حان وقت إعادة المهندسين إلى أماكنهم الصحيحة

21:51 مساء
قراءة 3 دقائق

باتريس كين*

هل ولى عصر ازدهار الهندسة؟ قد يبدو هذا سؤالاً عبثياً ونحن ندخل عام 2023 بنقص عالمي في المواهب العلمية والتقنية، هذا بالإضافة إلى تجديد التركيز على السيادة الصناعية في العديد من الدول لا سيما دولة الإمارات.

من هذا المنطلق، تتزايد موجة انتقادات في بعض دول العالم ترى أن التكنولوجيا تتعارض مع مستقبل مستدام.

على سبيل المثال، دعت بعض كليات الهندسة الفرنسية طلابها إلى تغيير اتجاههم من أجل حماية البيئة.

«التكنولوجيا جزء كبير من الحلول التي تتصدى للتحديات الاجتماعية والبيئية التي نواجهها».

عندما أتأمل هذه الظروف، أشعر بأنه من المهم ألا نغفل عن بعض الاعتبارات العملية، وأن نضع في اعتبارنا أن التكنولوجيا هي جزء كبير من الحلول التي تتصدى للتحديات الاجتماعية والبيئية التي نواجهها على مستوى العالم.

هذا لا يعني أن الفلاسفة وعلماء الاجتماع وغيرهم من المتخصصين في العلوم الإنسانية لا دور لهم، حيث من الواضح أننا سنحتاج إلى إعادة النظر بشكل جوهري في بعض جوانب حياتنا، وعلاقتنا بالطبيعة، وربما حتى كيفية تنظيم مجتمعاتنا. ولكن على المدى القصير على الأقل، وفي دولة الإمارات تحديداً، تتمثل أولوياتنا في المضي قدماً نحو مصادر الطاقة المتجددة، وتصميم مباني الطاقة السلبية، وتشجيع تبني وسائل المواصلات منخفضة الكربون وما إلى ذلك. لكن كيف يمكننا تحقيق كل ذلك بدون مهندسين؟

شئنا أم أبينا، يتشكل عالمنا بفعل التكنولوجيا. هكذا كان الأمر منذ أن خرجت أول مستوطنات بشرية من الرمال منذ قرون، ونحن نعلم أنه لم يعد هناك مجال للتراجع. سيلعب المهندسون دائماً دوراً حاسماً يتمثل في إيجاد حل وسط بين حماية الكوكب وتمكين مجتمعاتنا من النمو والازدهار. قد يمتلك آخرون فهماً أعمق للعالم الطبيعي من حولنا. ولكن عندما يتعلق الأمر بكيفية تفاعلنا مع بيئتنا، فإن المهندسين هم من يمتلك الإجابات. رفض هذه الحقيقة، وصرف النظر عنها، كما لو كانت «حلول تقنية»، يعني الحكم على أنفسنا بالتقاعس عن العمل، وبمستقبل قاتم في النهاية.

«إذا كنت تريد تغيير العالم، امتهن الهندسة». هذا ما يجب أن نقوله لأبنائنا. لأن هذا التخصص وهذه المهنة يشكلان الدعامة الوحيدة الحقيقية لتحقيق طرق جديدة للإنتاج والعيش والاستهلاك. رؤاهم مسؤولة عن صنع سياسات أكثر استنارة ودورهم حاسم في التطور المستمر للصناعة في دولة الإمارات. وإدراكاً لهذا الواقع، اتخذت الدولة إجراءً حاسماً لرعاية المواهب الهندسية الاستثنائية داخل حدودها، من خلال مبادرات تشمل الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2030. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تزويد الجيل القادم بالمهارات التقنية والعملية عالمية المستوى التي من شأنها دفع اقتصاد المعرفة للوطن إلى الأمام.

بالتأكيد، يطبق مهندسو اليوم أساليب ونظريات تختلف عن تلك التي تعود إلى أسلافهم، ومن المرجح أن يصبح العمل داخل حدود الكوكب جانباً مهماً في عملهم. بصفتي مهندساً، وبصفتي رئيساً لشركة توظف أعداداً كبيرة من المهندسين، فقد اختبرت بشكل مباشر التحولات التي تحدث في العالم الأكاديمي وعلى مستوى القطاع. أصلحت كليات الهندسة الرائدة في المنطقة وفي العالم مناهجها لتزيد تركيزها على تغير المناخ. وتعهدنا في «تاليس»، على سبيل المثال، بتبني مبادئ التصميم البيئي ل 100٪ من منتجاتنا الجديدة بدءاً من هذا العام.

فالهندسة ليست إلا، إيجاد حلول للمشكلات المعقدة التي نواجهها، أي الحلول التي تأخذ الأداء البيئي وندرة الموارد في الاعتبار. لقد حان الوقت لإعادة الهندسة إلى مكانها الصحيح كمهنة مقنعة للشباب في دولة الإمارات وفي جميع أنحاء العالم.

*رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «تاليس»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycx9t4yz

عن الكاتب

رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «تاليس»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"