عادي

الإفتاء المصرية: التهنئة بالعام الهجري الجديد مستحبة شرعاً

16:37 مساء
قراءة 4 دقائق
القاهرة: «الخليج»
أكد د. شوقي علام، مفتي مصر، أن التهنئة بقدوم العام الهجري مستحبة شرعاً، لما فيها من إحياء ذكرى هجرة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وصحابته رضي الله عنهم، ولما فيها من معان سامية وعبر نافعة.
وأكد المفتي أن الشرع حث على تذكر أيام الله، وما فيها من عبر ونعم، كما أنها بداية لعام جديد، وتجدد الأعوام على الناس من نعم الله عليهم التي تستحب التهنئة عليها.
وأوضح المفتي في رده على سؤال حول «حكم التهنئة بالعام الهجري، حيث يدعي البعض أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع، لأن بداية العام ليست من الأعياد التي يهنأ بها، وإنما هو شيء ابتدعه الناس»، أن الهجرة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، استحقت أن تكون بداية للتقويم الإسلامي.
وأضاف: هذا الاستحقاق جاء لما مثلته الهجرة من معان سامية ورفيعة، إذ كانت دليلاً جليّاً على تمسك المؤمنين بدينهم، الذين هاجروا إلى المدينة تاركين وطنهم وأهلهم وبيوتهم وأموالهم، لا يرغبون في شيء إلا في العيش مسلمين لله تعالى، ولذلك مدحهم سبحانه وأشاد بهم، بقوله سبحانه وتعالى: ﴿للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون﴾، الآية 8من سورة الحشر.
وأضاف علام أن الهجرة كانت البداية الحقيقية، لإقامة بنيان الدولة الإسلامية، ووضع أحكامها التشريعية، التي صارت أساساً لإنشاء النظم المجتمعية، وضبط العلاقات الإنسانية والدولية، وإقراراً لمبدأ التعايش والتعددية.
وأوضح أنه لأجل ذلك اختار الصحابة رضي الله عنهم الهجرة بداية للتقويم الإسلامي؛ فروى الطبري في «تاريخه» عن ميمون بن مهران قال: رفع إلى عمر رضي الله عنه، صك محله في شعبان، فقال: أي شعبان، الذي هو آت، أو الذي نحن فيه؟ ثم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ضعوا للناس شيئاً يعرفونه»، فقال بعضهم: «اكتبوا على تأريخ الروم»، فقيل: «إنهم يكتبون من عهد ذي القرنين، فهذا يطول»، وقال بعضهم: «اكتبوا على تأريخ الفرس»، فقيل: «إن الفرس كلما قام ملك طرح ما كان قبله»، فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، فوجدوه 10 سنين، فكتب التأريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتعرف بداية العام الهجري في أول شهر المحرم الذي ليس هو يوم هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قد يظن، بل كانت هجرته صلى الله عليه وآله وسلم في ربيع الأول، وإنما كان العزم على الهجرة والاستعداد لها في استهلال المحرم، بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار.
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (7- 268، ط. دار المعرفة): «وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المحرم، لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم».
وأكد مفتي مصر أن في التهنئة برأس العام الهجري استحضاراً للعديد من المعاني التي يجوز شرعاً التهنئة عليها، ومنها، الامتثال للأمر القرآني بتذكر أيام الله تعالى، وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وذكرهم بأيام الله﴾، الآية 5من سورة إبراهيم.
وشدد المفتي على أن الهجرة يوم عظيم من أيام الله تعالى، ينبغي أن يتذكره، ويسعد به البشر كلهم، لأن الهجرة كانت البداية الحقيقية لإرساء قوانين العدالة الاجتماعية، والمساواة بين البشر، وإقرار مبدأ المواطنة بين أبناء الوطن الواحد مع اختلاف العقائد، والتعايش والسلام ونبذ العنف.
وأضاف أن الاحتفال برأس السنة الهجرية يذكر بنصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة على مشركي مكة، بأن يسر له أمر الانتقال إلى المدينة والدعوة إلى الله فيها، وحفظه من إيذاء المشركين، وانتقل بذلك من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة، مما كان سببا لنصرة الإسلام وسيادته، قال تعالى: ﴿إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا﴾، الآية 40من سورة التوبة: 40.
واكد المفتي أن التهنئة إنما تكون بما هو محل للسرور، ولا شيء يسر به المسلم قدر سروره بيومِ نصرِ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم. كما أن رأس السنة الهجرية بداية لعام جديد، وتجدد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها، لأن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، والتهنئة عند حصول النعم مأمور بها.
وأوضح مفتي مصر انه إذا اجتمعت التهنئة بالأوقات والأحداث السعيدة، مع الدعاء بعموم الخير واستمراره، والبركة في الأحوال والأوقات كان ذلك أشد استحباباً وأكثر أجراً وأدعى لربط أواصر المودة بين المسلمين.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"