سياسة الضم «الإسرائيلية»

02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

مستبقاً حتى الجدول الأمريكي لتنفيذ ما سمي بصفقة القرن، أعلن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، أن «إسرائيل» بدأت في رسم خرائط لتنفيذ خطتها لضم غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية المحتلة.
وفي خطاب انتخابي، في مستوطنة «معاليه أدوميم» قال أمام مناصريه «لقد بدأنا برسم الخرائط والحدود مع إدارة ترامب لتنفيذ خطوة ضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن». مضيفاً أنه لن تعترف أي دولة في العالم بسيادة «إسرائيل» في الضفة الغربية، ولن تعترف بأن القدس هي عاصمتها، بمعزل عن الأمريكيين.
وفي تصريحات نقلها المحلل السياسي للقناة 13 «الإسرائيلية»، عن السفير الأمريكي لدى «إسرائيل»، ديفيد فريدمان، فإن الإدارة الأمريكية تريد تشكيل لجنة لبحث هذه القضية مع الجانب «الإسرائيلي»، لمطابقة مناطق الضم بالخرائط التي طرحتها الإدارة الأمريكية في إطار «صفقة القرن». في حين رفض فريدمان الكشف عن الجدول الزمني الذي حددته الأطراف لتشكيل اللجنة والشروع بتطبيق الإجراءات التي أعلن عنها نتنياهو، والتي تتعلق بفرض القانون «الإسرائيلي» على غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
وتتناقض أقوال فريدمان هذه مع التصريحات التي صدرت عنه في وقت سابق، والتي تشير إلى أنه يمكن ل«إسرائيل» ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع المستوطنات على الفور أو «في أي وقت»، على حد تعبيره، مضيفاً أنه يجب على «إسرائيل» ألا تنتظر لضم المستوطنات.
ورغم ذلك الحماس الشديد الذي يبديه نتنياهو، المتسرع في قطف ثمار الصفقة الأمريكية، فإن حسابات الحقل لن تنطبق على حسابات البيدر، كما تشتهي الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» ومن ورائها الولايات المتحدة، حيث يجمع الكثير من المراقبين على أن السياسة «الإسرائيلية» المستهترة، وتجاهل الحقوق الفلسطينية، ستقود إن عاجلاً أو آجلاً إلى انفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وهو ما ذهبت إليه حتى الصحافة «الإسرائيلية» نفسها، حيث حذرت صحيفة «هآرتس» من أن خطوات الضم التي يسعى نتنياهو لاتخاذها قد تؤدي إلى تفجر مواجهات مع الفلسطينيين.
وقال المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هرئيل: «إن بعض مسؤولي الأمن «الإسرائيليين» يشعرون بالقلق الشديد من احتمال حدوث تداعيات عنيفة لمثل هذه الخطوة»، وأضاف أن الخطة الأمريكية «تفوقت على مواقف اليمين في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو».
كما يأخذ العديد من المسؤولين في «إسرائيل» على نتنياهو عدم إطلاع قادة الجيش «الإسرائيلي» على المحادثات التي أجراها مع الرئيس الأمريكي ترامب، ومستشاريه حول «صفقة القرن»، حسب المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان.
فيما تفيد تقارير أخرى بأن الجيش «الإسرائيلي» نشر كتيبة في شمال غور الأردن، تحسباً على ما يبدو لصراع على غور الأردن.
وحسب توقعات سائدة في الجيش «الإسرائيلي»، فإن «تجربة السنوات الأخيرة تدل على أنه إذا اندلعت مواجهات في المناطق (المحتلة)، فإنها ستأتي من أسفل، من الشارع، وليس بأمر من أعلى».
أمام كل ما تقدم، ورغم أنه قليل مما كشف من تداعيات خطيرة قد تنجم عن المواقف «الإسرائيلية»، يمكن القول، إن «صفقة القرن» التي تزعم الإدارة الأمريكية أنها محاولة لإنهاء الصراع، لن تكون إلا حقل ألغام كبيراً، ستنفجر ألغامه بأصحاب الصفقة قبل غيرهم.
فالشعب الفلسطيني الذي استطاع على مدى أكثر من سبعين عاماً أن يحافظ على هويته الوطنية، رغم الفارق الكبير في القوة بينه وبين المحتل «الإسرائيلي»، استطاع أن يُفشل الكثير من المؤامرات التي استهدفت قضيته المقدسة، وهو قادر الآن على إفشال المخطط الأمريكي - «الإسرائيلي» الجديد، لا سيما وسط المعارضة الشعبية العربية القوية للسياسة الأمريكية المساندة ل«إسرائيل» وانكشاف الدور الأمريكي على حقيقته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"