أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
في بادرة هي الأولى في دولة الإمارات، لتعزيز الاستدامة في القطاع الزراعي، طور الدكتور سعيد الخزرجي، الباحث الإماراتي جهازاً جديداً لتوليد المياه من الهواء، بتكثيف البخار وتحويل الرطوبة النسبية الموجودة فيه إلى مياه نقية صالحة للاستخدامات المتعددة، كالشرب وري التربة والمحاصيل الزراعية، حيث يضخّ الجهاز مياهاً بدون أملاح، بالاعتماد بنسبة 100% على الطاقة النظيفة والمتجددة دون استخدام الكهرباء أو الأجهزة الميكانيكية التي تخلف ثاني أكسيد الكربون في الجو.
قال الدكتور الخزرجي، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية في «جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا» في أبوظبي: إن الجهاز المطوّر يعمل بوضعه على الأسطح المائية، حيث إنه مجهّز لحبس بخار الماء الذي يتبخّر بسبب أشعة الشمس التي تضرب الأسطح المائية.
أشار إلى أن الدورة الطبيعية للمياه مع الشمس، تتضمن سطوع الشمس على المياه، ومن ثمّ تبخيرها لتصعد إلى السماء، وتتكون على هيئة سحب، وبعدها تهطل على هيئة أمطار، ولكن عندما تهطل المياه على هيئة أمطار تحمّل بالأتربة وعوادم السيارات حتى لو بنسب ضعيفة، حيث تتحول تلك المياه إلى أمطار حمضية، قد تكون غير صالحة للشرب أو ري المحاصيل، ولكن الجهاز يختصر تلك الدورة الطبيعية في دقائق معدودة، ويضخّ مياهاً جاهزة دون عناء.
وأوضح أن الهدف من تقنية الجهاز، أن تستخدم في المزارع الطافية، ليضخ الماء ويستخدم مباشرة للزراعة. والجهاز حقق جدوى اقتصادية كبيرة في إطار الطاقة النظيفة والمتجددة.
وأكد أن المرحلة التجريبية للجهاز، تضمنت إنتاج لتر ماء، لكل متر مربع من الماء في اليوم، ولكنه مطور لينتج 5 لترات يومياً، وجار حالياً إجراء الأبحاث والدراسات التي ستمكن الجهاز من إنتاج 10 لترات يومياً لكل متر مربع من الماء.
ولفت إلى أن درجات الحرارة المرتفعة في دولة الإمارات تساعد على تكثيف المزيد من كميات المياه، على الأسطح الداخلية للجهاز، حيث يستغلها الجهاز ويعيد تدويرها.
وبيّن أن الجهاز يتكون من سطح بلاستيكي مخصص للطفوّ على الأسطح المائية، لخفة وزنه، ودائرة كبيرة تجمع المياه المتبخرة، وأنبوب لتصريفها في خزانات الجهاز المجهزة لاستقبال المياه والحفاظ عليها من التبخير، حيث إنها خطوات سهلة قد تكون في متناول الجميع يمكن أن تنتج كميات من المياه، تسهم في الأزمات المتعددة كتغير المناخ، وتقلل فواتير المزارع الباهظة، وتحافظ على الثروة المائية.
وعلى صعيد متصل بالقطاع الزراعي والاستدامة توصل الدكتور الخزرجي، إلى نتائج بحثية مبشّرة بشأن تطوير «تربة اصطناعية» تتمتع بالمكوّنات والخصائص اللازمة لنمو النباتات، وستمهد الطريق أمام القطاع الزراعي لإنتاج المزيد من المحاصيل في الدولة، وتقدم عبر الجامعة بطلب براءة اختراع لهذا المشروع الذي سيواصل تطويره.
ويناقش البحث الذي طوّره الدكتور سعيد الخزرجي، وكيفن هاليك، الباحث ضمن فريقه، طريقة إعداد التربة التي تشبه في صفاتها وخصائصها التربة الخصبة في تايلاند وأوكرانيا، حيث تمكّن المزارعين من زراعة النباتات المختلفة وفقاً لمتطلباتهم.
وقال الدكتور الخزرجي: طوّرنا طريقة جديدة تمكنّنا من صنع تربة اصطناعية بالاستفادة من الرمال المتوافر بكثرة في الدولة، إذ أعددنا التربة بأسلوب يحاكي أنواع الترب الخصبة والمعروفة عالمياً، من حيث تركيبها ومساميتها، كالتربة الموجودة في تايلاند والغنية بالرواسب الطينية، والأراضي ذات التربة السوداء في أوكرانيا التي تستخدم بشكل كبير في زراعة الحبوب وتربية المواشي.
وأوضح أن «التربة الاصطناعية» التي طوّرها أعضاء الهيئة الأكاديمية، تعكس التزام الجامعة بنهجها الذي يركز على البحوث المتعلقة بقضايا المنطقة وتسهم في تعزيز الابتكار في المجالات التي تعود بالفائدة على الدولة والعالم كافة.
وأضاف أن الدولة أنشأت أخيراً مجلس الإمارات للأمن الغذائي، للتنسيق وقيادة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي للدولة، حيث تهدف إلى تطبيق الممارسات الزراعية المرنة التي تزيد الإنتاجية، مع ضمان الحصول على أغذية آمنة وذات قيمة غذائية وبكميات كافية على مدار العام.
والدكتور الخزرجي، حاز ميدالية الشيخ محمد بن راشد للتميّز العلمي لعام 2017، وجائزة الشيخ راشد للإنجاز العلمي مرتين، عامي 2008 و2012. وفي عام 2011 جاء بالمركز الثاني في برنامج الزمالة «باير» للتميّز في الدراسات العليا، التابع لقسم هندسة علوم الجزيئات الكبيرة في جامعة «كيس ويسترن ريزيرف». ومنحته منظمة «ووتر يورب» جائزة ابتكار المياه في أوروبا العام الماضي، عن ابتكاره الجهاز لتوليد المياه بتكثيف بخارها، حيث رأت المنظمة أنه ابتكار مستدام لحل أزمة المياه التي قد تواجه مختلف دول العالم مستقبلاً.
