عادي

ياسر وباسم.. وقصة يوسف عليه السلام

22:50 مساء
قراءة 4 دقائق

قال الأستاذ ماهر قبل أن ينهي كلامه بعد أن رنَّ جرس الحصة، والتلاميذ يجلسون ويستمعون باهتمام شديد لما يقوله: سوف ندرس في الحصة القادمة بإذن الله قصة نبي الله يوسف عليه السلام، وكيف كاد له إخوته، وماذا حدث معه ووصل إليه عندما كبر.

خرج ياسر من الفصل يفكر فيما قاله الأستاذ ماهر عن قصة نبي الله يوسف عليه السلام، وكيف كاد له إخوته، وهو يقول: الحصة القادمة بعد أربعة أيام، وأنا أريد أن أعرف ما حدث في هذه القصة، كيف يكيد الإخوة لبعضهم؟ رد عليه باسم زميله: ما رأيك يا ياسر في أن نذهب إلى المسجد ونسأل الشيخ جلال عن هذه القصة ونطلب منه أن يحكيها لنا، نظر إليه ياسر وقد لمعت عيناه من الفرحة ثم قال: فكرة رائعة يا باسم، فلنذهب إليه إذن، قاطعه ياسر وقال: اعتاد الشيخ جلال أن يلقي خطبة كل يوم بعد صلاة العشاء، قال ياسر: إذن نذهب إليه قبل صلاة العشاء ونطلب منه أن يكون درس اليوم هو قصة سيدنا يوسف عليه السلام.

مرت الساعات طويلة على الصديقين حتى حان موعد صلاة العشاء، فذهبا إلى المسجد وقابلا الشيخ جلال وطلبا منه أن يكون موضوع خطبة اليوم عن قصة نبي الله يوسف عليه السلام، فقال لهما إن القصة طويلة وشرحها سيتطلب وقتًا أطول من وقت الخطبة التي يلقيها يومياً، ولكنه وعدهم أنه سيحكيها لهم بعد انتهاء الخطبة القصيرة، وإذا أراد أحد البقاء للاستماع إليها فسيكون برغبته.

انتهت صلاة العشاء، وانتهى الشيخ جلال من الخطبة القصيرة، ثم أعلن أنه سوف يحكي قصة سيدنا يوسف عليه السلام لمن يريد أن يسمعها، انصرف بعض المصلين، وبقي عدد كبير منهم ليسمعوا قصة نبي الله يوسف عليه السلام.

قال الشيخ جلال: جاء في كتاب الله تعالى في محكم آياته: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ* إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، يوسف عليه السلام هو ابن نبي الله يعقوب من زوجته راحيل ابنة خاله لابان، كان يعقوب عليه السلام يزيد من حنانه على يوسف وأخيه بنيامين، خصوصاً بعد وفاة والدتهما، ما زاد من غيرة إخوتهما منهما، وبالذات نبي الله يوسف، لأن بغضهم له كان أشد، وهو الذي جعلهم يتفقون على التخلص منه: لينتهي اهتمام أبيهم به: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ* قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}. بدأ التفكير بعد ذلك في كيفية تنفيذ هذا الأمر، وهو ما ذكرته الآية الكريمة: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ* أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ* قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ* قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ}. لم يقصدوا قتله، ولكن كان هدفهم إبعاده بإلقائه في بئر، حتى تلتقطه قافلة مارة فيأخذونه معهم ويبيعونه في البلاد المتجهين إليها، وبذلك يكونوا تخلصوا منه. ربطه إخوته بحبل وأنزلوه في البئر، ثم عادوا إلى أبيهم يبكون وقالوا له إن الذئب أكله عندما تركوه عند أمتعتهم وذهبوا ليتسابقوا.

مرت قافلة، وأرسلوا واردهم، وهو الشخص يجلب لهم الماء، فأدلى دلوه في الجب ليشرب، فتشبث به نبي الله يوسف عليه السلام، وأسره الواردون من بقية القافلة السيارة وقالوا: اشتريناه من أصحاب الماء، مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا به، وأنهم وجدوه ولم يشتروه. وباعوه إلى رئيس جند مصر أو رئيس وزرائها، فطلب من زوجته أن تكرمه، فربما ينفعهم أو يتخذونه ولداً، فعاملته كما تعامل المرأة ولدها تحنو عليه وتحبه، إذ لم يكن لها ولد.

وبدخول يوسف عليه السلام بيت العزيز بدأت مرحلة جديدة من حياته، هي بداية لما كان يدبره الله له من مكانة ومنزلة، وهذا هو التمكين في الأرض الذي أشار إليه القرآن الكريم، وكذلك علمه الله من تأويل الأحاديث أي الأحلام، ولما بلغ أشده، آتاه الله حكمة وتفقهاً في الأمور.

مرت السنوات، ويوسف عليه السلام يتفانى في خدمة سيّده، فيزداد تقديره له، وفي خدمة زوجته أيضاً فتزداد إعجاباً به. وكبر يوسف، واكتمل شبابه، ولم يعد ذلك الطفل الذي تحبه حب الأم لولدها، بل أصبحت تنظر إليه نظرة جديدة، هي كأنثى وهو كرجل، وتسلل هذا الشعور الجديد إلى نفسها، وازداد شيئاً فشيئاً، كما قالت الآية الكريمة: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}. كان رد يوسف عليه السلام على هذه الدعوة الغريبة، والتي تهيأت لها كل الظروف لإتمامها لو لم يكن هو الصديق يوسف عليه السلام، فاستعاذ بالله، من ذلك الموقف الرهيب الذي يقف فيه. ونستكمل باقي القصة غدًا بإذن الله. فوجئ ياسر وباسم بأن الشيخ جلال لم يكمل الخطبة، فذهبا إليه يسألانه عن سبب عدم استكمال القصة، فاعتذر لهما بشدة لأنه تذكر موعدًا مهمّاً جدًا وللأسف لا يستطيع التأخر عنه، وقال لهم: سامحوني يا أبنائي، وسأستكمل باقي القصة غداً بإذن الله، شكره الصديقان وقالا له إنهما سيكونان في انتظاره في الموعد الذي حدده في شوق شديد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yr9ununp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"