د. منى تهلك
قبل نحو 120 عاماً، وبالتحديد في عام 1900، قام عالم البكتيريا الروسي فالديمار هافكاين بتطوير أول لقاح للكوليرا. وقبل هذا التاريخ، تمكن عالم التشريح الإيطالي فيليبو باتشيني في عام 1855 من فصل الجرثومة، ثم تتابعت الكشوف في فهم هذا المرض ومسبباته، وطرق مكافحته.
وكما هو واضح، فإن القضاء على الكوليرا بات في متناول اليد؛ بل إن كثيراً من الدول منذ عقود طويلة لم يسجل أية إصابة بهذا المرض، وبات معزولاً في مواقع من العالم محدودة ومعروفة بتعثرها التنموي، وتلوث المياه، وأيضاً تدهور في الرعاية الصحية، حيث وقفت عاجزة عن منح الناس اللقاحات اللازمة، والعلاجات لمكافحة هذا المرض.
وتقول منظمة الصحة العالمية: «منذ عام 2021، كانت هناك زيادة في حالات الإصابة بالكوليرا وتوزيعها الجغرافي على مستوى العالم. حيث أبلغ 23 بلداً عن فاشيات الكوليرا في إفريقيا وشرق المتوسط» وحسب المنظمة نفسها: «تشير تقديرات الباحثين إلى وقوع عدد يتراوح بين 1.3 و4.0 مليون إصابة بالكوليرا سنوياً، وإلى تسبب الكوليرا في وفيات يتراوح عددها بين 000 21 و000 143 وفاة في جميع أنحاء العالم».
إذن هذا المرض ما زال يعد مشكلة عالمية تواجه الرفاه والصحة للناس، وهو مرض متربص، إن وجدت المناسبة للنمو الانتشار، مثل المياه الملوثة، وتراجع حملات التلقيح، فإنه تبعاً لمثل هذا الخلل ترتفع أعداد المصابين، وهو ما تتم ملاحظته اليوم في عدة بلدان من العالم.
الملاحظة التي من البديهي التنبه لها، هو التاريخ القديم، الذي تمكن خلاله العلماء من فهم هذا المرض؛ بل معرفة طريقة علاجه والوقاية منه، ومع هذا، فإن الإصابات ما زالت مستمرة، وفي البعض من الأجزاء من العالم تعد وبائية. مثل هذه الحالة تبين أن الوقاية في مستواها المنخفض تماماً، وأيضاً عملية التلقيح وأخذ جرعات هي أيضاً تعاني تدهوراً واضحاً، وكأن هذا المرض يتربص بالبشرية.
خلال العام الماضي، أعلنت إصابات في بلدان عرفت بأن لديها بنية تحتية وتنموية قوية، ومع هذا سجلت إصابات بالكوليرا، وهو ما يوضح حيوية وأهمية أخذ اللقاحات والوقاية؟
الكوليرا قد تكون اختفت من أرجاء كثيرة من العالم، بفضل الله، ثم الجهود العلمية للأطباء والعلماء، والذين نجحوا طوال عقود في فهم المرض، ووضع العلاجات المناسبة، فضلاً عن حثهم على الوقاية وأخذ الأمصال واللقاحات، التي أثبتت حيويتها وجدارتها وموثوقيتها.
استشاري أمراض نساء وولادة
مدير تنفيذي مستشفى لطيفة
