القمح ورغيف الخبز

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يكن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود مفاجئاً، لأن بوتين أعلن قبل أيام أنه إذا لم تتم إزالة العوائق أمام الاتفاق، فإن بلاده سوف تنسحب منه. وهكذا، فإن موسكو التي كانت وافقت في شهر مايو /أيار الماضي على تمديد الاتفاق لثلاثة أشهر شرط تنفيذ الجزء الثاني منه، قد وضعت العالم أمام واقع جديد طالما تم التحذير من تداعياته، لأنه يمس حياة ملايين البشر لناحية تأمين خبزهم اليومي.

 الاتفاق أبرم بين روسيا وأوكرانيا برعاية أممية وتركية العام الماضي بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، من أجل مواصلة إمداد العالم بالقمح والحبوب الأخرى والأسمدة عبر البحر الأسود، لتفادي وقوع كارثة غذاء عالمية، باعتبار أن أوكرانيا وروسيا من بين أكبر الدول تصديراً للحبوب، إذ إن روسيا تصدر نحو 37.3 مليون طن قمح سنوياً، إضافة إلى الأسمدة، فيما تصدر أوكرانيا 7 ملايين طن من القمح و10ملايين طن من الذرة.

 روسيا لم تغلق الباب أمام العودة إلى الاتفاق، إذ أعلن ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن روسيا ستعود إلى تنفيذ الاتفاق بعد استيفاء الجزء الروسي منه، والمتعلق بإلغاء الحظر على الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة، وإعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام (سويفت) العالمي، واستئناف توريد الآلات الزراعية وقطع الغيار، وترميم خط أنابيب الأمونيا (تولياتي أوديسا )، وعدد من الإجراءات الأخرى. إضافة إلى ذلك، فإن موسكو أبلغت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة بانتهاء العمل باتفاقية الحبوب، و«سحب الضمانات المتعلقة بسلامة الملاحة».

 الولايات المتحدة نددت بالقرار الروسي و«استخدام القمح كسلاح»، وكأنها لا تلجأ إلى العقوبات الاقتصادية والحصار ضد كل من يعارض سياساتها.

 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اقترح على موسكو أن تسمح باستمرار اتفاق الحبوب بضعة أشهر أخرى، لمنح الاتحاد الأوروبي الوقت لإعادة ربط البنك الزراعي الروسي بنظام «سويفت»، لكن روسيا ترى أن إعادة ربط البنك بنظام «سويفت»، لا يحتاج إلى وقت إذا كانت أوروبا جادة في تسوية القضية. 

مع القرار الروسي بوقف العمل بالاتفاق وسحب ضمانات سلامة الملاحة، لن تستطيع السفن نقل شحنات القمح الأوكراني عبر البحر الأسود من دون موافقة روسيا، كما أن عملية نقل القمح براً مكلفة جداً وطويلة، عدا عن عدم وجود وسائل نقل كافية. 

 إذا ما طال أمد تمسك روسيا بقرار عدم العمل بالاتفاق بانتظار تنفيذ شروطها، فإن دول العالم؛ وخصوصا الفقيرة سوف تواجه أزمة غذائية حادة. فهناك 400 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم يعتمدون على القمح الأوكراني وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، كما أن هناك دولاً لن تستطيع توفير ما يكفيها من قمح من أجل الخبز، بعدما بدأت أسعار القمح في الارتفاع منذ لحظة إعلان القرار الروسي.

 هناك مخاوف حقيقية من حدوث مجاعة في الدول الفقيرة في إفريقيا والشرق الأوسط، وسط قلق متنام حيال نفاد الوقت أمام إبعاد شبح المجاعة، إذا لم تتم تلبية شروط روسيا قريباً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4u8f7uaz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"