مساومة مرفوضة

مع وصول الميدان التربوي إلى الفصل الدراسي الثالث، الذي يعدّ آخر محطات المعرفة للعام الدراسي 2021-2022، نجد بعض إدارات المدارس الخاصة تتعنت وتختلق إشكاليات لا داعي لها؛ إذ تجوب أركان الميدان حالياً، إشكالية حرمان الطلبة من إعادة التسجيل للعام الدراسي المقبل 2022-2023، لإجبار الأهالي على سداد كامل الرسوم أو القسط الأول لرسوم العام الجديد.
وعلى الرغم من أن تلك الإشكالية تخالف الحقوق المكفولة للمدارس الخاصة، ولا تمنحها الحق في المطالبة بالرسوم بهذه الطريقة، إلا أنها باتت عادة متجددة، وسلوكاً غير لائق، يتكرر معنا سنوياً في هذا التوقيت، ومع الأسف لم يجد من يتصدى له بحزم، ولم يحظَ أولياء الأمور والطلبة بحماية كافية، من مساومات ابتدعتها مدارس خاصة، لتحصيل رسوم عام دراسي لم ينتهِ بعد، أو حصاد أقساط الرسوم لعام دراسي لم نصل إليه بعد.
توقفنا مراراً وتكراراً على تلك السلوكيات المرفوضة، التي تؤثر سلباً على العملية التعليمية، واستقرار المتعلمين خلال محطتهم الأخيرة من كل عام، وما تحمله معها من إرباك للأسر، إلا أننا لم نجد لها نهاية بعد، وباتت تتفاقم عاماً بعد الآخر.
لماذا تفتعل هذه المدارس تلك الإشكاليات؟ وتودع كل عام دراسي بمشاحنات ومنغصات؟ وكيف تمنح لنفسها حقوقاً ليست لها؟ وإلى متى سيظل أولياء الأمور يعانون من تلك المساومات المرفوضة؟ ولماذا لا تُعاقب على زيف إجراءاتها التي تتنافى مع اللوائح، وتتناقض مع السياسة التعليمية، وتخالف نصوص عقود تنظيم العلاقات مع أولياء الأمور؟
لقد تجاوزت الإشكالية المعتاد؛ فالعام الدراسي الجاري لم يصل لمحطته الأخيرة، وتبقى فيه ثلاثة أشهر تقريباً، فما هو الحق الذي تطالب به تلك المدارس؟ وأين المتأخرات؟ والأغرب نراه في مساومة البعض للوالدين لسداد رسوم عام دراسي جديد، يبدأ في نهاية أغسطس/ آب المقبل، مقابل إعادة تسجيل أبنائهم، وهنا فإن الأمر يستدعي تدخل الجهات المعنية، لوضع نهاية لأمر يتنافى مع قيم التعليم ومبادئه وأخلاقياته وقداسته والمهام التي وُجد من أجلها.
هناك لوائح صارمة يعلمها الجميع؛ إذ حملت بنوداً تحفظ حقوق المدارس، ولم تشتمل على أي نوع من المساومات، ولم تمنح المدارس حق ربط إعادة التسجيل بالرسوم المتبقية لعام ما زال على رأس عمله، أو المطالبة برسوم عام لم يبدأ بعد، ولا حقوق لمدرسة في إيقاف طالب عن التعليم بسبب الرسوم.
فمن الأفضل أن تركز تلك المدارس على إنجاز ما تبقى من العام الدراسي، بمسؤولية ومرونة، ولنجعل تطبيق اللوائح والقوانين أداة تمكين الجميع في الميدان من الحصول على حقوقه.
[email protected]