عادي

الحق جل جلاله

22:59 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

ناصب الكفار النبي، صلى الله عليه وسلم، العداء لأنه دعاهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، وترك عبادة ما دونه من حجارة وأصنام لا تضر ولا تنفع، ولما عاندوه ورفضوا دعوته، جاءهم بالأدلة والبراهين التي تثبت صحة رسالته، وبطلان عبادتهم؛ إذ كيف يصنع أحدهم إلهاً من حجر ثم ينسب له القدرة؟ وكيف يأتي أحدهم بالتمر فيجعل له هيئة معينة ويقول إن هذا هو الإله ثم إذا جاع أكله؟ فهي دعاوى باطلة، لا أساس لها إلا تذرعهم بأن هذا ما وجدوا عليه آباءهم وهم على آثارهم سائرون ولنهجهم متبعون وفي المقابل من ادعاءاتهم الباطلة كانت هناك دعوة الحق التي تدعو إلى وحدانية الخالق، وتؤكد أنه ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السماء وذلك بالحجة والبرهان والمنطق، وخلاف الحق هو الباطل الذي لا دليل ولا برهان على صدقه. الحق كلمة لها وقعها في النفس، فإن قلت: فلان لا يقول غير الحق، فإن ما يتوارد على الذهن أن كل باطل لا وجود له، وهذه الكلمة تبعث في النفس الطمأنينة بأن من يتصف بها لا يحيف ولا يظلم، وأنه قوي ذو عظمة وسلطان وجلال وكمال؛ ولهذا وصف الله، سبحانه وتعالى، نفسه بالحق، والحق معناه أن الله يتصف بالوجود والدوام وأنه فعّال لما يريد، وأن ما أراده كان وما لم يرده لم يكن، والحق اسم فاعل بمعنى أن الله هو المنفذ للأمر المدبر له، فحينما أقام الدين أقامه بالحق، وحينما أمر ونهى إنما كان ذلك بالحق المبني على الحجة والبرهان ومن عاند الحق فإنه يتصف بخلافه وهو الباطل؛ إذ لا مكان رمادي بينهما فإما حق وإما باطل.

عندما نتفكر في معاني اسم الله الحق ندرك أن الله حينما أقام شرعه وأمر به راعى أحوال عباده فلم يكلف العبد فوق طاقته، كما أن أحكامه، سبحانه، تكون بمقتضى حال العبد في المشقة واليسر، فنجد أن الله أمر القادر على الصلاة قائماً أن يفعل ذلك، فإن لم يستطع فليؤدي ما استطاع قائماً فإن لم يستطع فليصلي جالساً، وفي حال السفر لأن المشقة تجلب التيسير أمر بقصر الصلاة وجمعها، وكذا الحال في بقية أمور الدين وأحكام الشرع، فإن حاول العبد أن يحيد عن حكم من الأحكام فإنه بذلك يجانب الحق إلى خلافه وهو الباطل ونبينا، صلى الله عليه وسلم، أكد لنا أن الحلال بيّن وأن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات فمن وقع بتلك المشتبهات خالف الحق ووقع في الحرام.

الحق، سبحانه، يأمرنا أن نجعل الحق منهج حياة لنا في جميع أحوالنا من أقوال وأفعال وأحكام، فلا نكون من الذين يأتون إلى الحق مذعنين إن كان لهم، ويحيدون عنه إن كان لغيرهم، كما يأمرنا أن نلتزم الحق حتى مع أنفسنا، وفي وصية سلمان الفارسي لأبي ذر والتي أقره عليها النبي صلى الله عليه وسلم خير شاهد بأن لبدنك عليك حق ولأهلك عليك حق...

الحق، سبحانه، يأمرنا أن نعطي كل ذي حق حقه ولا نبخس الناس أشياءهم وأن نحذر عاقبة أخذ حقوق الناس بالباطل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8vr7dt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"