«كورونا» في مجلس الأمن

03:45 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

ينتظر أن يبحث مجلس الأمن الدولي قريباً، مشروع قرار تونسياً، تمت صياغته بتوافق الأعضاء العشرة غير الدائمين، ويدعو إلى «تحرّك دولي عاجل» للحدّ من تداعيات فيروس كورونا المستجدّ، لكن المشكلة تتعلق بالدول الكبرى دائمة العضوية، خصوصاً الصين، والولايات المتحدة، اللتين يدور بينهما سجال ساخن حول الفيروس، وتبادل للاتهامات، ما يعني أن غياب توافق هاتين القوتين لن يسمح بمرور القرار بسهولة.

الأزمة المطروحة على جميع الدول، والشعوب يفترض أن تجد معالجة مسؤولة في مجلس الأمن، بما يدعم إجراءات الدول الكبيرة، والصغيرة، على السواء، في مواجهة هذه الجائحة، وتجاوز تداعياتها بأخف الأضرار، وهي رغبة أفصحت عنها قيادات دولية، ومنظمات، وسط تحذيرات من أن ارتفاع حجم الإصابات والوفيات بسبب الفيروس يمكن أن يتعاظم في الأسابيع القليلة المقبلة. واللجوء إلى مجلس الأمن في هذه الأزمة يمكن أن يترجم الدعوات إلى الوحدة الإنسانية، والتكافل بين الأمم والشعوب، بعد أن تبين أن الجائحة المروعة لا تستثني أحداً، بل إن الدول الكبرى هي الأكثر تضرراً منها حتى الآن، وهذا يفترض التسريع في اتخاذ القرار، وتبني السياسات الناجعة. أما توظيف الوباء في الصراعات الثنائية، والمصالح الضيقة، فهو شطط في الوعي، وغياب للحكمة، والمسؤولية.

وبالتوازي مع تقديم تونس مشروع قرارها، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، إن البشرية لم تواجه منذ 75 عاماً، مأساة شاملة مثل هذه، مؤكداً أن ملايين الأشخاص يواجهون خطر الموت، في وقت حذرت، من باريس، ثلاث منظمات دولية من خطر تفشي أزمة غذاء عالمية قد لا يمكن للعالم أن يتحملها بالنظر إلى توقف عجلة الإنتاج، وارتفاع نسب البطالة. وكلما طالت الأزمة، واستطالت معها إجراءات العزل ستكون النتائج كارثية، ما يتطلب خطوات استباقية من جميع الأطراف، خصوصاً الدول دائمة العضوية، وصاحبة حق «الفيتو».

وإذا كانت الأمم المتحدة قالت إنها لم تواجه أزمة مثل «كورونا» منذ تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية، فإن مجلس الأمن، الذراع القوية للمنظمة الدولية، سيكون أمام امتحان عسير، وإذا فشل في أن يكون في مستوى المحنة، والتحدي، قد يواجه لاحقاً، حملة عنيفة قد لا ترضى بإعادة النظر في قواعد اتخاذ القرار فيه، أو إضافة أعضاء دائمين جدد، وإنما قد تتجاوز ذلك إلى المطالبة بالبحث في إنشاء هيئة دولية جديدة تكون أهلاً للمسؤولية، ولا تنتظر صدقات الدول العظمى في اتخاذ القرارات التي تهم البشرية جمعاء. وبجملة أخرى، فإن فيروس كورونا الذي أصاب الكرة الأرضية بالشلل، وفتح مأساة لامتناهية بين البشر، يمكن أن يطيح بالنظام العالمي القائم. فقبل أيام قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن «الأيام المقبلة لن تكون شبيهة بالماضية»، وهي عبارة لم يكن ماكرون أول من توصل إليها، وإنما باتت قناعة شائعة، ومن المحتمل أن تصبح واقعاً فعلياً بعد أن تنقشع هذه المحنة غير المسبوقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"