عودة السياح الصينيين

21:47 مساء
قراءة 4 دقائق

يعد الانفاق على السياحة معياراً مهماً لقياس صحة القطاع السياحي في بلد ما، فكيف إذا كان عدد سكان هذا البلد يبلغ أكثر من 1.4 مليار نسمة، ناهيك عن الزيادة الهائلة في قوته الاقتصادية والتحسينات الملحوظة في مستويات معيشة الناس.

قبل جائحة كورونا، كانت الصين أهم مصدر للمسافرين الدوليين في العالم، وكان السياح الصينيون من أكبر المنفقين في الخارج. ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، أنفق السياح الصينيون 255 مليار دولار عبر 166 مليون رحلة خارجية في عام 2019.

وفي عام 2020 والسنتين اللاحقتين تغير كل شيء وأجبرت الجائحة العديد من الصينيين على التخلي عن خططهم للسفر الدولي وخفض إنفاق الأسر. لكن الآن وفي ظل تخفيف البلاد لإجراءات الوقاية والسيطرة، من المرجح أن تنفجر القوة الشرائية المكبوتة للأفراد محدثة هزة كبيرة في إنفاق السياح الصينيين.

تكتسب الوتيرة التي تعيد بها الصين انفتاحها أهمية كبيرة بالنسبة لصناعة السياحة العالمية، حيث يتطلع المسؤولون والمتخصصون في كل مكان إلى العودة الجماعية للسياح الصينيين في أقرب وقت ممكن، لأن عودتهم يمكن أن تدعم انتعاش القطاع وتدعم الاقتصاد في جميع أنحاء العالم، وتعزز أيضاً التبادلات الثقافية بين الصين وبقية الدول.

وبعد أن كان المتسوقون الصينيون من بين أكبر المنفقين على السلع الفاخرة في العالم خلال العقد الذي سبق اندلاع الوباء، من المتوقع أن يستأنف هؤلاء مشترياتهم في المتاجر الرئيسية للعلامات التجارية في باريس وميلانو ولندن.

وعلى الرغم من عودة تفشي فيروس كورونا العام الماضي في الصين، حافظ العديد من دول جنوب شرق آسيا، التي تعتمد إلى حد كبير على السياحة كمصدر للدخل القومي، على قواعد دخول مريحة نسبياً للسياح الصينيين. ومن هذه الدول تايلاند وإندونيسيا وسنغافورة والفلبين وسريلانكا، إضافة إلى نيوزيلندا التي تخلت أيضاً عن متطلبات الاختبار الوقائي للزوار الصينيين، الذين كانوا ثاني أكبر مصدر لإيرادات السياحة في البلاد قبل الوباء.

وتتوقع تايلاند أن تستقبل ما بين 7 إلى 10 ملايين سائح صيني عن طريق الجو هذا العام، أي ما يقرب من 40% من هدفها للوافدين الدوليين. وبينما احتل السائحون الماليزيون والهنود المرتبة الأولى والثانية على التوالي من الوافدين الأجانب إلى تايلاند العام الماضي، إلا أنهم شكلوا معاً 3 ملايين زائر فقط مقارنة ب 11 مليون سائح صيني في عام 2019.

ومن المتوقع كذلك أن توفر إعادة الافتتاح السريع للصين دفعة رئيسية لصناعة الفنادق في آسيا التي ضربها الوباء. ما يطلق العنان للطلب المكبوت على السفر الترفيهي للأفراد والشركات.

أما سريلانكا، فإن علاقاتها الثنائية مع الصين تعززت بشكل كبير في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وبفضل تلك الأواصر القوية والمعرفة الثقافية وسياسات التأشيرات الموثوقة، باتت الصين واحدة من أكبر ثلاثة مصادر للسياح الوافدين إلى سريلانكا، التي زارها أكثر من 167 ألف سائح صيني عام 2019.

كما تعد السياحة أيضاً ثالث أكبر مصدر للعملات الأجنبية لسريلانكا. ولدى الصناعة هناك، التي تعرضت لضربة كارثية من الوباء، فرصة الآن للتعافي بسرعة. ومن المقرر أن ترحب بالسياح الصينيين، خاصة وأن حكومة الجزيرة قد تبنت مجموعة من السياسات الجديدة لجذب المسافرين الدوليين وعلى رأسهم السياح الصينيون، وجعلهم يشعرون بالترحيب الحار وتوفير تجربة سفر رائعة لهم.

لقد احتلت سريلانكا المرتبة الأولى بين أفضل 24 دولة تستحق الزيارة في عام 2023 من خلال تصنيف لموقع «ترافيل تريانغل». ووفقاً للبيانات الواردة، فإن الشواطئ الذهبية، والغابات الغنية بالحياة البرية، ومزارع الشاي المتدحرجة، والجبال التي يكتنفها الضباب تجعل منها واحدة من أفضل الدول الآسيوية التي يمكن زيارتها. عدا عن أن سريلانكا تعتبر أيضاً موطناً لثمانية مواقع للتراث العالمي تابعة لليونيسكو.

لكن خلال السنوات الثلاث الماضية، انخفضت عائدات السياحة في سريلانكا بشكل كبير، حيث أغلقت البلاد حدودها إلى حد ما أثناء الوباء. ومع «إعادة فتح» الصين، يستعد ملايين السياح للسفر عبر العالم، ما يزيد الآمال في انتعاش صناعة الضيافة وزيادة فرص العمل هناك. وهذا يثبت أهمية الصين لسوق السياحة والسفر العالمي.

وبالنسبة لقطاعي الفنادق والتجزئة اللذين يعانيان الوباء، فإن إعادة افتتاح الصين هو الحافز الذي طال انتظاره لتحقيق انتعاش حقيقي أيضاً، لا سيما في الأسواق الأكثر تعرضاً للاستهلاك الصيني. ومع ذلك، تشكل قدرة صناعة الضيافة في آسيا على التعامل مع عودة السياح الصينيين مصدر قلق، لكنها تبقى موضع ترحيب على مستوى واسع.

بعد إغلاق طويل وإجراءات وقاية مكثفة، سيساعد عودة السفر الخارجي من قبل الشعب الصيني، الذي كان مصدر دخل كبير للاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على السياحة، على إنعاش قطاع السياحة وغيره من القطاعات ذات الصلة، وسيسهم بلا شك في تعزيز التبادلات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي.

افتتاحية تشاينا ديلي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3um2p2b5

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"