التضخم وعدم المساواة الاقتصادية

22:20 مساء
قراءة 3 دقائق
3

كريستوفر روجابر *
يمثل هذا التفكير اختلافاً صارخاً عن وجهة النظر التقليدية لاستخدام الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. ففي العادة، يُنظر إلى الزيادات الحادة في أسعار الفائدة التي يخطط لها الفيدرالي للأشهر المقبلة على أنها تهديد خاص للأسر المحرومة وذات الدخل المنخفض، والتي من المرجح أن تعاني إذا أدت زيادة الأسعار تلك إلى إضعاف الاقتصاد، وتسببت بارتفاع البطالة وصولاً ربما إلى الركود.

لكن بدلاً من ذلك، فإن بعض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشاؤماً، والذين يفضلون عادة معدلات الفائدة المنخفضة لتغذية سوق العمل، يبذلون قصارى جهدهم الآن للإشارة إلى الطرق التي يؤثر بها التضخم بشدة في الأمريكيين الأفقر. وهم يجادلون بأن كبح جماح التضخم المرتفع هو قضية عدالة.

وقالت لايل برينارد، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي والمسؤولة عن أسعار الفائدة منذ فترة طويلة، إن عبء ارتفاع الأسعار كبير بشكل خاص بالنسبة للأسر ذات الموارد المحدودة. وهذا هو السبب في أن خفض التضخم هو من أهم أولوياتنا. وأشارت برينارد إلى أن الغذاء والطاقة يمثلان معاً ربع ارتفاعات الأسعار التي دفعت التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاماً. معتبرة أن الأمريكيين الأفقر ينفقون نحو ربع دخلهم على البقالة والمواصلات، بينما تنفق الأسر الأكثر ثراء أقل من العُشر.

ويتفق أعضاء الكونجرس من كلا الحزبين بشكل عام على أن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يعالج ارتفاع التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة بشكل مطرد، الأمر الذي سيجعل العديد من قروض المستهلكين والشركات أكثر كلفة. في الواقع، قال معظم الاقتصاديين إن البنك المركزي قد انتظر وقتاً طويلاً للقيام بذلك ويواجه الآن مخاطر الاضطرار إلى تشديد الائتمان بسرعة كبيرة وإخراج الاقتصاد عن مساره. وفي الشهر الماضي، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي ربع نقطة مئوية، لتصبح 0.5% للمرة الأولى منذ عام 2018. ومع ذلك، أعرب بعض الديمقراطيين عن قلقهم من أن المعدلات الأعلى ستبطئ التوظيف بشكل كبير، كما أن البطالة بالنسبة للعمال السود، على سبيل المثال، لا تزال أعلى من تلك الخاصة بالبيض.

وقال السيناتور شيرود براون، وهو ديمقراطي عن ولاية أوهايو، في جلسة استماع الشهر الماضي بشأن ترشيح جيروم باول لولاية ثانية مدتها أربع سنوات: «من الواضح أن أمامنا طريقاً طويلاً لنقطعه للتأكد من حصول كل فرد على وظيفة جيدة. فرفع أسعار الفائدة في وقت مبكر جداً يمكن أن يحد من نمو الوظائف».

بدوره يرى تيم دوي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في «إس جي إتش ماكرو أدفايزرز» ومحللون آخرون، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي محق في تسليط الضوء على الضرر الذي يمكن أن يلحقه التضخم بقدرة الأمريكيين على تحمل الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والغاز والإيجار، وأن بعض التعليقات الأخيرة للبنك قد بالغت في فكرة أن التضخم يعزز عدم المساواة الاقتصادية.

وكان خطاب برينارد الأخير أحد الأمثلة الصارخة على حجة بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن التضخم يمكن أن يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة. حيث قالت إنه عندما يرتفع التضخم، يمكن للأسر التي تشتري منتجات تحمل علامات تجارية غالية أن تتحول إلى متاجر ذات علامات تجارية أرخص. لكن المستهلكين الأفقر الذين يشترون أصلاً سلعاً رخيصة لا يمكنهم إجراء تبديل مماثل لخفض الأسعار.

وبالمثل، فاجأت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو والتي لطالما كانت الصوت المسالم في لجنة صنع السياسة داخل أروقة الفيدرالي، المراقبين والمستثمرين، هذا الأسبوع، عندما أعلنت أن التضخم ضارّ مثل عدم الحصول على وظيفة.

وأضاف دوي من «إس جي إتش»، إن باول نفسه حوّل نبرة خطابه في هذا الاتجاه، منذ الشتاء الماضي، أثناء شهادته أمام الكونجرس، عندما ذكر التأثير القاسي الذي يلحقه التضخم بالأمريكيين المحرومين. في حين أن رئيس المجلس الاحتياطي لم يثر هذا القلق في شهادته السابقة في سبتمبر/ أيلول.

لقد كان تغييراً ملحوظاً بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في عهد باول، الذي ركز على عدم المساواة في سوق العمل أكثر من سابقيه. ففي أغسطس/ آب 2020، حدّث المركزي إطار سياسته ليُظهر أن هدفه المتمثل في تحقيق أقصى قدر من معدلات التوظيف كان «واسعاً وشاملاً».

* كاتب في الاقتصاد في «أسوشيتد برس»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"