بعيداً عن الأفكار المعلبة

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

تعافى العالم من فيروس «كورونا» فتغلب عليه طبياً، وتمكّن من الحد من انتشاره ومن مخاطره التي كانت تؤدي إلى الموت، لكنه لم يتعافَ بشكل فعلي اقتصادياً، ولم يتخيل العالم أن فيروساً خبيثاً سيتمكن من تعطيل الأعمال وشل الحياة على وجه الأرض بهذا الشكل، ورغم صعوبة ما عشناه في العامين الماضيين إلا أننا تعلمنا من المحنة مجموعة دروس، ولا بد أن يكون الدرس الصحي والدرس الاقتصادي في طليعة ما تتوقف عنده الدول؛ كي تمنع تكرار المأساة، خصوصاً أن ظهور فيروسات جديدة وغريبة بات من سمات هذا العصر والآتي قد يكون أصعب. 
ما قبل «كورونا» ليس كما بعده، فمن استوقفه حال العالم وتعمق في البحث عن آثار «كورونا» وما الذي علينا تغييره وكيف المسار نحو مستقبل أفضل، سيتمكن بلا شك من الاستفادة والإفادة من أجل تحقيق نهضة اقتصادية مهمة. هنا يلفتنا التقرير المعرفي الصادر عن مؤسسة القمة العالمية للحكومات، إلى ما جاء فيه من أن جائحة كورونا المستجد «كوفيد-19» تسببت في «فقدان ملايين الوظائف حول العالم، وضياع ما نسبته 8.8% من إجمالي ساعات العمل، ما يعادل 225 مليون وظيفة ثابتة»، أرقام تذهلك فتشعر بأن المحنة لا يجب أن تكون عابرة، فما الحل؟ وكيف الاستعداد لما قد يأتي من بعدها؟.
لنضع الشق الصحي جانباً، فالاقتصاد والعمل لا يقلان عنه أهمية، لاسيما أن العالم يعاني أزمات كبرى، منها الغذاء وارتفاع نسب البطالة.. لذا من الضروري فتح مجالات جديدة نخرج بها من عنق الزجاجة، ومن حصار الأزمات المتسارعة منذ ظهور «كورونا» وحتى اليوم والغد. ومما يلفت إليه التقرير أنه «بموازاة التغييرات العميقة في أنماط الأعمال وطبيعتها، فقد بدأ العالم يشهد تطور قطاعات اقتصادية جديدة تواكب فرصاً اقتصادية نوعية قادرة على إنتاج وظائف نوعية جديدة.. والتقديرات تشير إلى أن نحو 30% من الوظائف معرضة بشكل كبير لخطر الأتمتة، وقد يكون هذا الخطر أعلى بكثير في بعض الدول».
هذه الحقائق تقول بمعنى آخر إن العالم يحتاج إلى وظائف جديدة، وهذه بدورها تحتاج إلى مهارات جديدة وتخصصات جديدة، وأساليب تفكير وتطبيق مختلفة، ما يعني أيضاً أن من يصنعون المستقبل بعقولهم وبأياديهم هم الشباب، وهؤلاء يحتاجون بشكل ملحّ إلى من يفتح أمامهم مجالات تخصص مختلفة تماماً عما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، ينتظرون فرص عمل تناسب متطلبات أسواق الغد لينهضوا بالاقتصاد، وليتمكنوا من تحقيق ذواتهم، والمساهمة في إنقاذ الاقتصاد العالمي من تراكم أزماته و«خيباته». 
أيّاً كان الاتجاه أو الخط الذي يسلكه العالم مع تطور التكنولوجيا ودخول الروبوت والإلكترونيات في كثير من مجالات العمل، فإن مهمتنا اليوم أن نؤهل الشباب والأطفال ليواكبوا هذا العصر ومتطلباته، ويتدربوا على الجمع بين المهارات والابتكار والابتعاد عن الأفكار المعلبة والجاهزة والتخصصات التقليدية، فيُسهموا بدورهم في فك طوق الاقتصاد الذي يخنق العالم اليوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"