بالإجبار والإكراه

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يبقى للاحتفال معنى إذا غاب الرمز وتلاشت القيم وتهدمت ركائز بناء الأسرة؟ بماذا ولماذا يحتفل العالم بعيد الأب الآتي أصلاً من الغرب، والغرب اليوم يشن حرباً شرسة على هذا الكيان المقدس ويحطم صورة الأب ويلغي معنى وجوده الحقيقي والطبيعي؟ لماذا يتمسكون بالشكليات ويشغلون الناس بالمظاهر والاحتفالات والقلوب والورود الحمراء بينما هم يتعمدون هدم الجوهر؟ 
غداً نحتفل بيوم الأب، مع بداية فصل الصيف، لكن المناسبة هذه السنة تأتي في وقت يجرفنا فيه الغرب بالإجبار والإكراه للاعتراف والتوقيع على قرار هدم العائلة. رغماً عنا يفرضون شرعية زواج المثليين، وتعليم الأطفال أن الله لم يخلقنا إناثاً وذكوراً، بل كل طفل له حق اختيار الجنس الذي يريده، وأن كلمتهم فوق كلمة الله، وانحرافهم هو الطريق الوحيد نحو المستقبل! 
الهجمة ليست جديدة لكن الصوت صار أعلى، والجرأة على فرض قوانين هذه الفئة من البشر على جميع الناس وفي المدارس واعتراف الدول بانتمائها رسمياً لهم، ما هو إلا بداية موسم حصاد الفوضى والخطط التي وضعوها منذ سنين لتفتيت الاستقرار والقضاء على ما تبقى من قيم وموروث المبادئ والأخلاق، ليتحول العالم إلى غابة بل أسوأ. 
من المستفيد من هذه الفوضى؟ من المستفيد من انهيار القيم والتجاوز على كل تعاليم الله وكل الديانات، من المستفيد من تشويه الإنسان والخلق أجمعين؟ من المستفيد من هدم مفهوم العائلة، لا الأب أب ولا الأم أم، والأطفال مجرد اتفاقيات تثمر في المختبرات أطفالاً غير أسوياء؟ من المستفيد من القضاء على منظومة الحياة الأسرية السليمة وبناء مستقبل، بل القضاء على الأجيال القادمة؟ هل هو حل لمنع تزايد أعداد السكان على الأرض فيحلون أزمة بكارثة أكبر وأعظم؟
حزينة على رحيلك يا أبي، فالعيد في غيابك هذا العام مر، لكنني سعيدة أنك لم تر ما يحصل اليوم وإلى أين وصلنا سريعاً، وكيف صارت الحرية التي يتسلح بها الغرب سلاحاً يرفعونه في وجه كل من يعترض على الشذوذ، ومن يرفض تعليم ابنه وابنته تقبل هذا الانحراف، ومن يفرح بأننا نعيش في الشرق لا في الغرب حيث مازال للدين والقيم والتربية والأخلاق قيمة وأهمية وأولوية، عليه أن يحذر من الطوفان الآتي، لأن بعده عنا لن يدوم طويلاً، والشاطر من يتسلح فعلياً بإيمانه ودينه وتعاليمه ليحمي نفسه وأبناءه وربما أحفاده.. على أمل أن نجد تحركاً قوياً في عالمنا العربي على الأقل يتصدى وبجرأة لهذه الأصوات الشاذة. 
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4apdwszw

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"