محمد رمضان...«شهريار» الضجيج

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف تعلم إن كان ما يروج له البعض صائباً وإذا كانت المشاهد التي يتم تصديرها لنا عن «الشعبية» الضخمة لمسلسل ما ونجم ما واقعية ويمكن التصفيق لها أم لا؟ وهل كل صوت عالٍ هو صوت الحق أم قد يكون صوت جعجعة وضجيج في حين أن المضمون فراغ أو أسوأ؟ 
لا يمكن لأحد أن ينكر أن لمحمد رمضان شعبيةً وجمهوراً يحب مشاهدته على المقاهي، وللكاتب والمخرج محمد سامي نصيب من هذه الشعبية ونفس نوعية الجمهور، كما لا يمكن لأحد أن ينكر أن كلاً من رمضان وسامي يجيدان تسويق أعمالهما وتلميع صورتيهما كي يبقى كل ما يقدمانه «نمبر وان»، إنما أن يصدّر لنا البعض أن مسلسل «جعفر العمدة» هو أفضل ما قدمته الدراما المصرية هذا العام أو في رمضان فهذه مبالغة لا يمكن تجاوزها، خصوصاً وأننا نتحدث عن موسم ثري بأعمال فيها الممتاز والجيد، وعن أداء عالٍ جداً لممثلين وممثلات صف أول وثانٍ وثالث، وقضايا دسمة ما زالت أصداؤها تتردد، وإبداع في الإخراج... ويكفي أن نقول لدينا «تحت الوصاية»، ومسلسلات تصدت لقضايا المرأة بشكل مشرّف في حين أن «جعفر العمدة» أهانها بشكل واضح. 
جعفر العمدة بطل يحب أن يتزوج أكثر من امرأة، لا يعدل بينهن، تزوج الأولى وهو يعلم أنها «نشالة» تسرق أي شيء وكل شيء، ورغم ذلك يصورها لنا محمد سامي بأنها «أطيب» نساء جعفر، زوجته الثانية حب الطفولة والمفضلة هي ابنة عدوه وخبيثة بل مجرمة، والثالثة تؤمن بالأعمال السفلية والدجل، ثم يتزوج الرابعة صفقة، يساومها حين تأتي لطلب مبلغ سلفة كي تخرج والدها من السجن فيستغل ضعفها ويفرض عليها الزواج مقابل المال! وجعفر يقرض الناس الأموال مع فوائد يحددها بنفسه، وهو حكيم حي السيدة زينب العادل المنصف والبلطجي الذي لا يتوانى عن ضرب أيٍّ من كان، حتى الشاب سيف صفعه على وجهه لمجرد سوء تقديره لمكانة جعفر العمدة ونيته تقديم مبلغ مالي له لقاء تخليص معاملات له في الجمارك! ما هذه التركيبة العجيبة؟ 
كل النساء في المسلسل نماذج سلبية غير مشرّفة؛ واحدة لصة، وأخرى دجالة، وثالثة خائنة، ورابعة استغلالية... حتى الأم «صفصف»، وزوجة الأخ، والأخت... أما جعفر فهو شهريار العصر الحديث؛ يحدد لزوجاته مكان إقامتهن تحت، ويختار في كل ليلة من تأتي إلى مملكته (شقته في الطابق الأخير من المبنى)، وكلهن يعشقنه ويفعلن المستحيل لإرضائه. 
دائماً يبحث محمد رمضان لنفسه عن مساحة يبدو فيها ابن المناطق الشعبية المظلوم أو الباحث عن حقه والمفتول العضلات الذي يقاتل عاري الصدر، ولا مشكلة إذا خرج إلى الشارع بالملابس الداخلية فقط، المهم أن يلعب دور أحمد رمزي الفتوة الفاتن، مع فارق كبير في مستوى شياكة وأدب وأخلاق ورُقي أحمد رمزي والبلطجة التي يمارسها محمد رمضان حتى في اختيار الأدوار وأسلوب الأداء.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8rhdan

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"