عادي

هايتي تطلب رحيل القوات الدولية

00:18 صباحا
قراءة 4 دقائق

اندلعت الاحتجاجات وأعمال الشغب في هايتي، في أعقاب تفشي وباء الكوليرا، الذي يسود الاعتقاد بأن جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة كانوا سببه المباشر . . ومما عزّز هذا الاعتقاد، رفض الأمم المتحدة إجراء تحقيق مستقل في هذا الادعاء .

مهما يكن من أمر، فإن استمرار وجود قوات حفظ السلام في هايتي، منذ سنة ،2004 يوم جاءت للحفاظ على الأمن بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب جين بتراند ارستيد، يثير الريبة، ويجعل بعض الهايتيين يعتبرونه ضرباً من الاحتلال .

في صحيفة الغارديان (19/11/2010) . . كتب روري كارول: أن الهايتيين يعتقدون أن جنود حفظ السلام من نيبال، التي يُعتبَر الكوليرا فيها من الأمراض المستوطنة، أفرغوا محتويات مراحيض قاعدتهم العسكرية، في نهر ارتيبونايت، فتسببوا في نشر المرض . وقد أكدت فحوص الدي ان ايه، أن سلالة بكتيريا المرض الذي تفشى في هايتي، تنتمي إلى جنوب آسيا، وأنها جاءت من مصدر واحد .

وقد اعترفت الأمم المتحدة، كما يقول الكاتب، بوجود مشاكل في نظام الرعاية الصحية في القاعدة العسكرية النيبالية، ولكنها قالت إن الجنود الذين تمّ فحصهم غير مصابين بالمرض . وألقت اللوم في إثارة العنف على عاتق مثيري شغب يسعون إلى إرباك التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي من المقرر أن تجري يوم الأحد، 28/11 .

وفي صحيفة الغارديان البريطانية، (18/11/2010) كتبت إيسابيو دوسيت، أن الفقر والمرض، قد يكونان من أسباب الاضطرابات في هايتي،

ولكن الاحتجاجات التي تجري في كل أنحاء العاصمة، بورتو برينس، تطالب بمغادرة قوات الأمم المتحدة، المعروفة باسم مينوستاه، ويشارك فيها الطلاب، والمنظمات الشعبية، وجماعات المعارضة التي استُبعدت من الانتخابات، وأهم من كل ذلك- مواطنون توحدهم قضية عامة: هي أن كوابيس هايتي المتصاعدة يجب أن تنتهي الآن .

وتضيف الكاتبة، مع تصاعد الوفيات من جرّاء وباء الكوليرا، التي تجاوزت ألف حالة، يسيطر الخوف على الضواحي التي ظلت محرومة من أي استثمارات مدينية، إذْ لا تتجاوز البنية التحتية للرعاية الصحية فيها، المجاري المكشوفة المملوءة بالقمامة والبراز الآدمي .

وعلى الرغم من مليارات دولارات المعونات الدولية، التي تدفقت على البلاد قبل الزلزال، تسود هذه الظروف في كل بلدة أو مدينة في أنحاء هايتي . فبعد عشرة أشهر على الزلزال، وبعد تدفق المزيد من المليارات، تبدو الأمور أسوأ بكثير، ويبدو أن كثيرين في البلاد قد ضاقوا ذرعاً بهذا الوضع .

وتشير الكاتبة إلى أن شعارات التظاهرات التي كانت تقول : نرفض التصويت ونحن في الخيام، استبدلت الآن بشعارات مثل: جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة، والكوليرا إخوان . . كما أصبحت الاحتجاجات الآن تميل إلى العنف في بعض المناطق .

وتقول الكاتبة إن كثيرين يتهمون الجنود النيباليين في قوات حفظ السلام، بطرح غائط ملوث بالكوليرا في نهر ارتيبونايت، ويطالبون برحيل جميع قوات الأمم المتحدة . أمّا المسؤولون الرسميون فيدعون أن وراء الاحتجاجات دوافع سياسية، وأنها محاولة لإرباك برنامج الانتخابات . .

وتضيف الكاتبة: ولكن السؤال الحقيقي هو: لماذا؟ لماذا تعاني هايتي من فقر يصيبها بالشلل؟ ولماذا لا توجد بنية تحتية للمياه، أو الصحة العامة أو العلاجِ؟

وتمضي الكاتبة قائلة: قبل عقد مضى، كان المال متوفراً لمعالجة نظام المياه الفاشل في البلاد . ففي سنة ،2000 كان من المفروض أن يتيح قرض بقيمة 54 مليون دولار من بنك التنمية عبر الأمريكتين، للحكومة الهايتية الوسائل لإصلاح أنظمة مياهها المدينية والريفية، ولكن أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، الرامية إلى زعزعة أركان حكومة اريستيد المنتخبة ديمقراطياً اعترضت سبيل ذلك .

وقد ذكرت المصادر (ومنها ما كتبه بول فارمر، في موقع لندن ريفيو اوف بوكس، 8-15 ابريل/ نيسان ،2004 تحت عنوان: مَن الذي أطاح اريستيد؟)، أن حكومة الولايات المتحدة، طلبت من البنك السالف الذكر، أن يوقف تقديم القرض، وغيره من القروض الأخرى التي يبلغ مجموعها 146 مليون دولار، للاستثمار في البنى التحتية الخاصة بالصحة والتعليم، وصيانة الصحة العامة، إلى أن تتم تسوية النزاعات الانتخابية، ومع ذلك، استمر تجميد القروض بعد حل تلك النزاعات .

وتقول الكاتبة، إن دراسة بريطانية أجريت سنة ،2002 تضع نظام المياه في هايتي في أسوأ مرتبة في العالم .

وترى الكاتبة أنه ينبغي إجراء تحقيق مستقل في مسألة مراحيض بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في هايتي (مينوستا)، ولكنّ الوباء يمكن ان يكون قد انتشر لأسباب كثيرة- فالظروف مهيأة لانتشاره، لأن السياسة الدولية إزاء هايتي لم تتغير خلال عقود من الزمن . فالاستغلال الاقتصادي، والتدخل السياسي، ومِنحُ المنظمات غير الحكومية لأغراض معينة، والتحريف الإعلامي، أخطاء ما زالت تتكرر . ومن المؤسف أن حدوث زلزال لم يفلح في تغيير ذلك . فلا عجب إذن في أن يعبّر الهايتيون عن غضبهم من خلال احتجاجات عارمة متصاعدة .

وفي موقع هفنغتون بوست، (19/11/2010)، يسأل روبرت نيمان: لماذا تبقى قوات الأمم المتحدة في هايتي؟ وما هي خططها للرحيل؟ وهل هنالك جدول زمني لانسحاب قوات الأمم المتحدة من هايتي؟ وإذا لم يكن ثمة جدول زمني فلماذا لا يكون؟

وإذا لم تكن مطالبات المحتجين برحيل قوات الأمم المتحدة عادلة، أفلا ينبغي على أحد أن يشرح السبب؟ وليس ثمة أي تفسير لسبب بقاء قوات الأمم المتحدة في هايتي إلى أجل غير مسمّى .

ويورد الكاتب قول البروفسور بيتر هولوورد، الخبير في سياسات هايتي في جامعة كينغستون في المملكة المتحدة، أن بعثة الأمم المتحدة، تعتبَر في نظر كثير من الهايتيين قوة احتلال . فالأمم المتحدة هناك منذ ،2004 للحفاظ على الأمن في أعقاب انقلاب، انقلاب أطاح جين بتراند اريستيد، الذي تم انتخابه بتفويض واسع قبل ذلك بسنوات .

وتُعتبَر القوة التي دخلت البلاد لإخماد الشعب وإغرائه بقبول هذا الانقلاب الذي كان انتهاكاً لسيادته .

وقال هولوورد، إنه يعتقد أن هايتي ستتمكن من تدبير أمورها من دون قوة الأمم المتحدة . وقال: إنها لم تكن في حاجة إلى الأمم المتحدة من قبل، ولم تكن في حاجة إلى الانقلاب . . إن المشكلة الأساسية هنا هي الانقلاب الذي أطاح بالنظام السياسي، واستمرار الحكومة التي كانت تحاول تحسين وضع الشعب .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"