يمكن أن يستباح المساس به في حالات معينة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"