عادي

الانقلابات تُعرقل القتال ضدّ المتطرفين في الساحل

19:54 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس - أ ف ب

بعد مالي وبوركينا فاسو، باتت النيجر هي الأخرى، بعد عزل الرئيس محمد بازوم، في قبضة نظام عسكري يمكن أن يعرقل القتال ضدّ الجماعات الإرهابية المسلّحة في منطقة الساحل.

ويأتي ذلك فيما لا يزال بازوم محتجزاً لدى قوات الجنرال عبد الرحمن تياني، قائد الحرس الرئاسي، الذي أعلن ترؤسه ل«المجلس الوطني لحماية الوطن».

وفي مواجهة تقدّم الإرهابيين، تمكّنت المجالس العسكرية من تحقيق الأسبقية على النُظم الديمقراطية التي يعتبرها جزء من سكان منطقة الساحل غير فعّالة وفاسدة. وفي هذا الإطار، أعلن العسكريون الذين استولوا على السلطة في النيجر عن توجّه استراتيجي جديد.

وقال الجنرال تياني في خطابه الأول، الذي تلاه الخميس عبر التلفزيون الوطني، إنّ «النهج الأمني الحالي لم يسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب النيجر».

وكانت النيجر ورئيسها المنتخب، والتي تعدّ الحليف الرئيسي للدول الغربية في منطقة الساحل، حتى وقت قريب استثناءً بين مجموعة دول منطقة الساحل التي قوّضها عنف الجماعات المسلّحة وتوجهت نحو روسيا.

وكان المجلس العسكري في مالي لجأ إلى مجموعة «فاغنر» المسلّحة لمحاربة الجماعات المسلحة، قبل أن يطلب مغادرة القوات الفرنسية بلاده في العام 2022. واختارت السلطات في واغادوغو تعبئة المواطنين المسلّحين، كما طالبت بانسحاب القوات الفرنسية من البلاد.

من جهته، اختار بازوم الإبقاء على وجود 1500 جندي فرنسي على أراضيه، معرضاً نفسه لتبعات القطيعة بين باريس والمجالس العسكرية في الساحل.

- تعاون

ويقول إبراهيم إبراهيم الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ هذه المجالس العسكرية تميل «بطبيعة الحال إلى تحميل المسؤولية عن التدهور الأمني لحلفاء الأنظمة التي أطاحوا بها»، مضيفاً أنّ «هذه الانقلابات تحظى بدعم سكان عبَّروا عن موقف عدائي تجاه الوجود الفرنسي، أو الغربي في منطقة الساحل».

وفي هذا السياق، فضّل الجنرال تياني في خطابه الأول التواصل مع نظرائه في منطقة الساحل، مشكّكاً في «معنى ونطاق النهج الأمني لمكافحة الإرهاب الذي يستبعد أي تعاون حقيقي مع بوركينا فاسو ومالي» في المنطقة المعروفة باسم الحدود الثلاثة.

وبسبب التوترات الدبلوماسية، لا يمكن لجيش النيجر وجيش فرنسا العمل بحرية ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي الذي ينفّذ هجمات على أراضي النيجر انطلاقاً من مالي.

وتقول تاتيانا سميرنوفا الباحثة في مجال حلّ النزاعات في مركز الأبحاث الكندي: «لا يمكن حل الأزمة من دون التعاون مع مالي بطريقة أو بأخرى». من جهته، يقول إبراهيم إبراهيم: «يمكننا توقّع تحسّن العلاقات، وزيادة التعاون بين الدول المجاورة».

غير أنّ التوقّعات تبدو أكثر قتامة بالنسبة إلى الشركاء الغربيين، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق المساعدات المالية والتعاون في المجال الأمني.

ويمكن للعقوبات الدولية أن تطال النظام، كما هي الحال في مالي المجاورة. ووفقاً للمحلّلين، فإنّ مغادرة القوات الفرنسية والأمريكية ستترك فراغاً في المنطقة المضطربة.

- «إرهابيون»

ويقول ألان أنتيل الباحث في «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية»، إنّ النيجر «تحدُّها الفوضى الليبية، ونيجيريا لديها بوكو حرام، وتنظيم «داعش» في غرب إفريقيا، كما أنّ شمال بنين يعاني عنف المجموعات الإرهابية، والأمر يسري على مالي وبوركينا فاسو». ويضيف أنّ النيجر كانت «قطباً للاستقرار على الرغم من المشاكل الأمنية في المنطقة».

من جهة أخرى، تشهد النيجر تدفّقاً للاجئين من مالي ونيجيريا. وقدّر عددهم بنحو 255 ألفاً في العام 2022 من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكان بازوم يجسّد نموذجاً للتعاون الأمني بالنسبة إلى الدول الديمقراطية الغربية وللمانحين. وكانت حكومته تنفّذ برامج مموّلة من شركاء دوليين، غير أنّ مستقبلها بات معلّقاً في ظلّ التطوّرات التي تشهدها البلاد.

وخلافاً للسلطة المدنية التي وافقت على الحوار مع بعض قادة الجماعات المسلّحة، استنكر الجنرال تياني «الإفراج بدون أمر قضائي» عن «قادة إرهابيين» من نظام بازوم.

وفي مالي وبوركينا فاسو، اختار المجلس العسكري الحاكم استراتيجية هجومية قاسية ضدّ الجماعات المسلحة، شابتها اتهامات بارتكاب انتهاكات متكرّرة ضدّ السكان.

وفي هذا السياق، تحذّر تاتيانا سميرنوفا من أنّ «المدنيين هم مَن يدفعون الثمن الباهظ لمثل هذه الاستراتيجية، وهذا يساهم في زعزعة الاستقرار، ويمكن أن يغذّي التوترات بين المجتمعات وداخلها».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hpf3uht

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"