تصالحوا سرّاً

05:38 صباحا
قراءة دقيقتين

لا يأبه المسؤولون الفلسطينيون إلى مشاعر المواطنين الذين يئسوا وملّوا من السماع عن اتفاقات المصالحة التي باتت مكدّسة بالأدراج، فها هم يعلنون الاتفاق تلو الاتفاق من دون أن يخرج إلى العلن أي تطبيق جدي ينبئ بأن هذا الاتفاق في طريقه إلى خواتيمه السعيدة . آخر الاتفاقات كان ذلك الذي أعلن في القاهرة، وعلى أساسه سيتم التوافق على حكومة الوحدة الوطنية، وستدخل لجنة الانتخابات إلى أراضي قطاع غزة للقيام بإحصاءاتها .

الفلسطينيون استقبلوا الاتفاق بقدر كبير من السخرية واللامبالاة، ومع ذلك أبقى الإعلان على قليل من الأمل في النفوس، وخصوصاً بعد الدخول الفعلي للجنة الانتخابات إلى القطاع وبدء عملها، فباتوا يتساءلون عن إمكانية تحوّل الاتفاق الأخير إلى شيء جدي، وخصوصاً مع التصريحات الكثيرة التي كانت تشير إلى أن موعد إعلان الحكومة، والذي حدده مسؤولون من حماس وفتح في السادس من الشهر الحالي .

لكن الآمال ما لبثت أن تبخّرت مع ظهور خلافات في طريق التطبيق، خلافات كالعادة قائمة على المحاصصة في الوزارات والتعيينات والصلاحيات، ووضع الحكومة في دائرة المحاسبة أمام المجلس التشريعي من عدمه . عناوين كثيرة طيّرت المواعيد إلى آجال غير مسماه، فبعدما كان من المرتقب أن يجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي ل حماس، خالد مشعل، في القاهرة للإعلان عن الحكومة الأسبوع المقبل، تم الإعلان عن تأجيل اللقاء أسبوعين، من دون تعيين تاريخ محدّد لذلك . ورغم أن التأجيل أسند لأسباب لوجستية، إلا أن ما تسرّب عن خلافات كفيل بإيضاح الصورة المتكونة من الاتفاق الجديد، الذي يبدو أنه سيشبه نظراءه من الاتفاقات القديمة .

غريب أمر هذه الاتفاقات التي تنصب المهرجانات الإعلامية لإعلانها، وتتوالى الأخبار العاجلة لشرح تفاصيلها، لكنها تبقى حبيسة الخلافات الثنائية التي لا ناقة للشعب فيها ولا جمل . أليس من الأفضل كتمان هذه الاتفاقات إلى حين الانتهاء النهائي منها؟ أليس من الأجدى أن تبقى التفاصيل على الورق غامضة إلى أن يتم القفز فوق شياطينها التي عرقلت كل ما تم التفاهم عليه في السابق؟ أليس وقع إعلان حكومة بشكل مفاجئ أحلى على نفوس الفلسطينيين؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة هي نعم، فلتكن إذن المحادثات سرية، ولتفاجئنا المصالحة بنهايتها السعيدة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"