عادي

باول.. الجمهوري الثري يعترف بمخاطر «التضخم المزمن»

11:29 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

تلقى الجمهوري الثري جيروم باول، دعماً من الرئيس الأمريكي جو بايدن بترشيحه له لولاية ثانية على رأس الاحتياطي الفيدرالي، حتى وإن لم يكن رسمياً خبير اقتصاد، والمصرفي السابق البالغ 68 عاماً، أثبت براعة في عبور المستنقع السياسي في واشنطن، ونال إشادات وتعرض لانتقادات من جميع الأطراف، مع محافظته في نفس الوقت على استقلالية البنك المركزي.
وفي حال مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي على ترشيحه، سيستمر باول في قيادة الاحتياطي لأربع سنوات إضافية، ومواكبة أكبر اقتصادات العالم في تعافيه من أزمة الوباء، مع الحرص على استعادة الوظائف من دون مفاقمة التضخم.
وبترشيحه باول لولاية جديدة، يكون بايدن قد استبعد دعوات الأعضاء التقدميين في الحزب الديمقراطي له باستبداله بمرشح أكثر ليبرالية.
تولى باول قيادة البنك المركزي الأمريكي في 2018 بعد أن رشحه الرئيس السابق دونالد ترامب خلفاً لجانيت يلين. وتعرض طيلة أشهر لهجمات لاذعة من ترامب على خلفيه رفعه معدلات الفائدة.
منذ تعيينه حاز باول إشادات لحرصه على ضمان استفادة الأمريكيين الأكثر تهميشاً من النمو الاقتصادي، ولقيادته تحولاً في سياسات الاحتياطي الفيدرالي من أجل تحقيق ذلك.
غير أن الليبراليين هاجموه لعدم بذله المزيد من الجهود لكبح جماح البنوك والمساهمة في مكافحة التغير المناخي.
بناء إجماع
خلال ولايته، تمكن باول الذي يفضل أن يُنادى «جاي»، من توحيد المؤيدين لمعدلات تضخم منخفضة والمعارضين لها، في اللجنة المكلفة بوضع سياسات البنك.
وأشرف خلال سنته الأولى على زيادة معدلات الفائدة أربع مرات من جانب اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة، متجاهلاً انتقادات علنية من ترامب الذي اتهمه بإيذاء الاقتصاد.
ومع وصول وباء كوفيد-19 إلى الولايات المتحدة مطلع 2020، لم يضيع باول ولا البنك وقتاً.
وخفض البنك معدلات الفائدة المرجعية إلى الصفر بحلول منتصف آذار/مارس، وقدم تسهيلات إقراض جديدة وبرنامجاً ضخماً لشراء السندات، لتجنب تعطل النظام المالي الأمريكي كما حصل في 2008.
وقد نجحت تلك الجهود، إضافة إلى تريليونات الدولارات من إجراءات الإنفاق التحفيزية، إلى حد كبير في الحؤول دون انكماش أكثر شدة وطويل الأمد.
وارتفع معدل البطالة إلى 14,8 في المئة في نيسان/إبريل 2020، لكنه تراجع إلى 4,6 في المئة الشهر الماضي، علما أنه لا يزال أعلى بنقطة مئوية مقارنة بما كان عليه قبل الوباء.
والآن يتهم بعض السياسيين والاقتصاديين باول، بترك الاقتصاد يتراجع بشدة في وقت يتسبب النقص في أعداد اليد العاملة وأزمة الشحن العالمية واختناقات سلاسل الإمداد في مفاقمة التضخم.
وبعد تراجعه لسنوات إلى ما دون هدف 2 في المئة الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع مؤشر سعر المستهلك إلى 6,2 في المئة في تشرين الأول/أكتوبر في أعلى معدل له في أكثر من ثلاثة عقود.
وبدأ الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر تقليص إجراءاته التحفيزية للاقتصاد، وخفض مشتريات السندات الشهرية.
غير أن باول قال إن ارتفاع الأسعار تدفعه عوامل مؤقتة، وإن البنك لن يرفع معدلات الفائدة إلى حين إنهاء برنامج شراء السندات، حوالي منتصف العام على الأرجح.
بل إن بعض خبراء الاقتصاد الليبراليين يعتقدون أن الوقت حان ليغير البنك الفيدرالي رسالته ويحضّر الأسواق لزيادة واحدة أو ثلاث، لمعدلات الفائدة العام القادم.
باول يعترف
ويوم الاثنين، أقر رئيس مجلس الاحتياطي بالتأثير الضار للتضخم المرتفع على الاقتصاد والأسر الأمريكية، فيما قد تكون إشارة إلى أن السيطرة على الوتيرة السريعة لزيادات الأسعار هي الآن الأولوية العليا للبنك المركزي الأمريكي.
وفي تعليقات مقتضبة عقب إعلان الرئيس جو بايدن ترشيحه لفترة ثانية، قال باول «نعلم أن التضخم المرتفع يسبب معاناة للأسر، خصوصاً أولئك الأقل قدرة على تحمل ارتفاع تكاليف حاجات أساسية مثل الغذاء والإسكان والمواصلات».
وأضاف قائلاً «سنستخدم أدواتنا لدعم الاقتصاد ودعم سوق عمل قوية ومنع ارتفاع التضخم من أن يصبح مترسخاً».
تشديد تدريجي
وفي حين سجلت الولايات المتحدة زيادة كبيرة في الوظائف، بلغت نسبة البطالة بين الأمريكيين من أصول إفريقية 8,8 في المئة في آب/أغسطس و6,4 في المئة بين الأمريكيين من أصول لاتينية، وهي حقيقة لا ينسى باول ذكرها في تصريحاته العلنية.
ويشدد على أهمية الحفاظ على النمو الاقتصادي لأطول فترة ممكنة لضمان تقاسم المكاسب على نطاق واسع. وفي خروج عن نهج كثيراً ما لوحظ بين رؤساء الاحتياطي الفيدرالي، سعى لاستطلاع آراء العمال والشركات الصغيرة على الصعيد الوطني.
قبل تعيينه مسؤولاً في البنك المركزي في 2012 من جانب الرئيس الديمقراطي آنذاك باراك أوباما، كان باول باحثاً لدى مركز بايبارتيزان بوليسي للأبحاث.
كما كان مساعداً لوزير الخزانة مكلفاً بمؤسسات مالية لفترة وجيزة في عهد الرئيس جورج بوش الأب اعتباراً من 1992.
وحتى إن لم يكن باول خبير اقتصاد فإن هذا الحقوقي هو من بين أغنى الأشخاص الذين ترأسوا الاحتياطي الفيدرالي.
وقد كشف في وقت سابق هذا العام عن ثروة صافية تقدر بما بين 20 مليوناً و55 مليون دولار، جمعها بعد قرابة عقد من العمل في مجموعة كارلايل العملاقة للاستثمارات المالية ومقرها واشنطن.
ولم يكن باول بمنأى عن الجدل الذي أثير حول أنشطة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في سوق الأوراق المالية، بعد أن أظهرت كشوفات أنه حصل على مليون إلى خمسة ملايين دولار من صندوق استثماري العام الماضي. (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"