مهما طال الزمن

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

«البطل الرئيسي هو المنتج»، كلمات لا يقولها إلا الواثق من نفسه، ومن جودة عمله، فنادراً ما تسمع مخرجاً، أو مؤلفاً، أو ممثلاً رئيسياً لعمل تلفزيوني أو سينمائي، يتحدث عن الإنتاج، ويعيد الفضل الأول في نجاح عمله للمنتج الذي أعطى بسخاء ولم يبخل بأي شيء حتى يحقق للفيلم أو المسلسل الهدف المنشود والنجاح المأمول. تلك الكلمات رددها المخرج مروان حامد خلال حديثه عن فيلمه «كيرة والجن»، ولم يكن بحاجة لشرح التفاصيل، لأن كل من شاهد الفيلم، سواء كان من أهل المهنة وصاحب رأي وذواق أو من الجمهور العادي، أذهله هذا «العمل الضخم»، والوصف لا يطلق إلا على الأعمال التي رُصدت لها ميزانيات «ضخمة»، وارتقت إلى مستوى الإتقان في كل التفاصيل، من أصغرها إلى أكبرها.

كل عمل تعامل معه المنتج بسخاء، بمعنى الكرم، لا الإسراف والبذخ لتلميع صورة وشكل البطلة أو لدفع أجر البطل المبالغ فيه من دون وجه حق على حساب ميزانية العمل ككل، لا بد أن يكون مميزاً ويترك بصمة لا تمحى، بل ويبقى خالداً في السينما والتلفزيون، وفي ذاكرة الجمهور. والذاكرة تشهد على الكثير من النماذج التي لا يمكن أن تمر مرور العابرين من دون أن تستوقفك، حتى ولو شاهدتها عشرات المرات، مثل فيلم «الرسالة» بنسختيه الأجنبية بطولة أنتوني كوين وإيرين باباس، والعربية بطولة عبدالله غيث ومنى واصف، «المصير»، «عمارة يعقوبيان»، «الفيل الأزرق» (أكثر من جزء)، ومن المسلسلات الاختيار (بكل أجزائه)، و«رأفت الهجان»، «ليالي الحلمية»، «جزيرة غمام».

الاستسهال يولد فشلاً، والسخاء لغايات وحسابات شخصية وضيقة يولد فشلاً أيضاً، والكتابة الجميلة والإبداع في الإخراج لا يكتملان، كما لا يكتمل اللقاء الناجح والمثمر بينهما إذا لم يبنيا العمل على أساس متين يمهد لهما الطريق ليخرجا بأجمل شكل على الشاشة. والشكل هذا لا يكتمل إذا لم يقدر المنتج حجم الرسالة التي يحملها الفيلم أو المسلسل، ويتولى بنفسه مسؤولية الإشراف على منحه كل المستلزمات والأكسسوار والأزياء والصوت والإضاءة والموسيقى، فالمخرج يد واحدة لا يمكنها التصفيق بلا اليد الأخرى «الإنتاج»، حتى أن بعض الأفلام تسعد لمشاهدتها رغم بساطة محتواها لأنها مقدمة لك بقالب جميل ومجهود كبير بذله كل فريق العمل خلف الكواليس.

ولك أن تتخيل أن البشر يزولون بينما يبقى مجهودهم ومقدار عطائهم في أي عمل خالداً إلى الأبد، وتشهد عليه الأجيال المتتالية مهما طال الزمن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"