مخطوطات الجامعة القاسمية شاهدة على الريادة الحضارية

دار خاصة قيد الإنشاء تحفظها للأجيال المقبلة
02:20 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة علي كامل خطاب:

للعرب إرث ثقافي ومعرفي، وإسهام كبير في إرساء قواعد التقنية الحاضرة، ووضع اللبنات الأولى للعلوم والمعارف التي أصبحت أساس التقدم الحالي في الصناعات الحديثة.
هذه العلوم والمعارف العربية أثرها ممتد الجذور وغائر في أعماق التاريخ، وهذه الأحقية لعلماء العرب والمسلمين لا يمكن تجاهلها على الرغم من محاولات جهات ومؤسسات ودول طمسها، لاسيما الإسهامات العلمية والأدبية والدينية.
المخطوطات التاريخية بما تحمله بين دفاتها من علوم ومعارف منجز كبير يجب أن نعرّف العالم به، لإثبات هذا الحق التاريخي الضارب في القدم، وما تركه الأجداد من تراث ثقافي ومعرفي وعلمي مسجل، لا ينكره إلا جاحد، وإظهار هذه المخطوطات أفضل محام، وخير دليل.
إهداء صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الجامعة القاسمية، أخيراً، الدفعة الثالثة
من المخطوطات والوثائق التي تعتبر من أنفس المخطوطات التاريخية من مقتنيات سموه، خطوة مهمة في إثبات هذا الحق التاريخي، وإظهاره للعلن، من خلال التعريف بالمنجز العربي، وأن أجدادنا ليسوا على هامش تاريخ العالم، العلمي والثقافي.
الجامعة القاسمية من خلال عالمية الرسالة التي تمتاز بها، اهتمت بالمخطوطات التراثية، بكل ما تحمله من علوم ومعارف، لتقديم رسالة العرب إلى العالم، ودعم هذا الدور وجعله أحد أهدافها القيمة، بجانب الرسالة العلمية وتعريف الآخر بالإسلام وعلومه.
دار المخطوطات التي يجري إعدادها في الجامعة القاسمية، تعد الأولى في الشرق الأوسط، وهي دليل على الاهتمام بالعلوم والمعارف وتوفر سبل التعلم للطلاب الذين أتوا من العالم أجمع، بطرق تقنية مبتكرة تحفظ المخطوطات، وتتيح للباحثين والجمهور والمهتمين الاطلاع عليها.
يقول د. رشاد محمد سالم، مدير الجامعة القاسمية: إن مجموعة المخطوطات التي أهداها لنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي تشمل كل فروع العلم والمعرفة، وأغلبها باللغة العربية، وبعضها بلغات أخرى.

وأضاف: «خص صاحب السمو حاكم الشارقة الجامعة بهذه المخطوطات، لأنها بمثابة قلعة علم تضم طلاباً من كل بقاع الدنيا، لذا أراد سموه أن يضع بين يدي هؤلاء هذا الكم الهائل من ذخائر العلوم والمعارف، وجعلها ميسرة، حيث لا يوجد مثيلها في العالم، ويتميز الكثير منها بالندرة والتفرد، لاسيما أن ما بها من علوم لا يعلمها الكثيرون في الشرق والغرب، وإتاحتها تجعل من السهل الاطلاع عليها والاستفادة منها.

ويرى د. رشاد سالم أن المخطوطات المهداة رد فعلي على المدعين بأن العرب عالة على غيرهم في إنتاج المعرفة، فهي توثق لحقب تاريخية سجل فيها العلماء العرب والمسلمون قدرتهم على التأليف والتصنيف والبحث والكتابة وتقديم العلوم والمعارف للعالم، وذلك بما تحمله من برهان واضح لأهم العلوم التي اهتم بها العرب، من علوم الدين والفقه واللغة والسيرة والتاريخ، والفلك وغيرها من العلوم الدينية والدنيوية.
ويشير إلى أن«هذه الكنوز من المخطوطات ملأى بما أنتجه العرب قديماً وعبر عصور متوالية، وهذا يهيئ لطلاب العلم من العالم نقل هذه الكنوز وتعريفهم بفضل العرب وتقديمها للعالم».
تجهز الجامعة القاسمية، وفق د. رشاد سالم، مبنى خاصاً يسمى «دار المخطوطات الإسلامية» ليكون مجهزاً بأعلى أسباب التقنية الحديثة في حفظ المخطوطات وأرشفتها ونسخها والحفاظ عليها، بجانب نسخها وإتاحتها للجمهور من القراء والباحثين وطلاب العلم والمهتمين، باعتبارها تراثاً أصيلاً لا بد له من البقاء.

ويقول سالم: نقل هذا المخزون الثقافي والتراثي المعرفي إلى الجامعة القاسمية وتخصيص دار له في المستقبل خطوة مهمة في الحفاظ على المخطوطات، وضمان استمرار بقائها. ويضيف«يوشك عدد المخطوطات التي ستحفظ بالدار أن يصل إلى نحو 1000 نسخة، وستبقى فيها النسخ الأصلية مع تبادل النسخ المصورة والمؤرشفة مع الجهات الأخرى، داخل الدولة وخارجها، لتتوسع دائرة الاستفادة منها».

ويؤكد د. رشاد سالم الحرص على التواصل مع العالم لتبادل الرؤى والأفكار، وتوسيع رقع الاستفادة من هذه المخطوطات بالتعاون مع الجهات المهتمة بها، وحفظها للأجيال المقبلة، لأن هذا واجب لا بد منه.

في سبيل تجهيز الدار، تبذل الجامعة القاسمية جهوداً حثيثة يقول عنها د. رشاد سالم: جلبنا أفضل الكوادر لأرشفة هذه المخطوطات النادرة والحفاظ عليها وإعدادها لتكون بين يدي أهل البحث والعلم، بجانب تصنيفها بطريقة علمية صحيحة تُمكّن الباحث من الاستفادة منها والرجوع إليها في حال احتاج بحثه إلى ذلك، بجانب ترقيمها ليسهل الحصول عليها، فهناك نسخة رقمية وأخرى ورقية بصحبة المخطوطة الأصلية، ليتم الاطلاع عليها من غير إتلاف النسخ الأولية. وبهذا يمكننا تحقيق الهدفين: إتاحتها لجمهور الباحثين، والحفاظ عليها في آن.

تعامل آمن

حفاظاً على المخطوطات الأصلية وضمان التعامل الآمن معها بعد تجليدها وأرشفتها وترقيمها وتعقيمها وإعادة ترميمها، تنسخ، حسب د. رشاد سالم، نسختين، وتجلد الأصلية وتحفظ في مكان خاص بها لا تصل إليه الأيدي. ويقول: ستتاح النسخ الرقمية والورقية للباحثين والجمهور، وستكون هناك قاعتان للاطلاع الإلكتروني على هذه المخطوطات، بجانب أكثر من نسخة ورقية لها، كما سيكون هناك ترميم آلي ومسح ضوئي لها واستخدام الطرق الحديثة والتقنية في الحفاظ عليها والتعاون مع جهات أخرى تهتم بهذا الشأن وإعداد جيل من الفنيين المهتمين بالتراث المادي ، وذلك للتعامل الآمن مع هذه الكنوز العلمية وذات القيمة التاريخية الكبيرة.

تعاون

عن التعاون بين الجامعة القاسمية ومعهد الشارقة للتراث، باعتبار أن به قسماً خاصاً للحفاظ على المخطوطات والوثائق التاريخية، وكوادر بشرية وأجهزة تقنية، يقول د.رشاد سالم: بعد الانتهاء من تشييد دار المخطوطات وتجهيزها ستتواصل مع كل الجهات المعنية التي تهتم بالمخطوطات وحفظها وأرشفتها وصيانتها.

وسيصار إلى تعاون أيضاً منتظر مع دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية، باعتبارها إحدى الجهات المهتمة بالمخطوطات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"