متى ستنجح القمم العربية؟

04:51 صباحا
قراءة 3 دقائق

أن يقول قادة الدول العربية الأربع إن قمتهم المصغرة كانت من أجل تنقية الأجواء العربية، فهذا فوق طاقتهم. ذلك ان الأجواء العربية هي ملك للكل وأمر يهم الجميع ويحتاج إلى حضور وجهود الجميع، أما إذا تواضعت القيادات وأكدت انها اجتمعت لحل الخلافات المتأزمة فيما بين ثلاثة من أنظمتها السياسية، فإننا نحيِّي تلك الخطوة، إذ إن الخلافات في ما بين الثلاثة تمثل أحد أهم وأصعب مصادر تسميم مجمل الأجواء العربية.

ومع الأخذ بعين الاعتبار تلك البديهيات الاجرائية والواقعية بالنسبة للقمة المصغرة التي انعقدت في الرياض، دعنا نطرح السؤال التالي: هل حقاً ان لدى الأنظمة العربية الحصافة والإرادة لتقفز من وضع التشرذم والصراعات المأساوية التي تعيشها إلى رحاب العيش في أجواء نقية وعلاقات قومية أخوية؟ الجواب تحدده الملاحظات التالية والشروط المطلوبة لنجاح مؤسسة القمة العربية.

أولاً: هناك حاجة للابتعاد عن العموميات المفرطة في طرح المواضيع واستبدالها بشفافية وصدق إشارة إلى العناوين الرئيسية والفرعية للمواضيع التي ستجري حلحلة الخلافات بشأنها وتنقية الأجواء المحيطة بها. إن المواطن العربي لا يريد أن يبقى متفرجاً ومستمعاً لخطابات علاقات عامة مجاملة، بل يريد أن يؤكَّد له بما لا يقبل الشك أن قمم المصالحات والتنقيات ستنفق على حدود دنيا معقولة وفاعلة لنظرات مشتركة وخطوات عملية بشأن المواضيع الساخنة بالغة الأهمية، التي تتقاطع مع المصالح القومية العربية العليا والتي هي محل خلاف مضرٍّ للجميع.

هناك الموقف من الحكومة الصهيونية الجديدة المتبنية لآيديولوجيا القمع والابادة والترحيل، فهل ستواجه بدعم وتطوير وتوسعة كل أنواع المقاومات العربية للمشروع الصهيوني، رسمية وشعبية وأينما كانت؟

هناك موضوع الاستقلال العربي والخروج من تحت عباءة الهيمنة واستعادة القدرة على اتخاذ القرارات العربية المشتركة من دون وصاية، ذلك بأن وجود حدود دنيا قومية في تعامل كل دولة عربية مع أمريكا، وبحيث لا يكون على حساب دول عربية أخرى أو على حساب الأمن القومي العام، أصبح مطلباً سياسياً مستعجلاً، والقبول بوجود أحصنة طروادة في الأرض العربية يجب أن يجتث من جذوره. هناك المؤامرة الكبرى على السودان والصومال لتجزئتهما واستغلال ثرواتهما وتركيعهما، وهو ما لا يمكن عمل أي شيء لدرئها طالما أن المشروع الصهيوني الأمريكي يسرح ويمرح في كل مكان.

هناك الإقدام بجرأة وبندِّية على بناء علاقات استراتيجية واضحة مع تركيا وإيران في وجه محاولات إدماج الكيان الصهيوني في أي تكتل اقليمي.

هناك التخبط المعيب للسياسات الاقتصادية والأهداف الاستثمارية في كل الأرض العربية خصوصاً في أجواء أهوال الانهيار الاقتصادي الحالي، وهناك أخيراً قضية انتشال الجامعة العربية من محن ضعفها وتهميشها وشل أياديها.

ثانياً: الانتباه إلى أن هناك مشرقاً عربياً ومغرباً عربياً، فأن تعقد قمة عربية مصغرة تتصدى لمهمة تنقية الأجواء من دون ان يحضرها رئيس دولة عربية في المغرب، الذي يكوِّن أكثر من ثلث الأمة العربية، فهذا أمر لا يتماشى مع المصالح ولا مع منطق المساواة القومية. والواقع أنه آن الأوان للمشرق العربي أن يتوقف عن الاعتقاد بأنه هو الأمة العربية.

ثالثاً: من الضروري ان تفهم كل الأنظمة العربية، وخصوصاً أنظمة الدول الكبيرة، أن ممارسة وضع الفيتو على هذه الخطوة أو تلك هو أمر غير مقبول، ولذلك فتنقية الأجواء يجب ألا يعترضها حضور هذا الزعيم العربي أو ذاك. والأمر نفسه ينطبق على عدم اشراك الأمين العام للجامعة العربية في كل قمة مهما صغرت أو كبرت وهي المؤسسة التي يجب أن تكون أداة رأب كل تصدع في الحياة العربية.

رابعاً: إن مؤسسة القمم العربية يجب ألا تكون معنية بالدفاع عن والمحافظة على الأنظمة العربية، فهذه شؤون داخلية، ولذلك فطالما أن القادة يضعون عيناً على أنظمتهم السياسية وعيناً على المصلحة القومية فإن إمكانية النجاحات القومية الباهرة ضعيفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

شغل منصب وزير الصحة ووزير التربية والتعليم سابقاً في البحرين. متخصص في كتابة مقالات في شؤون الصحة والتربية والسياسة والثقافة. وترأس في بداية الألفين مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث. كما أنه عضو لعدد من المنظمات والمؤسسات الفكرية العربية من بينها جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"