عادي
أوراق ناقد

لا بلد للنساء

01:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

في احصاء نشر في أحد المواقع الأرقام التالية:

من بين 20 فيلماً كبيراً تم انتاجها في العام الماضي كان هناك عشرة من بطولة رجالية محضة و20 من بطولة نسائية رجالية مشتركة ولم يكن هناك أي فيلم من بطولة نسائية منفردة.

من بين 20 فيلماً كبيراً من العام 2006 كان هناك احد عشر فيلماً من بطولة رجال فقط وسبعة من بطولة مشتركة وفيلمان من الرسوم المتحركة.

في العام 2005 ومن بين العشرة الأكبر انتاجاً فيلمان فقط من بطولة نسائية مقابل احد عشر فيلماً من بطولة رجالية منفردة وسبعة مشتركة.

ومن العام 1977 والى اليوم، ومن بين أعلى عشرين فيلماً ايراداً هناك 15 من بطولة رجالية وخمسة من بطولة مشتركة ولا توجد بطولة نسائية.

ونحن نعلم ماذا حدث لأفلام أكشن قادت بطولتها ممثلات، وكيف لم تعش حسبما طُلب منها وتوارت سريعاً. فالمجال اليوم، يقولون لك، هو مجال الرجل وبعضهم يقول إن هذا سيسود الى الأبد.

يا ليت الاحصاءات التي تنشر في مثل هذه المناسبات تأخذ بعين الاعتبار أن المسألة تعود الى أيام السينما الصامتة: الأفلام الناجحة جداً من بطولة نسائية قليلة نسبياً وذلك منذ مطلع القرن العشرين والى اليوم. ليس هناك اختلاف سوى أنه في السابق، كانت هوليوود تنتج نحو 800 فيلم في السنة من بينها غالبية ذات البطولة الرجالية حيث تلعب المرأة دور شريك الحياة او الأم او الفتاة التي بحاجة لمن يحميها، ويلعب الرجل دور البطولة: الرجل الذي سيذود عن ذلك الشريط او عن العائلة او سيحمي الفتاة. وغالباً هو الرجل المنفرد وحده والمكتفي بحيث لا يستطيع أن يترك نفسه يقع تحت سطوة الحب. وحين يفعل يتأكد له أن أخطأ حين وقع في الحب.

هذا المنظور لا يختلف الا في التفاصيل وأيضاً في أنه هناك من بات يكترث لاحصاء كل شيء هذه الأيام. الحقيقة أن السبب في فشل معظم الأفلام التي تقودها المرأة هي أن هوليوود علّمت مشاهديها أن الترفيه لا علاقة له بطرح المشاكل الاجتماعية وطرح المشاكل الاجتماعية يتألّف، وبل عليه أن يتألّف، من قصص فيها رجال ونساء على قدر المساواة. على العكس، طرحت هوليوود مفهوم الترفيه وهذا يعني أن الرجل يضرب والمرأة تصرخ هولاً. هو لا يضربها اذا كان بطلاً بل يضرب الأشرار. أما هي فمضروبة ومقتولة ومعتدى عليها ودائماً ما تصرخ ولا أحد يستجيب لها.

لكن هناك متغيّرات في هذه الصورة التقليدية لا ريب.

في أفلام الرعب الحديثة، حيث هي لا تزال صاحبة الصوت الأعلى حين يصل الأمر الى الصراخ ذعراً، باتت هناك منافسة من الجنس الخشن (ولو بالصيت) فهؤلاء باتوا يقعون مثل الذباب في هذه الأفلام. واذا ما فكّرت معي ستجد أن المسألة مرتبطة بما سأحاول قوله الآن.

في السابق كانت المرأة في خطر والبطل ينقذها. كلام جميل.

اليوم، المرأة في خطر والرجل في خطر وليس هناك من منقذ.

الرجل ما عاد رجلاً والغاء صفة الرجولة منه في مثل هذه الأفلام ليس مقصوداً بحد ذاته بل نتيجة التباس اجتماعي حاصل حيث تم محو المسافات والبقع الاجتماعية التي كانت تفرق بين فتاة في السابعة عشرة وفتى في ذات العمر. وحيث لم يعد سائداً أن تجد موظّفاً في وظيفة في المدينة لا يقل أنوثة عن المرأة وبل ربما يتجاوزها.

اذاً، وفي منظوري الصغير وكما استقي من الأفلام الأمريكية ذاتها، لم يعد هناك داع للمرأة في السينما من حيث توفير المشاعر الرئيسية الرجل يفعل ذلك. هي مطلوبة اليوم كضحية في أفلام الرعب وكشريك مشاهد الحب في الأفلام العاطفية والكوميدية. ليست لها أدوار تعتمد عليها في الدراما او في الكوميديا كما كانت الحال في بعض السنوات السابقة (ولو على نحو محدود). بكلمة أخرى: لا بلد للنساء.

وفيلم لا بلد للمسنّين وكل أفلام الأخوين كو وَن قائمة على البطولة الرجالية... أيكون على المرأة العودة الى المطبخ مثلاً؟ طبعاً لا، لأن السينما في كل أنواعها لا تزال تعتمد الصورة الواقعية كمنصّة اطلاق لما هو غير واقعي. والصورة الواقعية هي أنها قطعت، في الغرب طبعاً، مسافات طويلة بعيداً عن المطبخ والبيت والأسرة و نظرياً فقط باتت تنافس الرجل في مغامراته، ولو أن المشاهدين لا يزالون يفضّلون الرجل في تلك المغامرات على المرأة، انظر انديانا جونز.

email: [email protected]

Blog: shadowsandphantoms.blogspot.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"