عادي
تضافر كافة الجهود لإنشاء برامج تربوية فاعلة

الاعتماد على الخادمات والمربيات خلق جيلاً أقرب للتواكل

04:28 صباحا
قراءة 5 دقائق

اهتمام التربويين بدور الأسرة في إعداد الأبناء ينطلق من فهم وإدراك عميقين لأهمية هذا الدور في اعداد الانسان المتكامل الايجابي المستوعب لكل ما حوله، فالأسرة هي الميدان الأول الذي يواجه فيه الطفل مختلف التأثيرات، ومرحلة النمو الأولى في حياته تؤسس للمراحل اللاحقة أما أن يكون تأسيساً سليماً أو العكس . عدد من التربويين يسلطون الضوء حول هذه المسألة التي تعد محل جدل وحوار علمي في الملتقيات التربوية ومجالس الآباء في المدارس .

تقول فاطمة أحمد المغني مديرة مركز التنمية الاجتماعية في خورفكان، إن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع وهي التي تضع الجذور الأولى لشخصية الطفل التي تستمر طوال حياته، وهي البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل تكوين ذاته، والتعرف إلى نفسه عن طريق عملية الأخذ والعطاء، مشيرة إلى أن الأسرة بمفهومها المعاصر قد تغيرت تركيبتها ووظيفتها في مجتمعنا فأصبحت في ضوء التجاذبات المؤثرة ذات تأثير أقل خاصة بعد دخول المنتجات التكنولوجية الهائلة مثل الانترنت وألعاب الفيديو والاتصالات، فضلاً عن الفضائيات اللامحدودة ودخول الجميع إلى محيط الأسرة ومحيط تربية الأبناء بارادتها، ورغبتها أو بغير ذلك .

أشارت إلى اعتماد بعض الأسر في تربية ابنائهم على الخادمات والمربيات وفي كثير من شؤون الحياة، خصوصاً بعد خروج الأم للعمل لمساعدة الزوج في تحمل أعباء الحياة أو لمجرد تحقيق أهداف أخرى أو غياب الأب أو الأم أو كليهما بعد العمل إما في النوم أو في حضور المناسبات والارتباطات الاجتماعية وترك الأبناء مع ألعاب الفيديو أو مشاهدة الفضائيات ومع الأقران دونما حسيب أو رقيب، زاد من خطورة مخرجات هذا النوع من التربية وزادت احتمالات نمو شخصيات معتلة نفسياً وجسدياً وخلق جيلاً متواكلاً غير مسؤول وعدوانياً مندفعاً مع شلل وأصدقاء غير صالحين يلجؤون في معظم الاحيان إلى سلوك مضاد للنفس والمجتمع .

وتقول ليلى الكيت موجهة رياض الأطفال بتعليمية أبوظبي، إن الأسرة هي مصدر كل تربية صحيحة يتأثر بها الطفل وإن كل تربية تبدأ في البيت، ومن أهم ادوار الأسرة دورها في التنشئة السليمة لأبنائها حيث عرف البعض التنشئة بأنها الأساليب التي تستخدمها الأسرة في تنشئة ومعاملة أبنائها فالتنشئة أساس غرس القيم، وهي عامل مهم في تربية الطفل وتلقينه قيم المجتمع .

وقالت الكيت إن الأسرة السوية ينبغي أن تمارس نفوذاً كبيراً على أفرادها، فكلما تمسكت الأسرة بالأنماط السلوكية السوية اضطر افرادها إلى مجاراتها، وتقليدها، إضافة إلى أن الصغار يميلون إلى تقليد الكبار ومحاكاتهم، منوهة إلى أن الأسرة المتماسكة توفر المزيد من قوة وفعالية تأثيرها العام في توجيه سلوكيات الأبناء .

وتشير فاطمة الحوسني مسؤولة العلاقات العامة في مدرسة المواهب النموذجية إلى أن هناك الكثير من الآباء الذين يؤدون رسالتهم بشفافية واهتمام ويوفرون تربية سليمة ونموذجية لابنائهم، في المقابل يوجد بعض الأسر غير قادرة اليوم على القيام بوظيفتها وتواجه تحدياً كبيراً في تربية أبنائها في ظل هذا الزمن الصعب، حيث إن بعض الآباء والامهات يعتمدون في تربية أبنائهم على مهارات عدة اكتسبوها من آبائهم واجدادهم وبقية افراد الأسرة كالعمة والخالة والجدة، كما يعتمد البعض الآخر على مهارات تكتسب من مدارس ابنائهم بوصفها مؤسسات متخصصة في تدريس بعض المهارات والقيم، فيما تعتمد أسر كبيرة على الخدم في تربية الأبناء .

وأشارت إلى ضرورة اعادة النظر في دور الأسرة التربوي الذي أصبح يقتصر لدى عدد كبير من الناس الآن على الانفاق والحماية والأمر والنهي فحسب، منوهة إلى أن أهم أدوار الأسرة هو التنشئة الاجتماعية السليمة لأفرادها، لافتة إلى أن انتماء الطفل إلى أسرة تشبع حاجاته الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية ينمو لديه الشعور بالانتماء والولاء لهذه الجماعة الذي يعتبر أساساً لتكيف الطفل ليس فقط داخل اسرته وإنما ايضاً في تفاعله وقيامه بأدواره الاجتماعية خارج نطاق الأسرة .

وتقول منال رفعت معلمة التربية الاسلامية إن الأسرة ستنجح بإذن الله في قيامها بدورها التربوي، متى التزمت بهدي الاسلام في تنشئة ابنائها وان تكون هذه التنشئة مستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة فالاسلام قد أرسى قواعد الأسرة المسلمة المؤمنة التي تخشى الله في تنشئة أفرادها التنشئة الاجتماعية السليمة على أسس ربانية لا تقبل الجدال، ولا تميل إلى التطرف .

وأوضحت ان ما يساعد الأسرة على القيام بدورها التربوي هو ان يعي كل فرد من أفرادها حقيقة دوره، ويقوم به في نطاقها على أكمل وجه، مما يوفر لها امكانية القيام بوظائفها الأساسية النفسية، والأخلاقية، والتربوية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمهنية باعتبارها وحدة إنسانية متكاملة، بما يحقق التوافق والانسجام بين افرادها، مؤكدة ان اشتراك الأبوين معا في رعاية الاطفال أمر حتمي للتنشئة الاجتماعية السليمة لأطفالهما فقد حرص الاسلام على استمرار الحياة الزوجية بين الطرفين على أساس من التفاهم وتبادل النصيحة بما يدعم كيان الأسرة وأشارت إلى أنه لنجاح الأسرة في أداء دورها التربوي على الوجه الأكمل لا بد من تضافر جهود المؤسسات الأخرى في المجتمع كعوامل مؤثرة في عملية التنشئة وأهمها المدرسة، وجماعة الرفاق، والثقافة ووسائل الاعلام والمساجد .

وتقول رشا محمود عبدالعزيز - تربوية: إن الأبوين يتحملان مسؤولية تربية الأبناء التي يجب أن يخططا لها قبل الارتباط، وذلك بتوزيع الأدوار فيما بينهما، مشيرة إلى أن اختيار الشريك قبل الزواج يعد اللبنة الأولى للتربية الصحيحة للأبناء، منوهة إلى أن الرعاية والتربية في الأسرة العادية هي من مسؤولية الأب والأم كل بحسب دوره ووظيفته .

وتشير الاخصائية النفسية في تعليمية أبوظبي سعدية سليمان إلى أن الانسجام والاتساق في التعامل مع الابناء داخل المنزل له نتائج ايجابية في التأثير في سلوكياتهم، من حيث اصدار الأوامر والطلبات والتوجيهات وكذلك من حيث المنع أو النهي وعدم إظهار أشكال الخلاف أو التنازع أمام الأبناء، منوهة إلى أن الخلافات الأسرية في التربية تؤثر في الاطفال من حيث النمو السليم واكساب القيم والمعارف .

وترى شيخة الجابري - باحثة وأديبة - ان التربية اليوم لم تعد تعتمد على المحاولة والخطأ أو الاجتهاد والعشوائية، وإنما اصبحت علماً وفناً لا بد من تعلمها حتى من قبل أن يولد الأبناء، مشيرة إلى ضرورة المزيد من البرامج العلمية المكثفة ضمن مشروعات وطنية كبرى تتحمل مسؤولياتها الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ووزارة الشؤون الإسلامية والشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم والإعلام وغيرها ومؤسسات المجتمع المختلفة في توعية وتعليم أصول التنشئة الأسرية .

القسوة في التعامل مع الأبناء لها آثار سلبية

أبوظبي - الخليج:

أكدت الدراسات العلمية لوسائل التنشئة السوية أن للقسوة في التعامل مع الأبناء آثارها السلبية في بناء شخصيتهم وسلوكياتهم، ولا يعني تهذيب الابناء وتعويدهم على الطاعة والعقلانية بممارسة القسوة أو التعامل معهم بانفعال، فالأب والأم اللذان يضيق صدرهما بأطفالهما ينبغي أن يدركا أن عليهما ضبط انفعالاتهما إذا أرادا تقويم وتهذيب سلوك ابنائهما، وأن يتجنبا المشكلات الزوجية وغيرها من المواقف الحياتية أمامهم لأن ذلك يؤدي إلى انعكاسات نفسية سلبية عليهم ويحول دون قدرتهما في التأثير في الأبناء .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"