أطفالنا مشاهير

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

عند تبادل الحديث مع طفل أو مراهق، حول طموحاته وخططه المهنية المستقبلية، تُفَاجَأ أحياناً بوجود اختلاف جذري لدى البعض في تلك الطموحات، وهو ما قد يكون ناتجاً عن التأثر بمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي التي تعج بالمشاهير، سواء «بلوجر» أو «يوتيوبر» أو «فاشينيستا» والذين باتت تلك المسميات مهناً لبعضهم تُدرّ (بحسب ما يظهرونه في حساباتهم الخاصة) أموالاً طائلة، وتحيطهم بحياة محفوفة بالرفاهية حتى باتت حلماً يسعى إلى تحقيقه الأبناء.
اختلفت طموحات وأحلام الأطفال المهنية المستقبلية خاصة المدمنين منهم على متابعة محتويات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أوجدت اختلافاً كبيراً على مستوى المهن التي يطمحون إلى الانخراط فيها مستقبلاً، حيث لم تعد الإجابة التي كنا نسمعها من الأطفال عند استفسارهم عن طموحاتهم العملية المستقبلية، تتمحور حول الطبيب أو المهندس أو الصحفي أو المعلم أوغيرها من المهن.
أسهمت تلك المحتويات في إحداث منعطف في طريقة تفكير بعض الأبناء وآمالهم وطموحاتهم، وأسلوب وطريقة تحقيقها، وهو ما يمكن الكشف عنه عند الحوار مع بعض الأطفال الذين تأثروا بتلك المحتويات، حيث تظهر بين كلماتهم مجموعة من الألفاظ التي تعتبر مؤشراً إلى تلك التحولات الفكرية، سواء المتعلقة بالطريق السهل والسريع للحصول على المال الوفير الناتج عن أعداد المتابعين والمشاهدات، لاستعراض الحياة الخاصة وما يُدِرّه ذلك من إعلانات تجارية تتيح لهم السياحة الداخلية والخارجية وزيارة المطاعم، والإعجاب بنوعيات الأطعمة، وإن كانت غير مستساغة، وغيرها من الخدمات التي قد يحصل عليها صاحب الحساب مجاناً.
الآثار التي أفرزتها بعض محتويات برامج وسائل التواصل الاجتماعي في نفوس الأبناء، يمكن استشفافها من خلال سلوكياتهم التي باتت تنصب في قالب التقليد الأعمى لسلوكيات بعض المشاهير، والسعي إلى إنتاج فيديوهات تجتذب عدداً كبيراً من المتابعين، وتسجل أرقاماً مرتفعة لعدد المشاهدات أواللهاث وراء تحقيق الثراء السريع، وهو ما لاحظه بعض أولياء الأمور الذين تركوا لأبنائهم الحبل على الغارب في الاطلاع على المحتويات، سواء كانت استعراضاً يومياً للحياة الخاصة، أو إجراء التحديات أو غيرها دون متابعة أو مشاركة في مشاهدة تلك المحتويات، وتوجيه تفكيرهم نحو الطريق الصحيح.
باتت الممارسات التي يتابعها الأبناء يومياً في وسائل التواصل الاجتماعي والتي يُصنّف بعضها اجتماعياً، سلبياً، مقبولة بعد أن جمّلتها تلك المحتويات وجعلتها حلماً وطريقاً سهلاً نحو الثراء الفاحش الذي أبهر الأبناء، وجعلهم يلهثون خلفه متغافلين عن أن الغاية أحياناً لا يمكن أن تبرر الوسيلة.
لا يمكن إغفال دور الأسرة في تحصين أفكار الأبناء ومعتقداتهم، وإحاطتها بالحماية اللازمة من تسلل الآثار السلبية الناجمة عن تلك المتابعة غير المقنّنة، وضرورة فتح الحوار الحر والنقاش التوعوي مع الأبناء، الرامي إلى التعريف بالإيجابيات والسلبيات من السلوكيات والممارسات التي تتضمّنها المحتويات بشكل عام، وتعويد الطفل أو المراهق على التقييم الذاتي بعد أن يضع ولي الأمر أسس تصنيف لتلك الممارسات، تتناسب مع عادات وتقاليد وهوية المجتمع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc58rftp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"