وفود واشنطن إلى جزر المحيط

22:08 مساء
قراءة 3 دقائق

بينوي كامبمارك *

يحرص عدد من المسؤولين على ترويج مقولة، أن سياسة واشنطن تجاه المحيط الهادئ عادت بوضوح إلى حيث ينبغي أن تكون. كل ما في الأمر أن التوجه الأمريكي يأتي ضمن استراتيجية مكافحة «الاحترار» التي تبنتها إدارة بايدن، والتي تميزت بها القمة التي جمعت دول جزر المحيط الهادئ مع الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي. يومها قال بايدن: «أمن أمريكا، بصراحة تامة، وأمن العالم، يعتمد على أمنكم وأمن جزر المحيط الهادئ. وأنا أعني ما أقول حقاً».

لم يتم ذكر الصين مرة واحدة، لكن وجودها الشبحي طارد كلمات بايدن. وقد تم الإعلان عن استراتيجية شراكة جديدة هي أول استراتيجية وطنية أمريكية مصممة لجزر المحيط الهادئ. ثم تدفقت الأموال الموعودة: حوالي 810 ملايين دولار في برامج أمريكية موسعة بما في ذلك أكثر من 130 مليون دولار استثمارات جديدة لدعم القدرة على التكيف مع المناخ، وحماية الدول من تأثير تغير المناخ وتحسين الأمن الغذائي.

 وقد شهدت جزر المحيط الهادئ أيضاً موجة من الزيارات الأخيرة. في يناير/ كانون الثاني من هذا العام، زار القائد العسكري الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال جون أكويلينو، بابوا غينيا الجديدة لتذكير مواطني بورت مورسبي الطيبين بأن عيون الولايات المتحدة تحرسهم بلطف. كانت تلك أول زيارة له، وقد أعلنت وحدة الشؤون العامة التابعة للقيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ بأنها شددت على «أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة وبابوا غينيا الجديدة» وأظهرت تصميم الولايات المتحدة على «بناء علاقات أكثر سلماً واستقراراً من منطقة المحيطين الهندي والهادئ المزدهرة».

في فبراير/شباط، ظهرت نقطة استراتيجية واضحة أخرى في مسار تلك الاستراتيجية تمثلت في إعادة فتح السفارة الأمريكية في جزر سليمان. ولم يسبق لواشنطن أن أبدت اهتمامها تجاه تلك الدولة الجزيرة منذ حوالي ثلاثة عقود (تم إغلاق السفارة في عام 1993). ولكن بعد ذلك ارتكبت بكين الذنب الذي لا يغتفر، على الأقل من وجهة نظر واشنطن، المتمثل في البحث عن النفوذ وتوسعة الهيمنة.

الآن، يجد رئيس الوزراء ماناسيه سوغافاري نفسه موضع اهتمام كبير، على الأقل حتى يفقد شعبيته في أروقة واشنطن المكيفة. لقد تحولت استراتيجيته السياسية - «أصدقاء للجميع، ولا نعادي أحداً» - إلى تعويذة. كان هذا واضحاً في بيان مايو/أيار 2022 الذي جاء فيه «ترحب حكومتي بجميع الزيارات رفيعة المستوى من شركائنا الرئيسيين في التنمية».

في الوقت الحالي، أعرب الممثل الأمريكي المؤقت، راسل كورنو، عن ارتياحه للإشارة إلى أن السفارة «ستكون بمثابة منصة رئيسية» بين واشنطن وجزر سليمان. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، أن إعادة الافتتاح «تبني على جهودنا لوضع المزيد من الموظفين الدبلوماسيين في جميع أنحاء المنطقة والمشاركة بشكل أكبر مع جيراننا في المحيط الهادئ، وربط برامج الولايات المتحدة ومواردها بالاحتياجات على أرض الواقع، وبناء العلاقات بين الشعوب». 

هذا الشهر، كان نائب مساعد رئيس الولايات المتحدة ومنسق مجلس الأمن القومي الهندي والمحيط الهادئ، كورت كامبل، مشغولاً بشكل خاص بالقيام بجولاته. لقد صارت جزر سليمان محط اهتمام خاص، نظراً لاتفاقها الأمني مع بكين. لم يكد سوغافاري يحصل على الوقت الكافي للاستراحة بعد زيارتين رفيعتي المستوى لوفدين من اليابان والصين، حتى جاء كامبل ووفده المكون من ثمانية أعضاء.

قال كامبل في حديثه إلى المراسلين في ويلينجتون: «نحن ندرك أنه يتعين علينا التغلب في بعض المجالات على قدر من عدم الثقة وعدم اليقين بشأن المتابعة». «نحن نسعى لكسب تلك الثقة ونحقق تقدماً. الكثير مما نقوم به بدأه الرئيس، لكني أريد أن أؤكد أنه جهد يحض عليه كلا الحزبين».

* باحث في كلية سيلوين، كامبريدج (يوراسيا ريفيو)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2pycrb9r

عن الكاتب

أستاذ الدراسات الاجتماعية في جامعة لندن

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"