عادي

الوكيل جلَّ جلاله

23:35 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

كثيرة هي المصاعب التي تعترض الإنسان في حياته، لكن هذه المصاعب على كثرتها تزول حين يُقال لصاحبها، أنا توكلت بحل كل همومك ومشاكلك، فساعتئذ يشعر الإنسان بالراحة والطمأنينة، لكن قد يكون بإمكان هذا القائل أن يحل بعض الأمور، ويعجز عن كثير غيرها، ومع ذلك يشعر أحدنا أن هماً كالجبال أُزيح عنه، فكيف إذا كان القائل بإمكانه أن يجد حلاً لكل المصاعب والأزمات، وأن ينتشل الإنسان من كل ما هو فيه؟، كيف إن كان القائل أمره بين الكاف والنون، إن قال للشيء كن كان كما أراده له؟ كيف إذا كان القائل هو الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، القائل لعباده (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق:3، أي من صدق بتوكله على الله كفاه الله ما أهمه حتى ولو كان كالجبال الشواهق، والمطلوب من العبد أمر واحد، وهو أن يسلك السبل نحو أي عمل يريد إنجازه ثم يقول يا رب توكلت عليك، وهنا سيكون الوكيل إلى جانب العبد، يقضي له حاجاته، وييسر له أموره.

الوكيل على وزن فعيل، وهذا يدل على أنه، سبحانه، لا يتوكل بأمر دون أمر؛ بل هو كلما وكله العبد أمراً توكله وقضاه له، فهو القادر على أن يتوكل أمر العبد بأي شيء مهما كان هذا الأمر مستحيلاً في نظر العبد، وما يطلبه، سبحانه، من عبده أن يعتقد أمرين اثنين؛ أولهما أنه لا بد من الأخذ بالأسباب، وثانيهما ألا يعول على الأسباب فمسببها هو الله، تعالى، والعبد إن أدرك هذين الأمرين عاش في الدنيا سعيداً هانئاً معتقداً أن ما كان له لن يصل إلى غيره، وما كان لغيره فلن يصل إليه، فلا مزاحمة للناس في أرزاقهم وأقواتهم، فكل ميسر لما خلق له، كما أن العبد حينما يدرك هذين الأمرين فإنه لن يشعر باليأس إن لم يتحقق له ما كان يبغيه؛ إذ إنه يدرك يقيناً أنه سلم الأمر ووكله لمن يعلم بما يصلح له في دنياه وآخرته؛ لذا ترى المؤمن في سرائه سعيداً يحمد الله، وفي ضرائه صابراً محتسباً مفوضاً أمره إلى الله.

الوكيل يدعو عباده إلى أن يتوكلوا لا أن يتواكلوا فشتان بين من يسعى إلى الرزق ثم يسأل الرزاق، وبين من يجلس ينتظر أن تمطر السماء عليه ذهباً وجواهر، والعبد المؤمن يفوض أمره للوكيل، جلَّ جلاله، قبل سعيه، ويستعين به حال كسبه، ويحمده ويشكره بعد توفيقه، ويصبر ويحتسب إن فاته أمر ما، ويرضى بما قسم له ربه، ونبينا، صلى الله عليه وسلم، علمنا معنى التوكل الحقيقي حين قال فيما يرويه سيدنا عمر بن الخطاب عن النبي، صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ: تغدو خماصاً وتروح بطاناً)

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26s5en2k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"