المعادلة الكيميائية

05:38 صباحا
قراءة دقيقتين

الأسلحة الكيميائية السورية باتت الشغل الشاغل للمجتمع الدولي في تعاطيه مع الأزمة السورية . خلال الأيام الأخيرة لم يتبق أي مسؤول دولي أو صحيفة غربية لم تتحدث عن الترسانة غير التقليدية للدولة السورية، ووصل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي، قبل أن ينتقل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة . دخول عنصر السلاح الكيميائي على جدول الأعمال الدولي كان لافتاً، ولا سيما أنه خلال عام ونصف العام من عمر الثورة السورية، لم يتطرق أحد إلى مثل هذه المسألة، قبل أن تُفرض فرضاً . من وضع السلاح الكيميائي على طاولة المجتمع الدولي؟ مراجعة قليلة لتاريخ دخول هذه المسألة إلى جدول الأعمال، تحمل الإجابة . فالقلق والأرق بالأساس إسرائيلي، وسلطات الاحتلال هي أول من رفع الصوت للتحذير من تهريب مثل هذه الأسلحة أو استخدامها، وبالتالي وضعها على ألسنة المسؤولين الدوليين . وبناء على مثل هذا القلق تحركت ماكينة الضغط العالمي على دمشق، حتى خرجت الأخيرة برسالة أو زلّة، تؤكد امتلاك الدولة السورية لمثل هذه الأسلحة . وبغض النظر عن الضغط الدولي، يبقى القلق الإسرائيلي مثار اهتمام، ولاسيما أن الأرق الإسرائيلي الأساس ليس من امتلاك سوريا للأسلحة الكيميائية، وهو أمر مسلم به في الاستراتيجيا الصهيونية، بل من انتقال مثل هذه الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، ما من شأنه أن يعدل موازين القوة، ويدخل عنصراً جديداً إلى معادلة الردع الاستراتيجي .

موازين القوة تبدلت أكثر من مرة خلال المرحلة اللاحقة لحرب تموز إلى درجة تعايشت معها سلطات الاحتلال . البداية كانت مع الترسانة الصاروخية لحزب الله التي بدأ الحديث الإسرائيلي عنها بعد الحرب بأنها بحدود 31 ألف صاروخ، لتصل قبل أيام إلى حدود 70 ألفاً . الأمر ينطبق كذلك على الأسلحة المضادة للطائرات التي كان يتحدث عنها الاحتلال بقوة قبل فترة إلى أن تم الصمت عنها، وصولاً إلى الإقرار باحتمالية وجودها لدى حزب الله الذي لمح أصلاً إلى ذلك في أكثر من مناسبة . الصواريخ والأسلحة المضادة للدروع والمضادة للطائرات والصواريخ البحرية، كلها، فرضت قوة ردع مربكة للاحتلال في أي حرب مقبلة، ولاسيما مع دخول الجبهة الداخلية الإسرائيلية في أي معادلة حربية، إضافة إلى إمكان استهداف الغطاء الجوي . اليوم بالحديث عن السلاح الكيميائي فإن إرباكاً جديداً سيضاف إلى حسابات الاحتلال، ويخرج أسلحة جديدة من دائرة الفعالية . المعادلة الكيميائية ليست سورية بالمطلق، والقلق الدولي ليس على الشعب السوري، بل هو مسألة أوسع تدخل ضمن معادلة إقليمية شاملة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"