العصر الذهبي الصيني آت

04:07 صباحا
قراءة دقيقتين
للنجاح الاقتصادي شروط أهمها المثابرة واعتماد السياسات المناسبة وتنفيذها بدقة . من أهم ملامح الاقتصاد الصيني اليوم التغيرات المستمرة المدفوعة من القطاع الخاص، خاصة من الأعمال المبدعة الجديدة . سمحت الحكومات الصينية لقطاع الأعمال بالازدهار عبر تأمين المناخ السياسي والقانوني كما المؤسساتي المناسب . تميز الصينيون، مؤخراً، في الإبداع الحقيقي بعد سنوات من الجمود الذي سببته العقائد السياسية الشمولية المطبقة منذ الأربعينات . في الثمانينات، كان الصينيون فقراء والشركات صغيرة، إذ لم يكن بالامكان توريث الثروة أو نقلها عبر الأجيال .
تغيرت الشروط القانونية بفضل وعي القيادات، ما سمح للصينيين بتحقيق النجاح المادي الفردي وحتى تجميع الثروات . في سنة ،2010 كتبت مجلة "فوربس" أن هنالك 64 مليارديراً صينياً من دون هونغ كونغ التي تضم وحدها 25 مليارديراً . وقعت الصين في المركز الثاني من حيث العدد وراء الولايات المتحدة التي ضمت 403 مليارديرات أي 40% من المجموع العالمي . هنالك أكثر من 4 آلاف ناطحة سحاب في شنغهاي . توسع حجم الوحدة السكنية للفرد في الريف الصيني من 5 .13 متر مربع في سنة 1989 إلى 6 .31 في سنة 2007 .
استثمرت الحكومات الصينية في البنية التحتية والاقتصادية لتسهيل عمل الشركات . اعتمدت السياسات الاقتصادية التي حققت الاستقرار الضروري للاستثمارات والنمو، خاصة تلك التي وضعت في عهد "دينغ سياو بينغ" . لم تعرف الصين أزمات مالية كالتي عرفها الغرب لا في حدتها ولا في عمقها وامتداداتها . من الأسباب الأساسية للحماية أنه من غير المسموح للمؤسسات المصرفية والمالية أن تعتمد المخاطر التي سببت إفلاسات كبيرة لها ولعملائها في الغرب . القوانين الصينية تقيد أعمال المصارف في حجم قروضها وأدوات الأعمال، ما يجنبها، كما الاقتصاد عموماً، الخسائر الكبرى . هنالك من يقول إن القوانين تحكم الولايات المتحدة الأمريكية، بينما الشعب هو الذي يحكم الصين . ما المشكلات الأساسية التي ما زالت تعانيها الصين؟
أولاً: الفساد الذي يمتد إلى كافة مؤسسات الدولة . يؤثر الفساد سلباً في توزع الدخل والثروة بين الطبقات الشعبية . في مؤشر "الشفافية الدولية"، تقع الصين في المرتبة 75 أي وراء البرازيل وايطاليا وغانا ودولة إفريقيا الجنوبية، ما يشير إلى عمق المشكلة وصعوبتها، بل ضرورة المعالجة . النجاح الاقتصادي لا يمكن أن يشمل كل طبقات المجتمع بوجود فساد مبني حكماً على الاستغلال والغش وسوء معاملة المواطن .
ثانياً: في مؤشر "التنافسية" الذي يصدره سنوياً مؤتمر دافوس في آخر الشهر الأول من كل سنة، تقع الصين في المرتبة 26 وراء كوريا الجنوبية و"إسرائيل" وماليزيا وحتى تايوان الصينية . يبنى المؤشر على عوامل عدة، منها البنية التحتية للدولة كما البنية الفوقية ومنها الصحة والتعليم . هنالك مشكلة في القطاع الصحي في جانبيه أي من ناحيتي العرض والطلب . هنالك ضرورة لتطوير خدمات التأمين من ناحية الطلب وبناء مستشفيات ومستوصفات وعيادات حديثة ومتطورة من ناحية العرض حتى يتحقق التوازن .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"