عادي

الرحمة مفتاح القلوب

22:50 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

قال تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» (آل عمران 159). والإسلام دين العقل والتسامح والمحبة، وبساطته ووضوحه يجعله في القمة العالية بين الأديان، خاصة أنه جعل الحرية التامة للفرد في اعتناقه دون إكراه أو إجبار، فذا قوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين»، وكذلك قوله تعالى: «لا إكراه في الدين»، ومنها قوله: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (يونس 99)، مع امتلاك هذا المنهج القوي من أساليب الإقناع، الذي يخاطب العقول والأرواح قبل الأبدان، والذي يحرك الفطرة الإنسانية والشعور العميق داخل الإنسان، الذي كان بالأمس من أسباب انتشار الإسلام في العالم بسرعة كبيرة ومذهلة.

إن الرحمة صفة من صفات الله تعالى، التي وصف بها نفسه كثيراً في القرآن العظيم، في نحو مئتي آية، فضلاً عن تصدّر كل سورة بصفتي الرحمن الرحيم، وذلك في البسملة التي هي آية من كل سورة عدا سورة براءة؛ وذلك للدلالة على مبلغ رحمته العظيمة، وشمولها العام بعباده ومخلوقاته.

قال تعالى: «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ» (الأعراف 156 157). وقال تعالى على لسان ملائكته الكرام: «رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ» (غافر: 7). وقال تعالى - تعليماً للنبي صلى الله عليه وسلم - بأنْ يقول للمشركين إنْ هم كذبوه: «رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ» (الأنعام 147). تُرى ما سبب تأخر المسلمين في نشر معالم دينهم؟ بل ربما عدم التأثير في المتلقين بالشكل المطلوب، أو أحياناً عدم التأثير نهائياً؟

فرانسيسكو بايللي - الإيطالي الذي اعتنق الدين الإسلامي- يقول: «إن الفطرة الإسلامية مبثوثة بطبيعة الحال في نفوس كثير من الأوروبيين، على غير علم منهم بأن ما يشعرون به هو عين المبادئ التي قررها الإسلام. ولو جاءهم الدعاة ووضعوا بين أيديهم الحقائق الإسلامية باللغات الأوروبية، والأساليب التي يأنس الأوروبيون بها؛ لتحوّل هؤلاء جميعاً إلى هذه الدعوة، يجاهدون في سبيلها، ويفتحون الفتوح لهدايتها».

ويعتبر الإقناع ركيزة مهمة من ركائز العمل الإعلامي، الذي يهدف إلى التأثير في تكوين الرأي العام، وتغيير المعتقد والموقف والسلوك؛ فإذا استطعنا تغيير معتقد إنسان ما، تجاه قضية معينة أو تنظيم أو شخص محدد، نستطيع عندها أن نغير موقفه، ومن ثم سلوكه؛ لتصب تصرفاته في الهدف الذي رسمنا له. وهذا ما يزيد من أهمية معرفة الأساليب والطرق التي تؤدي إلى الإقناع، فهي ضرورية لكل العاملين في الحقول الإعلامية والسياسية والاجتماعية والدينية والإعلانية والتسويقية وغيرها، ممن يقصدون استمالة الجماهير واستقطابها،؛ إذاً لا يمكننا أن نُكره أي إنسان على اتخاذ موقف ما، أو أن يتصرف بطريقة معينة؛ لأنه مجبول بطبعه على رفض الإجبار والتمرد عليه.

ما أحرانا أن ندعو إلى هذا الدين العظيم، ونستجيب لدعوة نبينا صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pkpaz4u

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"