عادي

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون ﴾

22:41 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

في الكون آيات كثيرة تدل على عظمة الله وقدرته، وكلما تلونا القرآن الكريم، وجدنا ربنا يدعونا إلى التأمل والتفكر في قدرته؛ لأن الإنسان مهما كان معانداً لوجود الخالق، جلّ وعلا، فإنه حينما يقرأ كتاب الله، تعالى، الذي يدعو إلى التأمل في خلق الكون وما فيه من عجائب القدرة، ثم حينما يقلّب نظره في السماوات والأرض، ويجد أن ما فيها مطابق لما قرأه في القرآن، فإنه لا محالة سيذعن إلى أن هذا الكون لا بد له من خالق، والخالق لهذا الكون هو الله، تعالى، إذ إن ما دونه زعموا أنهم آلهة، فأفناهم الله، وأذهب ما كانوا يدعون.

حينما يستمر الإنسان بالمعاندة، ونكران وجود الخالق، فإن الله يدعوه إلى أن يتفكر في أقرب شيء له؛ وهو نفسه، هذه النفس الإنسانية المكونة من روح وجسد، والتي عجز العلم عن أن يأتي بمثلها؛ بمعنى أن يأتي من العدم بإنسان ويخلقه بنفس الهيئة التي خلقه الله عليها، يقول ربنا في كتابه الكريم «وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُون» (الذاريات:21)، أي هي دعوة من الله إلى أن نتفكر في أنفسنا، كيف خلقنا الله من العدم، ثم جلعنا أطواراً من نطفة فعلقة فمضغة مخلقة وغير مخلقة ثم عظاماً ثم كُسيت العظام لحماً، دعوة إلى التأمل في موضع كل عضو، فتخيل لو أن العينين كانتا في أعلى الرأس، كيف سيسير الإنسان؟ كيف سيبصر الأشياء؟ تخيل لو أن الفم مكان العينين كيف سيستطيع الإنسان إيصال الطعام إلى فمه من دون أن ينحرف يميناً وشمالاً؟ هذا في الأمور الظاهرة فقط، فكيف لو درسنا تركيب المخ وما يحتويه من عجائب قدرة الله؟ وكيف لو تعرفنا إلى التركيب الداخلي لخلايا الدم وعددها وما فيها من عجيب قدرة الله؟

آيات الله في خلق الإنسان عظيمة؛ بل إنها وحدها كافية للوصول إلى الإيمان بالله، تعالى، ويكفي الإنسان أن يُعمل عقله قليلاً، ليدرك أن هناك خالقاً أوجده، وبث فيه هذه الروح، والخالق هو الله؛ إذ إن كل من ادعى الألوهية أفناه الله، وبقي هو وحده ذو الجلال والإكرام. ومن المهم ألا يبقى العبد في طور التأمل فقط؛ بل أن يأخذ هذا التأمل سبباً للامتثال لأوامر الله، طمعاً في مرضاته أولاً، فإن رضي الله عن العبد وأحبه، ألقى محبته وقبوله في قلوب الخلق.

«وفي أنفسكم أفلا تبصرون» دعوة من الله لنا جميعاً إلى أن نتفكر في قدرته، أن نتفكر في كل آية في النفس الإنسانية، هذه النفس التي قيل فيها: «وَتَحْسَبُ أنَّكَ جُرْمٌ صَغِيرٌ، وفيك انطَوَى العالمُ الأكبر»، ما أعظم الله الخالق الذي على الرغم من عظمته، فإنه يدعو عباده إلى اتخاذ العقل سبيلاً للوصول إلى الإيمان به، ويطلب إليهم وهو القادر عليهم، أن يأتوا ببرهان على صحة ادعائهم أياً كان هذا الادعاء «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» (البقرة: 111). فسبحانه من إله خالق عظيم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpuwp66j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"